كاد دخول رجل الدين الشيعي العراقي المثير للجدل، محمد باقر الفالي، إلى الكويت فجر الخميس الماضي، أن يسبب أزمة ظاهرها سياسي وباطنها مذهبي. أزمة تخللها تهديد نواب في مجلس الأمة لرئيس الحكومة ناصر المحمد الصباح بطلب استجواب، إذا بقي الفالي على أرض الكويت 24 ساعة، فما كان منه إلا حزم أمتعته طوعاً.وقد لوّح النواب: وليد الطبطبائي، محمد المطير ومحمد هايف، بأنهم سيتقدمون اليوم بطلب لاستجواب الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح، الذي أمهلوه «24 ساعة لتنفيذ قرار إبعاد الفالي، وإلا فسيواجه المساءلة».
في المقابل، أوضح النائب الشيعي صالح عاشور أن الفالي «ليس عليه حكم قضائي يمنعه من دخول البلاد، ولا يجوز أن نحكم عليه قبل صدور الحكم الذي سنتقبله سواء بالإدانة أو البراءة». وأضاف أنه «لا يحق لأي جهة أمنية إبعاد أي إنسان عن البلاد إلا بحكم محكمة»، مشيراً إلى أنه «ليس هناك داع لفتح ملفات، حتى لا نطالب الحكومة بإبعاد علماء آخرين أصدروا تصريحات غير مقبولة في قضايا الوطن والطائفية أمثال (الشيخ يوسف) القرضاوي».
وكان الفالي قد أوقف لفترة وجيزة قبل أن يطلق سراحه ويسمح له بدخول الكويت ليل الخميس الماضي بعد وساطة من النائب صالح عاشور. وساطة استفزت النائب محمد المطيري، الذي حذر من «استجابة وزارة الداخلية للضغوط التي يقوم بها البعض للإفراج عن الفالي المتهم بالتطاول على الذات الالهية وشتم الصحابة»، مضيفاً أن «التوسط لمثل هؤلاء الوافدين أمر خطر، فالفالي وأمثاله من المتطرفين الذين أخذوا يثيرون الفتن الطائفية في الآونة الأخيرة». وشدد على أن «أي تدخل من الحكومة سنعتبره تدخلاً في القضاء ومساهمة منها في خروق أمنية بالغة الخطورة قد تضطرنا إلى المساءلة السياسية لإيقاف هذا العبث».
أمام هذا الواقع، لم يجد رجل الدين، القادم من طهران، أمامه سوى المغادرة ظهر أمس من تلقاء ذاته، ليحتوي بذلك بوادر فتنة مذهبية جديدة.
وتعود خلفيات القضية إلى قيام أحد الناشطين في تجمع ثوابت الأمة، وهو تجمع سياسي سلفي، برفع دعوى قضائية على الفالي في نيسان الماضي، بتهمة سب الصحابة، مستنداً إلى محاضرة يقال إنه ألقاها في الكويت، وتم تداولها عبر المواقع الإلكترونية، فأصدر على أثرها قاضي المحكمة الابتدائية في حزيران الماضي، حكماً بتغريم الفالي 37 ألف دولار أميركي، ومصادرة النسخ المطبوعة من المحاضرة.
تجدر الإشارة إلى أن استعار الصراع الطائفي في الكويت ليس بجديد، إذ إنه في شباط الماضي تمت إحالة بعض المواطنين الكويتيين إلى القضاء، على خلفية إقامتهم مجلس عزاء لقائد الجناح العسكري في حزب الله عماد مغنية، الذي تتهمه الكويت بخطف إحدى طائراتها خلال ثمانينيات القرن الماضي.
(الأخبار)