strong>جمّد تدريباته لعمليّة واسعة في القطاع... ولا سيناريو جاهزاً للقضاء على «حماس» تحوّل قطاع غزة إلى تحدّ سياسي وأمني للمؤسسة الإسرائيلية، تكشّفت فيه محدودية قوة جيشها الذي يمتلك إمكانات تكنولوجية وعسكرية هائلة، إذ تصرّ غالبية قادته على عدم الدخول في مواجهة برية واسعة تؤدي إلى إعادة إسرائيل إلى القطاع من دون أن تحلّ مشاكلها الأمنية

علي حيدر
توغّل عدد من الآليات العسكرية الإسرائيلية، أمس، شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة، حيث دخل عدد من الدبابات الإسرائيلية في منطقة الفراحين وأطلقت عدداً من القذائف على مجموعة من المقاومين.
وأكدت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي حصول العملية، مشيرة إلى أن وحدة إسرائيلية كانت تقوم بدورية روتينية على طول السياج مع قطاع غزة اكتشفت مسلّحين كانوا يضعون عبوات ناسفة أسفل الجدار. وأوضحت أن عمليات تبادل لإطلاق النار حصلت في المكان «قُتل فيها على ما يبدو» أحد المقاومين.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن كبار قادة هيئة أركان الجيش يؤيدون طروحات وزير الأمن إيهود باراك، الذي يؤكد أن «من يريد حلاً مستقراً ودائماً لتهديد حماس من غزة، يتعين عليه الدخول إلى هناك ومعالجة المشكلة»، وأنه ليس لديه أي شهية للعودة الى أزقة جباليا.
ويرى كبار القادة العسكريين في الجيش أن المصلحة الإسرائيلية تكمن في إضعاف «حماس»، ولكن المسألة تحتاج إلى سياق بعيد المدى. ويلفتون إلى أنه ما دامت قوات أمن الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير قوية بما فيه الكفاية للحلول مكان «حماس» في غزة، فلا داعي للسرعة. وفيما يبدو أن معظم الجنرالات يعتقدون بأنه لن يكون ممكناً السير إلى «نصف حملة» في غزة، تعارض هذا الرأي أقلية في القيادة العسكرية بقيادة قائد المنطقة الجنوبية اللواء يوآف غلانت.
وفي هذا المجال، يؤكد ضابط إسرائيلي رفيع المستوى أن «احتلال غزة هو موضوع قرار سياسي. وعلى المستوى العملي، لا جدال حول النتيجة. إذ من الواضح للجميع أن هذه لن تكون نزهة سنوية، ولكن الجيش سيعرف كيف يفعل ذلك، إذا ما كلف بالمهمة. إلا أن السؤال الاستراتيجي هو: ما الذي تريد إسرائيل أن تحققه، ولمن ستنقل المفاتيح بعد الاحتلال».
ويحذر قادة جيش الاحتلال أيضاً من أنه إذا قررت الحكومة القيام باحتلال محدود لأجزاء من القطاع، فإن خطر استمرار إطلاق الصواريخ سيدفع الرأي العام للضغط باتجاه حل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، عبر الدخول في معركة برية شاملة.
وهذا ما يستوجب تجنيد بضع فرق احتياط أخرى، وبلورة منظومة علاقات بعيدة المدى مع مليون ونصف مليون فلسطيني موجودين في القطاع، والذين أوهمت إسرائيل نفسها أنها انفصلت عنهم إلى الأبد بفضل فك الارتباط. كما هناك كلفة يومية تصل إلى 17 مليون شيكل، فقط بهدف توفير الأدوية والغذاء للسكان المحتلين في قسم من القطاع. كل ذلك في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، ويُضاف إليها نفقات لا يمكن تجاهلها تصل إلى نصف مليار شيكل في الشهر أيضاً بدون حساب كلفة صيانة الجيش في القتال وأيام الاحتياط.
ولفتت «هآرتس» إلى أنه خلافاً للانطباع الذي تُحدثه وسائل الإعلام أحياناً، فإن إسرائيل بعيدة جداً عن دخول مكثف للقطاع، وخصوصاً أن الاستعدادات العملية لذلك جمدت. وأضافت أنه وفقاً للألعاب الحربية التي أجراها الجيش، محاكاة لمواجهة برية واسعة في القطاع، فإن خطوة كهذه سوف تؤدي إلى توجيه ضربة شديدة لـ«حماس»، ولكن ليس إلى هزيمتها. ووفقاً لأحد السيناريوهات يستمر القتال ثمانية أيام، يسقط فيها نحو 650 قتيلاً من «حماس»، وأكثر من 30 قتيلاً من الجيش الإسرائيلي وعدد «لا بأس به» من المدنيين الفلسطينيين.
ويتناول السيناريو أيضا ضرورة الأخذ بالحسبان الانتقاد المتوقّع في الساحة الدولية واحتمال أن يحاول حزب الله، في حال نشوب مواجهة واسعة، فتح جبهة ثانية من لبنان.

كما أعلنت السلطات من جهة أخرى فتح المعبر استثنائياً، أمس، للسماح بعبور 120 مريضاً فلسطينياً لتلقّي العلاج في مستشفيات مصرية.
ومعبر رفح شبه مغلق بالكامل منذ حزيران 2006، بعد أسر الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، على تخوم قطاع غزة. ولا يمكن فتحه في الأيام العادية من دون موافقة إسرائيلية مسبقة بموجب اتفاق أبرم في أواخر 2005 ينصّ بصورة خاصة على وجود مراقبين أوروبيين وممثلين عن السلطة الفلسطينية.
(أ ف ب)