بات اتفاق التهدئة في غزة، على ما يبدو، في حكم المنتهي، رغم التصريحات الإسرائيلية عن الحفاظ عليه، في ظل الخروق اليومية، التي تستدعي ردّاً من المقاومة
غزة ــ الأخبار
واصلت قوات الاحتلال توجيه ضرباتها لاتفاق التهدئة الهش في قطاع غزّة، فيما ردت فصائل المقاومة الفلسطينية على التصعيد الإسرائيلي، مستخدمة هذه المرة صواريخ «غراد» روسية الصنع، وسط دعوات إسرائيلية إلى تنفيذ عمليّة عسكريّة في القطاع.
ونجا أربعة مقاومين من «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، أمس، من عملية اغتيال عندما استهدفتهم طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ في منطقة السودانية شمال غربي مدينة غزة.
وردت «كتائب القسام»، للمرة الأولى منذ التهدئة، بإعلان مسؤوليتها عن إطلاق ثمانية صواريخ من طراز «غراد» روسية الصنع على ثلاث دفعات، في تجاه مدينة المجدل. وحذرت، في بيان لها، قوات الاحتلال من «المساس بأبناء الشعب الفلسطيني»، مؤكدة أن ردها سيكون مضاعفاً.
وقالت كتائب القسام «إن التهدئة لن تمنعها من الرد على أي حماقة يرتكبها الاحتلال ولن تكون سيفاً مسلطاً على رقاب شعبنا وفصائلنا ومقاومتنا الباسلة ومن حقنا الدفاع عن أبناء شعبنا بكل الوسائل».
وفي وقت سابق، أطلقت «كتائب القسام» وفصائل المقاومة أكثر من 15 صاروخاً من صنع محلي في تجاه بلدة سديروت القريبة من القطاع. وأقرت مصادر إسرائيلية بسقوط الصواريخ الفلسطينية، وإصابة إسرائيلية واحدة مسنّة بجروح، وثمانية آخرين بحالات هلع وخوف، إضافة إلى إلحاق أضرار مادية في منازل ومنشآت. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن قيادة الجبهة الداخلية أوعزت إلى سكان التجمّعات السكنية الواقعة بمحاذاة قطاع غزة بالبقاء في الغرف المحصّنة حتى إشعار آخر.
وأجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، تقدير وضع في مكتبه في أعقاب إطلاق الصواريخ، كما أجرى وزير الدفاع ايهود باراك نقاشاً مشابهاً بمشاركة قادة المؤسسة الأمنية.
وتعهد باراك، خلال جولة في مستوطنة سديروت قبل سقوط الصواريخ، الدفاع عن أمن جنود جيش الاحتلال والمدنيين بالقوة «وسنحبط أي محاولة لتنفيذ عمليات عندما نشخص ذلك». وأكد أنه إذا اختار الطرف الثاني التهدئة «فسندرس نحن ذلك ونعطي فرصة». وشدد على عدم إمكان تحمّل إسرائيل أي نوع من صليات الصواريخ.
وبالرغم من الوضع المتوتر مع قطاع غزة، رأت مصادر سياسية اسرائيلية رفيعة المستوى أنه «لم نصل إلى نقطة اللاعودة، وأنه إذا أوقفت حماس إطلاق الصواريخ، سيكون بالإمكان تجديد التهدئة». لكن هذه المصادر عادت وحذرت من أنه إذا جرى خرق التهدئة «فستدفع حماس ثمناً كبيراً على استئناف العمليات الإرهابية».
في المقابل، رأى نائب رئيس الحكومة حاييم رامون أن «الأيام الأخيرة شهدت النهاية الفعلية للتهدئة، حتى لو كان هناك من يرفض الاعتراف بذلك». وذكَّر أنه عندما تقررت التهدئة «حذرت من أن الاعتراف بدولة حماستان يمثّل خطأ استراتيجياً وتكتيكياً لدولة إسرائيل».
ودعا رئيس حزب «شاس»، ايلي يشاي، إلى اعتماد العمليات الجراحية في قطاع غزة وقطع المياه والكهرباء مع كل محاولة لإطلاق صواريخ من قطاع غزة.
وعلق عضو الكنيست عن حزب «الليكود»، يوفال شطاينتس، على سقوط الصواريخ بالقول إن «الهجمات المتكررة على سديروت ومستوطنات غلاف غزة تمثّل دليلاً، كألف شاهد، على فشل السياسة الخارجية والأمنية التي اعتمدها أولمرت و(وزيرة الخارجية تسيبي) ليفني». ورأى أنه «فقط عبر تولي قيادة أخرى سيتوقف الخنوع أمام المنظمات الإرهابية وأمام الدول الداعمة لها مثل سوريا».
بدوره، طالب الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إسرائيل بوقف التصعيد العسكري في قطاع غزة والالتزام الكامل بالتهدئة. وقال إن التصعيد الجاري ضد قطاع غزة يأتي مع اقتراب نهاية مدة التهدئة، وهو ما يشير إلى أن هناك «نيّات مبيّتة لنسفها وإقحام القطاع وأهله في بورصة الانتخابات الإسرائيلية وتسديد فواتيرها من دماء أبناء شعبنا الأعزل». وطالب «سائر الأطراف الالتزام بالتهدئة وقطع الطريق على محاولات إطاحتها».
إلى ذلك، دعت المفوضية الأوروبية إسرائيل إلى إعادة فتح معابر قطاع غزة أمام القوافل الإنسانية على الأقل. وأبدت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي، في بيان لها، «أسفها لقرار الحكومة الإسرائيلية إغلاق معابر غزة. هذا القرار غير المتناسب يقود مرة جديدة إلى عقاب جماعي لمجمل السكان المدنيين في غزة حيث الوضع الإنساني مقلق جداً».
وأبقت إسرائيل، أمس، معابر قطاع غزة مغلقة «لأسباب أمنية»، ملغية بذلك قراراً كانت قد أعلنته في وقت سابق يسمح بدخول قافلة من المساعدات الإنسانية. واضطرت قافلة تضم ثلاثين شاحنة تنقل موادّ غذائية ومعدات طبية من منظمات إنسانية، إلى العودة أدراجها بعد وصولها إلى معبر كرم أبو سالم.