strong>مفاوضات اللّحظات الأخيرة لا تنجح في توفير «غالبيّة كاسحة»... والاستفتاء مرفوض أميركيّاًيصوّت نواب العراق اليوم على الاتفاقية الأميركية ــ العراقية برفع الأيدي «لأنهم لا يخجلون مما يفعلون»، على حدّ تعبير النائب عن «الائتلاف الموحّد» عباس البياتي. 138 صوتاً كافية دستورياً لإقرار اتفاقية تشرّع وجود الاحتلال ولا تحمي ثروات العراق وتمنع أهله من محاكمة محتليه

بغداد ــ الأخبار
وحدها المفاجأة ستكون قادرة اليوم على إنقاذ العراق من البصم على وثيقة تشرّع وجود الاحتلال لمدة ثلاث سنوات مقبلة على الأقل. فبعدما قالت الحكومة كلمتها وألقت بالمسؤولية على برلمان المنطقة الخضراء في تحديد مصير بلاد الرافدين، تقلّصت دائرة المتردّدين. وحدهم الأكراد (55 نائباً) ظلّوا كتلة متماسكة مؤيّدة للاتفاقية. أما شيعة هذا البلد، فمنقسمون بين رافض كلياً (التيار الصدري والفضيلة ومستقلون مع نحو 50 نائباً) ومؤيّد أعمى (نحو 85 نائباً عن «المجلس الأعلى الإسلامي» وحزب «الدعوة» وأحزاب وتجمعات كانت منضوية في ما كان يُعرَف يوماً بـ«الائتلاف العراقي الموحّد»).
ومأساة العراق التي ستتجسّد اليوم هي أن الصراع سيكون محصوراً بين تأييد ضعيف للاتفاقية، وتوافق يعطيها غالبية كاسحة. والقرار في النجاح الضعيف أو «الكسح» منوط بسنّة هذا البلد من العرب ممثّلين بأحزاب «جبهة التوافق» (40 نائباً). إذ يكفي أن يرفع 138 نائباً أياديهم، لتصبح الاتفاقية مسلّطة فوق رؤوس العراقيين الذين لن ينسوا أن قائد القوات المشتركة للجيش الأميركي، مايكل مولن «طمأنهم» قبل أيام، بأن لا قيمة للتاريخ الموضوع فيها لانسحاب جيشه المحتل من العراق قبل نهاية عام 2011، «لأن أي قرار بهذا الصدد ستحتّمه تقديراتنا العسكرية الميدانية لا مواعيد سياسية ثابتة».
ولأن استحقاق التصويت اليوم مصيري للعراق وللمنطقة، فقد شهد يوم أمس حركة سياسية ماراتونية لتوفير «غالبية مريحة» مؤيدة لها.
حصيلة المفاوضات لإقناع «المتحفّظين» لا تبدو أنها نجحت تماماً؛ فقد رجّح النائب الأول لرئيس البرلمان، الشيخ خالد العطية، أن تمرّ الاتفاقية «بالغالبية البسيطة» من دون أن يقطع الأمل بأن تتوافر «الغالبية الساحقة لأننا نريد أن نحقق توافقاً وطنياً، ولا نحب أن تمر الاتفاقية بفارق صوتين أو ثلاثة أو أربعة».
وعن الجهة التي ستقرر نوعية الغالبية التي من المرجّح أن تنالها «سوفا»، أي «جبهة التوافق»، أشار العطية إلى أن موقفها «لا يزال غامضاً وغير واضح، لكن تحفظاتها لا تمس جوهر الاتفاقية، لكن تتعلق بأسباب أخرى»، في إشارة إلى اشتراط الجبهة توسيع تطبيق «قانون العفو» وإلغاء قانون «المساءلة والعدالة» ومراجعة الموازنة العامّة.
وفي السياق، رأى العطية أن «جبهة التوافق» ستكون «الطرف المهم في هذه اللعبة الآن لتحقيق التوافق الوطني».
وعن التعاطي الرسمي مع مطالب «التوافق»، لفت العطية إلى أن «الحكومة تسعى إلى فتح حوار للبحث في إمكان تحقيقها رغم أنها ليست لها علاقة بالاتفاقية».
وبدا أن الحزب الأكبر في «الجبهة»، أي الحزب الإسلامي، مصرّ على مطالبه التي اختصرها رئيسه طارق الهاشمي بعنوانين: إصدار مشروع إصلاح سياسي يصوّت عليه في مجلس النواب إلى جانب الاتفاقية، وإجراء استفتاء شعبي عليها.
غير أن العطية كان واضحاً في اعترافه بأن القرار النهائي في شأن مطلب «التوافق» عرض الاتفاقية على استفتاء شعبي، مربوط برغبة الاحتلال، لا بأهل العراق، موضحاً أن جواب الحكومة على مطلب الاستفتاء الشعبي كان: «هذا ليس بأيدينا والأميركيون سيرفضونه بالتأكيد».
وبعدما فشل في فرض غالبية الثلثين، يبدو أن التيار الصدري يئس من «التصويت الديموقراطي» الذي سيشهده البرلمان اليوم، فانتقد رئيس كتلته النيابية أحمد المسعودي موقف «التوافق»، واصفاً مطالبها بأنها «محاولة للحصول من الحكومة على تنازلات ومشاركة في صنع القرار السياسي في إطار استغلال للظرف لحصد مكاسب، في سياق لا علاقة له بالاتفاقية».

أما «الجمهورية الإسلامية» فقد جزمت، في افتتاحيّتها، بأن إقرار الاتفاقية في البرلمان العراقي اليوم، «سيؤدي إلى اندلاع ثورة شعبيّة في البلاد»، مشيرة إلى أن الطريق الأوحد «لتحرير العراق هو المقاومة لا بيع البلاد للغاصب».
ومنذ إحالة الاتفاقية على البرلمان العراقي، أعلنت طهران عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية حسن قشقاوي أنها لن تطلق أي موقف منها قبل أن ينتهي التصويت عليها في البرلمان.
(أ ب)