يحاول عمر البشير، بدفع من القاهرة، بذل ما يستطيع من أجل دفع اتهامات المحكمة الجنائية الدولية عنه. وقد أعلن أخيراً وقف إطلاق نار بين القوات الحكومية والفصائل في دارفور، التي ردّت بأنها لن تلتزم «مجاناً»
القاهرة ـ خالد محمود رمضان
أعلن الرئيس السوداني عمر البشير فجأة، أمس، وقفاً «فورياً وغير مشروط» لإطلاق النار في منطقة دارفور غرب البلاد، وذلك بُعيد زيارة الرئيس المصري حسني مبارك للسودان لدفع نظيره السوداني إلى اتخاذ مواقف أكثر مرونة لتفادي الحملة الدولية لاعتقاله.
واشترط البشير لوقف إطلاق النار بين القوات المسلحة السودانية والفصائل المقاتلة تنفيذ آلية مراقبة فعالة ومتابعتها من قبل جميع الأطراف المعنية. كما أوصى منتدى مبادرة أهل السودان، وهو منتدى يضم شخصيات حكومية وشخصيات معارضة، بوقف إطلاق النار. ودعا البشير إلى إطلاق حملة فورية لنزع سلاح الميليشيات وحصر استخدامه بالقوات المسلّحة، في إشارة إلى ميليشيات الجنجويد العربية الموالية للحكومة. وأكد التزام التفاوض للتوصل إلى حلول سلمية تضمن إنهاء النزاعات. كذلك أعلن «الموافقة على مبدأ التعويضات الجماعية والفردية للمتضررين، على أن تقوم الجهات المختصة بحصر دقيق للنازحين وتصنيفهم».
لكن في المقابل، رأت حركة «العدل والمساواة»، وهي أحد الفصائل المتمردة الرئيسية في دارفور، أن وقف إطلاق النار الذي أعلنته الحكومة ليس جدّياً، وتوعدت بمواصلة القتال إلى أن يتحقق توزيع عادل للسلطة والثروة.
وقال نائب القائد العام للحركة، سليمان صندل، «نحن لن نوقف إطلاق النار إلا بعد الوصول إلى اتفاق إطار يضمن الحقوق الأساسية للحركة»، مضيفاً «لا يمكن أن نوقف إطلاق النار مجاناً».
وهنّأ الوسيط الدولي في دارفور، جبريل باسوليه، السودان على البدء بحوار «مشكور»، من شأنه إعطاء «دفع جديد» للمفاوضات. وقال، من الخرطوم، إن «النهاية الفعلية للأعمال الحربية ستمثّل دليلاً صادقاً من جانب أطراف النزاع على نيّتهم إجراء حوار».
وتبذل القاهرة جهوداً حثيثة من أجل قضية اتهامات المحكمة الجنائية الدولية للبشير بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وقد دفعت البشير لاتخاذ قرار وقف إطلاق النار، حسبما أفادت مصادر مصرية أوضحت لـ«الأخبار» أن القاهرة كانت على علم بفحوى قرار البشير، مشيرة إلى أن «المساعي المصرية كانت واضحة في مطالبة الرئيس السوداني بانتهاج مواقف أكثر هدوءاً في التعامل مع مشكلة التمرّد «التي يشهدها الإقليم المضطرب. ولفتت المصادر إلى أنّ «ثمة تحركات دبلوماسية وسياسية مكثّفة تقوم بها مصر بالتعاون مع ليبيا لإقناع أبرز حركات التمرد بإعادة المفاوضات مع الخرطوم لإيجاد تسوية سلمية ومقبولة».
وكان وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، قد شدّد، أول من أمس، على أنّ مصر تعمل على محورين لحل الأزمة السودانية من خلال السعي إلى تحقيق المصالحة الوطنية وتأجيل أي اتهامات من قبل المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير.