لقصة منزل عائلة الكرد ماض بعيد، يعود إلى عام 1956، منذ أقيم على قطعة أرضٍ كانت الحكومة الأردنية قد منحتها لوكالة الغوث بهدف بناء 28 وحدة سكنية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في مقابل التنازل عن المعونة المقدمة من وكالة الغوث الدولية. وبعد عام 1967، بدأت العقلية الاستيطانية تتفشى، وظهرت جمعيتان استيطانيتان، جمعية اليهود الشرقيين وجمعية كنيست يسرائيل. الجمعيتان ادّعتا أن قطع الأرض هي ملكهما، وسجلتاها باسمهما «من دون وجه حق»، حسبما قالت لجنة أهالي الشيخ جراح. وقدمّتا عام 1972 دعاوى قضائية ضد سكان المكان الممتد على 18 دونماً.وتوصل محامي الجمعيتين الى اتفاق مع وكيل الأهالي، اعترف بموجبه بملكية الارض للجمعيتين على أن يمنح في المقابل العرب وضعية المستأجرين المحميين. الأهالي رفضوا دفع الايجار على اعتبار أنَّهم أصحاب المكان، فقررتا إخلاء قسم منهم، ضمنهم عائلة الكرد.
لكن بعد مداولات في المحكمة استمرّت حتى عام 2006، تبيّن أن لا حق للجمعيتين في القطع المذكورة. وتوجه من بعدها المحامي حسني أبو حسين الى مدير دائرة الأراضي مطالباً بإلغاء التسجيل وإصدار أمر لتسوية الأرض وإقرار من هو مالكها. وبالفعل، ألغى المدير حق الجمعيتين، لكنه رفض أن يحدّد من هو مالك الأرض. لكن المحكمة تجاهلت قرار المدير، فتوجه الأهالي الى المحكمة العليا، التي أقرت إخلاء عائلة الكرد.
عائلة الكرد هي واحدة من بين 28 عائلة تخوض صراعاً قضائياً من أجل البقاء. من يشاهد البيت يعرف أنه الحبة الأولى من المسبحة. البيوت المستهدفة يقع الواحد تلو الآخر، من الأعلى إلى الأسفل. ويجري الحديث عن مخطط استيطاني قدّمته جمعيات يمينية الى بلدية القدس يضم 200 وحدة سكنية، لربط الجامعة العبرية مع الشارع الرقم 1 للحفاظ على «امتداد يهودي». الاهالي مقتنعون، وهذا ما يظهر جلياً. عائلة الكرد كانت البداية.
الناس في هذا المكان لا يُشغلون بالحياة الطبيعية. يذللون الهموم بالاعتياد عليها. في أحد البيوت المهدّدة بالإخلاء، يسكن ثمانية أفراد يعتاشون على راتب عامل بالكاد يتقاضى الحد الأدنى. أمر الإخلاء موجود في غرفة الاستقبال، عشرات البنود، لكل بندٍ قصة. يحاول الأهالي هناك أن يتكلوا على «القضاء» حين تنعدم السبل الأخرى، لكنَّهم في كل يوم يفقدون جزءاً من الأمل. وعائلة الكرد كانت العلامة القاتمة على مستقبل قد يأتي.