مع الكشف عن تصديق وزير الدفاع إيهود باراك على مخططات استيطانية في الضفة الغربية، عمدت وسائل الإعلام العبريّة إلى تبريرها بمخاوف من تمرّد في جيش الاحتلال، باعتبار غالبية أفراده من المستوطنين
علي حيدر
يتجاوز الإعراض الرسمي الإسرائيلي عن مواجهة المستوطنين الاعتبارات السياسية، الى الخوف من حدوث شروخ حقيقية في جيش الاحتلال، وامتناع المستوطنين عن الخدمة فيه والاضطرار في أعقاب ذلك الى البحث عمن «سيقاتل حزب الله وحماس».
وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن وزير الدفاع الاسرائيلي، إيهود باراك، صدق في الاشهر الاخيرة على عشرات مخططات البناء في مستوطنات الضفة الغربية، بالاضافة الى تسويق مئات الوحدات السكنية. ولفتت إلى أن هذا القرار يتناقض مع التعهدات الاسرائيلية الواردة في «خريطة الطريق»، وخصوصاً أن التصديقات شملت مستوطنات تقع شرقي جدار الفصل، أي خارج المناطق التي تصفها الحكومة بأنها «الكتل الاستيطانية» التي ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية حتى بعد التسوية الدائمة مع الفلسطينيين.
وأضافت «هآرتس» أنه في شهر كانون الثاني الماضي، أمر باراك بأن تُطرح عليه للتصديق كل خطة بناء في الضفة، وأنه منذ شهر نيسان الماضي، صدّق على عدد من المشاريع تتضمّن تسويق ما لا يقل عن 400 وحدة سكنية وقطع أراض، بينها نحو 315 وحدة سكنية و32 قطعة أرض ومركزاً تجارياً في بيتار عيليت؛ و48 وحدة سكنية و 19 قطعة أرض في اريئيل؛ و 40 وحدة سكنية ومركزاً تجارياً في افرات، كما صدّق على بناء نحو 60 وحدة سكنية في حي سانسانا، الذي يبعد بضعة كيلومترات عن المستوطنة الأم، «اشكلوت»، جنوب جبل الخليل.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن باراك دفع ثمناً كبيراً ازاء السياسة التي اعتمدها في مواجهة البؤر الاستيطانية والمستوطنين في الضفة، تمثّل بانفضاض جمهور اليسار المصوِّت لحزب «العمل» عنه، لأنه توقع منه نهجاً أكثر حزماً في هذا المجال، وخصوصاً أن البؤر الاستيطانية تعد بنظر اليسار رمزاً للاحتلال، فيما هي بنظر اليمين رمز للتمسك بالارض.
في المقابل، أشارت «هآرتس» إلى أن «العامل الأساسي الذي قيّد سياسة باراك، كان تحفظ الجيش والشاباك والشرطة، عن الانشغال بإخلاء مستوطنين وبؤر استيطانية، والى وجود تخوف جدي من حدوث رفض جماعي للأوامر من قادة وجنود متدينين يؤمرون بإخلاء رفاقهم من منازلهم»، وهو ما كان الباحث، يغيل ليفي، قد لفت إليه في مقالته في الصحيفة نفسها، الاسبوع الماضي، عندما أوضح أن «القيادة العسكرية تخشى من فقدان السيطرة على قواتها في الضفة»، وخصوصاً أن الكثير من أعضائها هم مستوطنون أو من مؤيديهم.
وأشارت «هآرتس» إلى أن «معدل معتمري القبعات الدينية في الوحدات القتالية ازداد باستمرار، وصولاً الى ما هو أكثر من معدلهم في عموم السكان». وحذرت «من المسّ بدوافعهم للانخراط في الجيش، الذي سيجد صعوبة أكبر في أداء مهمات أمنية أكثر أهمية». وتساءلت الصحيفة عمن «سيبقى لمقاتلة حزب الله وحماس، إذا كان العمود الفقري من القيادة في ألوية المشاة قيد الحبس بسبب رفضهم إخلاء مستوطنين». وشددت على خطورة المشكلة، مشيرة إلى أنها «ليست فقط عددية، بل ورمزية أيضاً».
وأضافت «هآرتس» «أنهم في المؤسسة الأمنية يؤكدون وجود تخوف من رفض الأوامر، وأنه من أجل التسهيل على الجنود المتدينين وعدم وضعهم في اختبار إشكالي، يُقدم عناصر الشرطة إلى الصفوف الأولى، وهؤلاء هم الذين يقومون بعملية الإخلاء وفي الدائرة الثانية يُنشر حرس الحدود، أما وحدات الجيش فتبقى في الدوائر الخارجية فقط».