strong>25 مليون دولار لتحرير ناقلة النفط السعوديّة... والعرب نحو زيادة التنسيقتمكُّن القراصنة الصوماليين من اصطياد غنائمهم بقدرة ويُسر أمام عيون قوات بحرية متعددة الجنسيات بقيادة أميركية منتشرة في البحر الأحمر. هذه الحقيقة تطرح شكوكاً حول تورّط هذه القوات في عمليات القرصنة، على الأقل بغضّ الطرف، ولا سيما أن غنائم القراصنة باتت بعشرات ملايين الدولارات

القاهرة ــ الأخبار
تُثار شكوك حول طبيعة دور الأساطيل الغربية المحتشدة منذ شهور على سواحل الصومال بهدف مكافحة النشاط المتزايد لقراصنة البحر، بالتزامن مع إعلان قيمة الفدية لناقلة النفط السعودية العملاقة والمقدرة بـ 25 مليون دولار، واجتماع لممثلين عن دول عربية مطلّة على البحر الأحمر في القاهرة لبحث آلية تنسيق من أجل مواجهة القراصنة الصوماليين.
ويتهم وزير شؤون الموانئ السابق في إقليم بونت لاند، نور سعيد، الأساطيل الغربية المحتشدة بقيادة الولايات المتحدة على مقربة من سواحل الصومال بالضلوع في تزايد نشاط القراصنة، مشيراً إلى أن معدل عمليات القراصنة تضاعف على الرغم من وجود هذه القوات. ويتساءل «إذا كان تواجدهم هو بهدف مكافحة القرصنة، فلماذا لا يتدخلون؟ ولماذا لم يستجيبوا على الفور لنداء الاستغاثة الذي قدّمته ناقلة النفط السعودية فور تعرّضها للاختطاف؟».
ويعتقد سعيد بأن القراصنة تحوّلوا من مجرد عصابات صغيرة تمارس عمليات متقطعة كل فترة، إلى مافيا منظمة لديها أجندة واضحة وممولون. واتهم بعض كبار المسؤولين وقادة العشائر في الصومال بالتورط بعلاقات مشبوهة مع القراصنة وتمويلهم وتدريبهم وتوجيههم إلى أهدافهم المحتملة.
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة البحر الأحمر للملاحة البحرية، عبد المجيد مطر، الذي تعرضت إحدى سفنه (المنصورة) للخطف الشهر الماضي، إن «لديه شكوكاً في حقيقة الدور الذي تقوم به الأساطيل الغربية والأميركية على سواحل الصومال». وروى كيف أن قائد سفينة حربية بريطانية اتصل بالشركة المصرية لكي يخبرها بتفاصيل عملية الاختطاف بدلاً من أن يتدخل عسكرياً لمنع الخطف، قائلاً «بدا لي أن هذا المسؤول العسكري البريطاني ليس معنياً بالتدخل لإنقاذ السفينة، رغم أنه كان يمتلك فرصة جيدة وتسليحاً قادراً على مواجهة القراصنة. لكنه في المقابل كان يتحدث إلينا عبر الهاتف وكأنه يعلق على مباراة لكرة القدم يراها أمامه مباشرة».
وفيما هدّد نائب وزير الموانئ البحرية في إقليم البونت لاند، عبد القادر موسى، باستخدام القوة لتحرير سفينة النفط السعودية في الإقليم، اعتبرت مصادر صومالية هذا التصريح للاستهلاك الاعلامي، مشيرة إلى أن سفينة الأسلحة الأوكرانية «فايننا» مخطوفة منذ أكثر من 45 يوماً ولم تتحرك قوات الإقليم لتحريرها.
وفي سياق التحركات الدولية لمواجهة القراصنة، أعلنت روسيا أنها سترسل مزيداً من القطع العسكرية إلى منطقة البحر الأحمر. وقال الأميرال فلاديمير فيستوتسكي «بعد سفينة إنتريبيد، ستتوجه سفن حربية أخرى إلى المنطقة».
لكن واشنطن رأت أن تكثيف الوجود العسكري في المنطقة لن يحل المشكلة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، جيف موريل، «تستطيع كل القوات البحرية في العالم نشر كل سفنها في تلك المنطقة، لكن هذا الأمر لن يحل المشكلة البتّة»، مقترحاً أن تبذل الشركات البحرية جهوداً أكبر لحماية سفنها.
في المقابل، طالب القراصنة الصوماليون الذين يحتجزون ناقلة النفط السعودية «سيريوس ستار» بفدية قيمتها 25 مليون دولار. وقال أحدهم «لا نريد أن تستمر المفاوضات إلى ما لا نهاية لتسوية هذه المسألة». وأضاف «لديهم عشرة أيام لتلبية هذا الطلب وإلا سنقوم بتحرك قد يكون كارثياً». وترسو السفينة التي تحمل مليوني برميل نفط بقيمة مئة مليون دولار في ميناء هرارديري الصغير على بعد 300 كيلومتر شمال مقديشو.
في هذه الأثناء، تغيّبت الصومال أمس عن الاجتماع التشاوري الذي استضافته وزارة الخارجية المصرية بحضور كبار المسؤولين من مصر واليمن والسعودية والأردن والسودان، إضافة إلى الجامعة العربية، بهدف تنسيق الجهود بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر وبحث آليات التعاون من أجل مكافحة ظاهرة القرصنة.
وردّدت مصادر عربية أن القاهرة، التي تدرك عجز السلطة الانتقالية في الصومال عن اتخاذ أي إجراءات ضد القراصنة الصوماليين، رأت عدم دعوة حكومة الصومال إلى الاجتماع. وأكدت رئيسة وفد مصر السفيرة وفاء بسيم أن هناك أفكاراً لإنشاء مركز للمعلومات بهدف التعامل مع الظاهرة، وضمان أمن الملاحة في هذه المنطقة، فضلاً عن أفكار أخرى للتدريبات المشتركة لخفر السواحل، وتعميم نظم تحذيرية للسفن في حال تعرضها للقرصنة.
وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية، السفير أحمد بن حلى، إن «هناك مبادرات من خارج المنطقة، ولكن جرت بلورتها من دون مشاورة الدول المعنية بالقضية».