السنيورة يرفض تعديل مشروع زيادة رواتب القطاع العام!رشا أبو زكي
«سأوزع على كل نائب محرمة» هكذا رد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على موجة الضحك، التي انتابت النواب، في جلسة مجلس النواب أمس، بعدم أرسل رئيس المجلس نبيه بري «علبة محارم» إلى السنيورة ليكفكف دموعه... ولفتة بري جاءت بعدما بدأ السنيورة يدافع بشراسة عن ضرورة تأجيل بتّ صرف فروقات سلسلة الرتب والرواتب عن الأعوام من 1996 إلى 1998 وتحججه بكل ما يمكن أن يخطر على البال من تبريرات، من الأزمة المالية العالمية إلى أزمة المديونية... وصولاً إلى التعقلن والحكمة! لكن دموع السنيورة لم تسقط أمس. فمشروع قانون رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور في الإدارات العامة والجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل، الذي يعتريه العديد من الثغرات التي تهدر حقوق الموظفين لم يقر في مجلس النواب معدّلاً، فحُوِّل إلى اللجان النيابية المشتركة، ليُدرَس في غضون 10 أيام في حدٍّ أقصى، ومن ثم عرضه على الهيئة العامة... أما اقتراح القانون المعجل المكرر الذي قدمه رئيس كتلة التغيير والإصلاح ميشال عون، الذي يرمي إلى أن تلحظ الموازنة الاعتمادات اللازمة من أجل تأدية المفعول الرجعي المستحق اعتباراً من 1/1/1996، فلم يُناقش حتى. أما السبب، فهو أن هذا الاقتراح لم يناقش في الجلسة الصباحية لمجلس النواب، وأُجِّل إلى جلسة الساعة السادسة من مساء أمس، فكان أن «فرط» نواب 14 آذار النصاب، بحيث لم يحضر من «الأكثرية» سوى عدد قليل من النواب... فطارت مناقشة الاقتراح إلى 4 كانون الأول!

انقلاب حقوقي

وهكذا، تهرّب «نواب الأمة» من أكثر الجلسات النيابية أهمية للمواطنين، وهي التي تدرج على جدول أعمالها موضوع زيادة الرواتب لموظفي القطاع العام، ودفع فروقات سلسلة الرتب والرواتب، إضافة إلى مشروع قانون ضمان الشيخوخة... والهروب الموصوف جاء بسبب العديد من الظواهر التي شهدتها الجلسة الأولى، فقد كان لافتاً أن كتلة الوفاء للمقاومة لازمت الصمت المطبق في الجلسة، ولم يدل أي نائب بموقف محدد من الموضوع المطروح! إلا أن توافقاً مهماً أحاط بضرورة تعديل مشروع قانون زيادة أجور موظفي القطاع العام، بحيث أيد هذا الاقتراح بعض نواب كتلة المستقبل وكتلة التنمية والتحرير، وكتلة الإصلاح والتغيير، والكتلة الشعبية، والنائب إلياس عطا الله، وعدد من النواب الآخرين... وهذا الموضوع أثار بحسب مصادر نيابية غضب السنيورة الذي ألحّ على ضرورة عدم تعديل مشروع زيادة الرواتب، وتأجيل الكلام على فروقات سلسلة الرتب إلى ما بعد الانتخابات النيابية، فإذا بأنصاره ينقلبون عليه معلنين عكس ما يبغي!
وقد بدأت الجلسة بمطالبة النائب إبراهيم كنعان دمج مشروع قانون زيادة الرواتب باقتراح كتلته الرامي إلى دفع فروقات سلسلة الرتب والرواتب. إلا أن بري فضّل بحث الاقتراح منفصلاً، لكونه لا يتعارض مع مشروع القانون. ومن ثم قدم النائب محمد الحجار (كتلة المستقبل)، عرضاً للنقاط في مشروع زيادة الأجور المرفوضة من هيئة التنسيق النقابية، التي تتمحور حول اعتماد الزيادة المقطوعة التي تفقد التوازن بين الرواتب. كذلك، بقيت الدرجة كما هي من دون تعديل، على الرغم من زيادة الحد الأدنى، فيما أنها المرة الأولى التي يوجد فيها مشروع قانون زيادة على الأجور ولا تدرج فيه نسبة الزيادة، إضافة إلى وجود فروقات سلسلة الرتب غير المدفوعة من الدولة منذ 10 سنوات وفق القانون 717. وكذلك، فإن بدل النقل من المفترض أن يرتفع 2 في المئة، أي 10 آلاف ليرة لا 8 آلاف كما هو وارد في المشروع، ودعا الحجار إلى تلبية هذه المطالب.

«قوموا تبرعوا»!

وبدأ السنيورة في كلامه، فأشار إلى أن مطالب هيئة التنسيق تتطلب زيادة في النفقات، ورأى أن زيادة بدل النقل من 6 آلاف إلى 8 آلاف جاء تحسساً بالظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين! أما في ما يتعلق بالمفعول الرجعي على الرواتب والأجور بين عامي 1996 و1998، «فهنا علينا الوقوف عند حقيقة الأمور. نحن نتفهم الوضع الاقتصادي للمواطنين، ولكن علينا أن نفهم كذلك التحديات التي تواجهنا». فقاطعه بري قائلاً: «قوموا تبرعوا يا شباب»...
وإذا بالسنيورة يقول بحدة: «عليكم تحمل مسؤولية قراراتكم. فمشروع الزيادة على الرواتب كلفته 750 مليار ليرة، وهو جزء من عجز إجمالي سجلته موازنة عام 2009. وبالتالي كيف يمكن تدبير مصادر مالية لتغطية هذا العجز، وخصوصاً أنني لا أنصح حالياً بزيادة الضرائب؟»، وتابع السنيورة: «علينا دفع 500 مليون دولار للمهجرين و450 مليون دولار لتغطية نتائج حرب تموز وهذا لا يشمل المساعدات الاقتصادية لقطاعات الصناعة والزراعة وغيرها...».
حركة غريبة بدأت تسيطر على القاعة، موجة من الضحك تغمر النواب، وعلامات الذهول بدأت ترتسم على ملامح السنيورة الجدّية فيقول: «أرى ابتسامات على وجوهكم، ولا أعلم السبب». وإذا بكنعان والنائب جورج عدوان يشيران إليه لكي ينظر خلفه، يلتفت السنيورة فيجد علبة من «المحارم» أصبحت إلى جانبه هدية من بري!
رسالة بري لم تثن السنيورة عن متابعة حديثه فيقول: «سأوزع على كل نائب محرمة، وبيقولو اللي بيبكيلك بيكي عليك»، مشيراً إلى أنه «ليس المهم فقط هو تلبية ما يطلب منّا، بل المحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي والنقدي في لبنان». واقترح السنيورة الموافقة على مشروع القانون كما هو، وقال: «من الممكن أن نضع موضوع فروقات السلسلة جانباً إلى ما بعد الانتخابات النيابية، حيث يأخذ مجلس النواب ما يراه مناسباً».
يد كنعان ترتفع، فيشير إلى أن الكلام لا يطال مطالب الموظفين والمعلمين والأساتذة، بل حقوق وقوانين صدرت في عام 1997 حين كان السنيورة وزيراً للمال. وأشار إلى أن السنيورة ربط موضوع فروقات سلسلة الرتب والرواتب بتوافر الإمكانات في الخزينة، فهل الكلام على هذا الموضوع مزايدات؟ ومن قال إن النائب لا يستطيع مطالبة الحكومة بالوفاء بالتزاماتها، وخصوصاً أن الأزمة الاقتصادية القائمة جاءت على أيدي السنيورة؟ وماذا عن الهدر والصناديق والفساد؟ وهل هذه الظروف التي يتكلم عليها السنيورة لا تنطبق إلا عند الحديث عن حقوق المواطنين؟ أما النائب إلياس عطا الله فدعا إلى إعطاء هذه الحقوق».


1400 مليار ليرة

هي قيمة المفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب عن السنوات 1996، 1997 و1998، بحسب السنيورة الذي يرفض دفعها بحجة «عدم توافر الأموال!


200 مليون دولار

هي قيمة التحويلات إلى المتعهدين، وقد سأل النائب أنور الخليل كيف تحوّل الحكومة هذا المبلغ، فيما ترفض تحقيق مطالب 100 ألف أستاذ ومعلّم؟

إنقاذ من السحر


طالبت النائبة نائلة معوض بتكثيف الرقابة لخفض الأسعار. النائب حسن يعقوب سيطر على الهرج والمرج، فقال: «سأنقذكم من السحر الذي وضعهم فيه الرئيس السنيورة، يقال: «من أبكاك بكى عليك» وأنت أبكيتنا... ولكن من الضحك! وأشار إلى أن ما يطالب به الفقراء لتصحيح سلسلة الرتب والرواتب لا يتجاوز ربع ما أُهدر عبر هيئة الإغاثة».