لم يعد الحديث عن التهدئة في قطاع غزة مجدياً في ظل التصعيد المتواصل في اليومين الماضيين وسقوط خمسة شهداء، والحديث عن تخطيط إسرائيلي، أعلنه رئيس الوزراء إيهود أولمرت، لـ«إنهاء حكم حماس»، رغم ما يتسرّب عن خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول أفضل الوسائل للتعاطي مع الوضع الميداني في غزة، الذي يبدو أن الإغلاق والتجويع هما وجهه الأوّل
غزة ــ قيس صفدي
القدس المحتلة ــ الأخبار
عاش قطاع غزة خلال اليومين الماضيين اعتداءات إسرائيلية، ذكّرت بالوضع في القطاع ما قبل التاسع عشر من حزيران الماضي، تاريخ إبرام اتفاق التهدئة، إذ اتهم رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت حركة «حماس» بإفشاله، معلناً إصدار أوامر «لإنهاء حكم حماس».
وقال أولمرت، خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية أمس، إنه طلب من القادة العسكريين وضع خطط «لإنهاء نظام حماس» في القطاع. وأضاف أن «حماس والمجموعات الإرهابية الأخرى تتحمل المسؤولية الكاملة عن نسف التهدئة وخلق وضع من العنف الطويل والمتكرر في جنوب البلاد». وهدّد أولمرت باستمرار الغارات الإسرائيلية وقتل المقاومين الفلسطينيين الذين يطلقون الصواريخ. وقال «عملنا وسنواصل العمل بكل طريقة صحيحة من أجل ضرب من يخرق التهدئة». وأضاف «لسنا متحمّسين للقتال ولا نخشاه أيضاً، وفي جميع الأحوال فإنّه لا يمكننا تحمّل مستوى الثمن الذي تحاول المنظمات الإرهابية تحديده». أما وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، فقالت «لقد تم انتهاك الهدنة. هذه حقيقة. لا يمكن لإسرائيل أن تقبل بهذه الانتهاكات»، مشددة على أنه يجب «على الجيش أن يقدّم خيارات». ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن وزير المواصلات شاوول موفاز قوله إنه «ينبغي التوقف عن الكلام والبدء بتنفيذ سياسة إحباط مركّز (أي عمليات اغتيال) شخصية ضد قيادة حماس».
أما وزير الدفاع إيهود باراك، فكانت لهجته أكثر اعتدالاً. وقال، في اجتماع الحكومة، إن إسرائيل ربما تكون مستعدة للتفكير في العودة إلى التهدئة. وأوضح «عندما يحين الوقت للتحرك، فسنقوم به وسننجح... لكنني لست نادماً على أي لحظة هدوء حصلنا عليها». وأضاف «إذا أراد الطرف الآخر الهدوء، فسنفكر في المسألة بجدية». وأفادت الصحف الإسرائيلية بأن خلافاً حاصلاً بين أولمرت وباراك بشأن التصعيد ضد قطاع غزة، الذي يعارضه وزير الدفاع. ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن باراك تحذيره من شن عملية عسكرية واسعة وتوغل جنود الاحتلال في القطاع، قائلاً «لا أحد يعرف كيف ستنتهي». كذلك حذر من «تصريحات منفلتة من المستوى السياسي» في إسرائيل. وخلافاً لباراك، يعتقد أولمرت بأن قرار التهدئة «كان خاطئاً وينبغي تصحيحه»، معتبراً أن التهدئة تتيح لـ«حماس» زيادة قوتها العسكرية والتزود بصواريخ تصل حتى مدينة عسقلان في جنوب إسرائيل والاستعداد لمواجهة الجيش الإسرائيلي.
وفي السياق، نقلت «معاريف» عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى اعترافه بأنه «نحن الذين بدأنا جولة العنف هذه عندما توغلنا في الأراضي الفلسطينية (في القطاع) ودمرنا نفقاً، فقد قررنا حينها ألا نخاطر، والسؤال الآن هو من الذي سيقول الكلمة الأخيرة حتى الجولة المقبلة؟ وحماس تريد أن تكون هي من سينهي جولة العنف الحالية لكي تعاقبنا». وقال مصدر أمني إسرائيلي آخر، لـ«معاريف»، إن «الأيام المقبلة ستشهد توتراً غير عادي» لكنه رفض الدعوات في إسرائيل لشن عملية عسكرية شديدة ضد القطاع، مشيراً إلى أن «حماس لا تشكل التهديد المركزي على إسرائيل ولذلك فإن لدينا سلم أولويات، فحزب الله يعمل على زيادة قوته، فهل نحن نهاجمه؟».
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد كثفت طلعاتها وغاراتها الجوية خلال الساعات الماضية في قطاع غزة، حيث سقط 5 شهداء من ألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية. واغتالت قوات الاحتلال أربعة مقاومين، وجرحت اثنين آخرين، في غارة نفذتها طائرة حربية في منطقة المنطار شرق مدينة غزة. وأعلنت ألوية الناصر صلاح الدين أسماء شهدائها الأربعة، وهم: طلال حسين العامودي (23 عاماً)، محمد عبد الله حسونة (22 عاماً)، أحمد رياض الحلو (22 عاماً) وباسل بكر العف (21 عاماً). وفي وقت سابق من مساء أول من أمس، استشهد القائد الميداني في ألوية الناصر صلاح الدين، مقاوم عبد الله المنايعة، في قصف جوي إسرائيلي شرق مخيم جباليا.
وشدد المتحدث باسم حركة «حماس»، فوزي برهوم، على أن «هذه الجريمة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المجاهدين وحق أبناء شعبنا المدافعين عن أرضنا لن تمر دون عقاب»، مؤكداً أن «هذا الإجرام يعطي المقاومة الفلسطينية الحق الفوري والرد السريع والقوي والمزلزل على جنود الاحتلال».
واتهم رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية إسرائيل بـ«الانتهاك الصارخ» للتهدئة التي قال إن استمرارها مشروط بأن تكفّ إسرائيل عن قتل الفلسطينيين. وقال إن «الإسرائيليين هم من يخرقون التهدئة». وشدد على أن الفصائل الفلسطينية «لم تعط التهدئة عن ذلة ولا عن دونية، بل عن قوة واقتدار. ونحن لا نلهث وراء تهدئة مخضّبة بالدماء والجوع». وفي سياق التصعيد الإسرائيلي ضد غزة، قررت سلطات الاحتلال الإبقاء على جميع المعابر مغلقة، وسط تحذيرات من مؤسسات دولية ومحلية بوقوع كارثة إنسانية في ظل انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود وكثير من المواد والمستلزمات الأساسية. ووجهت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في غزة دعوة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لزيارة القطاع وتحمل مسؤولياته تجاه مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون تحت خطر ثلاثي الأبعاد، هو «الاحتلال والعدوان والحصار».


عباس يلتقي أولمرت اليوم
«الحفاظ على التهدئة»


أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أمس، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية ، إيهود أولمرت، خلال لقائهما اليوم، بالحفاظ على التهدئة.
وقال أبو ردينة «إن الرئيس يدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بالتهدئة، وعدم إعطاء الاحتلال ذرائع لتصعيد عدوانه وتشديد الحصار على مواطني قطاع غزة». وكانت الرئاسة الفلسطينية قد حذرت في وقت سابق من أن «التهديدات الإسرائيلية الخطيرة تؤثر على مصير التهدئة» في قطاع غزة. ودعت إلى «وقف العدوان الإسرائيلي المتمادي على قطاع غزة فوراً». وكان عباس قد دعا أول من أمس إسرائيل للانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967 «إن أرادت السلام». وقال، في رسالة وجهها بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لإعلان الدولة الفلسطينية، إن «مرور الوقت والعقود على احتلال أرضنا لن يجبرنا على التخلي أو التنازل عن شبر واحد من هذه الأرض الطيبة التي أقرت كل الشرعيات الفلسطينية والعربية والدولية بحقّنا أن نقيم فوقها دولتنا الفلسطينية المستقلة».



أولمرت: لسنا متحمّسين للقتال ولا نخشاه أيضاً وفي جميع الأحوال فإنّه لا يمكننا تحمّل مستوى الثمن الذي تحاول المنظمات الإرهابية تحديده




هنية: الفصائل الفلسطينية لم تعط التهدئة عن ذلة ولا عن دونية بل عن قوة واقتدار ونحن لا نلهث وراء تهدئة مخضبة بالدماء والجوع




موفاز: ينبغي التوقف عن الكلام والبدء في تنفيذ سياسة إحباط مركّز (أي عمليات اغتيال) شخصية ضد قيادة حماس