تغيّر المناخ الدولي مع انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش، أرخى ظلاله على السياسة البريطانية، وصار بإمكان وزير الخارجية، ديفيد ميليباند، التجوال في شوارع دمشق القديمة وتناول المثلجات في سوق الحميدية
دمشق ــ سعاد مكرم
كشف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، أمس أن الحوار بين بلاده وسوريا بدأ منذ نحو 18 شهراً، وأنه جرى تطويره على قاعدة من بناء الثقة والاحترام، وأنه يجري الآن العمل على أن يكون «عام 2009 عاماً لتطوير رؤية لسلام شامل في منطقة الشرق الأوسط»، واصفاً الخطوات التي اتخذتها دمشق في ما يتعلق بالعلاقات مع بيروت وبغداد بأنها «جيدة»، آملاً استمرارها.
وبدا من خلال لقاء ميليباند والرئيس السوري بشار الأسد، ومؤتمره الصحافي مع نظيره وليد المعلم، أن بريطانيا قطعت شوطاً كبيراً في الانفتاح على سوريا، إذ جرى الحديث عن شراكة مستقبلية وتعاون في مختلف المجالات. أي إن عمل 18 شهراً أثمر مطالبة بريطانية للإدارة الأميركية الجديدة بالمشاركة في «تحقيق السلام منذ يومها الأول».
وخلال المؤتمر الصحافي لميليباند والمعلم، الذي أعقب لقاء الوزير البريطاني مع الرئيس السوري، أعرب ميليباند عن اعتقاده بأن «عام 2009 سيكون عاماً مهماً لتطوير رؤية لسلام شامل في منطقة الشرق الأوسط»، مضيفاً «جميعنا لدينا طرق وأساليب لتحقيق هذه الرؤية بشأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط»، داعياً كل «اللاعبين في المنطقة للاضطلاع بمسؤولياتهم». وأعرب ميليباند عن «شكره للطريقة» التي تطور فيها الحوار السوري ــ البريطاني خلال الفترة الماضية. وقال إن «سوريا بلد مهم ويضطلع بمسؤوليات مهمة في منطقة مهمة»، موضحاً أن «المقاربة التي بنينا عليها عملنا خلال الثمانية عشر شهراً الماضية كانت تستند إلى قاعدة من بناء الثقة والاحترام». ورحب بالخطوات «الجيدة التي اتخذتها سوريا في ما يتعلق بالعلاقات مع لبنان والعراق» وأمل أن تستمر.
وفي ما يتعلق بعملية السلام والمحادثات غير المباشرة الجارية بين سوريا وإسرائيل، نفى الوزير البريطاني أن تكون بلاده تعمل على أخذ الدور التركي في هذه المجال. وقال «نحن ندعم هذه العملية ونقدم تشجيعنا لكل المشاركين» فيها. كما أكد دعم بلاده لـ «قرارات الأمم المتحدة بشأن الجولان السوري المحتل»، مطالباً «جميع الجهات بتحقيق التزاماتها لتطبيق هذه القرارات». وعقّب الوزير المعلم على كلام ميليباند بالقول: «أعد أن يكون الجانب البريطاني على اطّلاع على التطورات التي قد تجري في المستقبل على هذا المسار».
وبشأن علاقة سوريا مع «حماس»، قال ميليباند إن «الفرقة الفلسطينية وعنف حماس يضران بسوريا التي تريد تحقيق سلام شامل في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الطريق الوحيد لتحقيق السلام هو العمل السياسي والانخراط في الحوار».
وفي رده على سؤال يتعلق بالدور الذي من الممكن أن تؤديه لندن في إقناع واشنطن بدور سوريا في تحقيق السلام، قال الوزير البريطاني «أعتقد أن انتخاب إدارة جديدة يوفر فرصاً جديدة للانخراط في الشرق الأوسط». وأضاف «إدارة أوباما ينبغي لها أن تشارك في تحقيق السلام منذ يومها الأول، كل القرارات ينبغي التوصل إليها من جميع الأطراف المعنية في المنطقة، ومن واجب المجتمع الدولي دعم التوصل إلى تسوية عادلة في الشرق الأوسط».
كما سئل ميليباند عن كيفية تطوير الحوار مع سوريا في ظل علاقتها بإيران، فكان رده
«أعتقد أن من المهم لكل من يتمتع بالقوة والنفوذ أن يدعم الاستقرار في المنطقة، العنف لا يدعم الاستقرار، ولا انتشار الأسلحة النووية». وتابع «استناداً إلى هذا المبدأ أعتقد أن بوسع سوريا وبريطانيا التوصل إلى أرضية مشتركة ومهمتنا هي ترجمة هذه المبادئ إلى وقائع على الأرض».
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية السوري إن «إيران حقيقة قائمة في منطقتنا، وجار في هذه المنطقة، ولهذا نحن نعتقد أن علاقة جيدة مع إيران ستساعد على أمن المنطقة واستقرارها»، مضيفاً «كما نعتقد أن للغرب علاقات طيبة مع إسرائيل، ونحن نريد الاستثمار في هذه العلاقات من أجل تحقيق السلام الشامل في المنطقة».
ورداً على سؤال مماثل عن تطوير المحادثات السورية ـ البريطانية في ظل دعم سوريا لحركة «حماس» وحزب الله، قال المعلم إن «حماس جزء من الشعب الفلسطيني، وهي جزء هام تستحوذ على غالبية في المجلس التشريعي الفلسطيني نتيجة انتخابات جرت داخل الأراضي الفلسطينية»، مشيراً إلى أن «العلاقة مع حماس هي كالعلاقة مع فتح ومع الفصائل الأخرى».
وفي ما يتعلق بالعلاقة مع حزب الله، أوضح المعلم أن «حزب الله هو حزب سياسي مقاوم لديه نوابه في البرلمان، وهو جزء من مكونات الشعب اللبناني، والعلاقة مع حزب الله كالعلاقة مع حركة أمل والقوى الوطنية الأخرى التي نحرص على أن تستمر». وأضاف «أعتقد أن هذا السؤال يجب أن يجاب عنه عندما يتحقق السلام العادل والشامل، لا أن نقفز إلى النتائج والأرض لا تزال تحت الاحتلال».


المعلم: اليورانيوم من القذائف الإسرائيلية

شدّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، على أن الموقع السوري الذي تشتبه الولايات المتحدة وإسرائيل بأنه يضم مفاعلاً نووياً هو منشأة عسكرية عادية، وآثار اليورانيوم التي عثر عليها فيه هي «نتيجة القذائف الإسرائيلية».
وقال المعلم، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني ديفيد ميليباند، إن «ذرات اليورانيوم المخصّب القليلة التي وجدت (في المنشأة) تشير إلى أن التفسير العلمي الوحيد لها هو أنها نتيجة القذائف الإسرائيلية لتدمير المبنى (في أيلول 2007)». وأوضح أن «هذه المنشأة قيد الإنشاء لا التشغيل. إنها منشأة عسكرية وليست للأغراض النووية»، مكرراً تصريحات سابقة للسلطات السورية.
وقال الوزير السوري «نحن كدولة موقّعة معاهدة عدم الانتشار (النووي) من واجبنا أن ننتظر التقرير الذي سيقدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إلى مجلس المحافظين (للوكالة الدولية للطاقة الذرية) للرد عليه». وأضاف «أنا سعيد بأن أرى البرادعي يطلب من إسرائيل التعاون مع الوكالة للكشف عن هذا الأمر».
من جهته، قال ميليباند «نتولى مسؤولياتنا بكثير من الجدية في مجلس حكام الوكالة. وننتظر التقرير قبل التعليق». وأضاف إنه تطرق إلى هذه المسألة مع المسؤولين السوريين خلال زيارته لدمشق. وأوضح «كل الدول يجب أن تحترم مسؤولياتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي».
وكان البرادعي قد قال أول من أمس، في دبي، إن العثور على آثار لليورانيوم في موقع الكبر لا يعني أن الموقع ضم مفاعلاً نووياً.
(الأخبار)