strong>مخاوف من إعلان غزّة «قطاعاً متمرداً» واجتماع وشيك للوزراء العرب يبحث المصالحة الفلسطينيّةبات الحوار الفلسطيني في مرحلة موت سريري، إن لم يكن قد مات فعلاً، ومحاولات الإنعاش التي تقوم بها أطراف عربية وداخلية لا يبدو أنها ستؤتي نتائج، في ظل تصاعد حال التوتر بين الطرفين المتنازعين مع ازدياد حالات الاعتقال السياسي في الضفة الغربية

رام الله ــ أحمد شاكر
وضعت «حماس»، أمس، شرطاً أساسيّاً لاستئناف الحوار الفلسطيني، الذي أرجئ مطلع الأسبوع الجاري، مطالبة بإطلاق 616 معتقلاً في الضفة الغربيّة، حيث ردت السلطة باعتقال مسؤول رفيع المستوى من الحركة الإسلامية التي سارعت إلى التهديد بـ«رد حازم»، في وقت حدّدت فيه الجامعة العربية موعداً لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث المصالحة الفلسطينية وعملية السلام.
وذكرت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» أن دولاً عربية تدخلت للاستماع إلى وجهتي نظر «حماس» و«فتح» في المشاكل العالقة بينهما. وستسعى هذه الدول إلى التشاور في ما بينها ومن ثم القيام بمحاولة جدية جديدة لإنهاء الانقسام. وبينت المصادر أن «جهوداً داخلية من مستقلين وحركة الجهاد الإسلامي تبذل أيضاً مساعي في محاولة لتقريب وجهات النظر وتذليل العقبات التي تعوق تقدم أي حوار متوقع».
وأشارت المصادر إلى أن «الجهود الداخلية للإصلاح صعبة للغاية في ظل الحرب الإعلامية الشرسة التي تخوضها حماس وفتح وتبادل الاتهامات». وأوضحت المصادر أن «أحد أهم بنود المطالبات الفلسطينية من مصر هو تغيير مسودة المصالحة وتكييفها مع الآراء الفلسطينية المتضاربة»، مشيرة إلى أن «العرب لم يبذلوا جهوداً كافية منذ البداية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وهم مسؤولون عن تفاقم الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة».
ويخشى الفلسطينيون من تحركات لدى بعض قيادات السلطة في رام الله للضغط على الرئيس محمود عباس من أجل إعلان قطاع غزة إقليماً متمرداً وحظر حركة «حماس» رسمياً في الضفة الغربية.
في هذا الوقت، اتهمت حركة «حماس» الأجهزة الأمنية في الضفة باعتقال القيادي في الحركة وعضو وفدها لحوار القاهرة المؤجل، رأفت ناصيف، بعد مداهمة منزله في طولكرم.
وأكد المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، أن جهاز الأمن الوقائي أقدم على اعتقال القيادي ناصيف بعد مداهمة منزله، معتبراً ذلك «تعبيراً عن الانحدار الأخلاقي والأمني الذي وصلت إليه السلطة في رام الله». ورأى أن الاعتقال هو «نوع من الهروب إلى الأدنى من قبل (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس وقطع لخطوط الحوار في محاولة لإظهار ولائه للاحتلال». وحذّر من التداعيات الخطيرة لهذا الاعتقال، مطالباً مصر بالتدخل السريع من أجل الإفراج عن ناصيف. وأضاف «سيكون لنا موقف حازم وقوي ينسجم مع حقنا في حماية أبنائنا وكوادرنا ودفاعنا عن المشروع الوطني».
وكان المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لـ«حماس»، صلاح البردويل، قد أعلن، في مؤتمر صحافي في غزة أمس، أن الحركة «ستذهب فوراً إلى حوار القاهرة إذا أطلق سراح المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية وسمح لوفد الحركة هناك بالسفر».
وقال البردويل إن «هناك 616 من كوادر وعناصر وأنصار حماس معتقلون في سجون الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية». وأضاف «سنقدم للإعلام ولكل الجهات المسؤولة قائمة بأسماء مئات المعتقلين السياسيين، وسنقدم مع هذه الأسماء تصنيفاً بأماكن سكنهم، وطبيعة مواقعهم الوظيفية والاجتماعية والسياسية والوطنية ليكتشف الجميع حجم التزوير الذي تمارسه سلطة رام الله». ورأى أن ما يجري في الضفة هو «خطة إسرائيلية أميركية يتم تنفيذها بأيدي أجهزة الرئيس عباس المدربة والمموّلة إسرائيلياً وأميركياً».
وطالب البردويل حركة «فتح» في قطاع غزة وفي الضفة الغربية بتوضيح موقفها من الاعتقالات السياسية، معتبراً أن «صمتها يعني رضاها عما يحدث، وهذا سيكون زجاً لتاريخها في أتون التعاون مع الاحتلال وشطباً لنضال كل الشرفاء ودماء كل الشهداء الذين سقطوا من أجل تحرير الوطن».
إلى ذلك، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أمس، أن اجتماعاً طارئاً لوزراء الخارجية العرب سيعقد في 26 من الشهر الجاري لتقويم جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية والموقف من عملية السلام في الشرق الأوسط.
وكان موسى قد هدّد عقب انتهاء اجتماعات مجلس الجامعة في دورته العادية الـ130 التي عقدت في أيلول الماضي، بفرض عقوبات على الطرف المعطل لجهود المصالحة.
إلا أن مدير مكتب موسى، هشام يوسف، قال أمس إن «العقوبات على الطرف المعطّل لن تحلّ المشكلة بل ستزيدها تعقيداً»، وهو ما اعتبره مراقبون تراجعاً عن موقف الجامعة القائل بعقاب الطرف المعطل.