أمام المأساة والمعاناة اليومية، لا بد لفلسطينيّي غزّة من «فسحة أمل»، توفرها السخرية من واقعهم المعيش، لرسم ضحكة تساهم في صراع البقاء«والطير يضحك مذبوحاً من الألم»، هذا الشطر الشعري يمكن إسقاطه على أهالي قطاع غزّة، الذين لا يزالون، في ظل مأساتهم الإنسانية، يجدون متّسعاً للضحك من معاناتهم، فـ«شرّ البليّة ما يضحك».
معاناة الانقسام لها النصيب الأكبر من نكات الغزّاويين، الذين ما كادوا يسمعون خبر انتخاب محمود عبّاس رئيساً لدولة فلسطين، حتى بدأوا يتبادلون طرفة عن «قمّة ثنائيّة» ستجمع أبو مازن مع رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، أحمد بحر، الذي تخطّط «حماس» لتنصيبه رئيساً مؤقّتاً بعد انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني في التاسع من كانون الثاني المقبل.
طرفة تشير إلى تسليم الفلسطينيين بالانقسام، وبحقبة «الرئيسين» و«الدولتين»، دولة «فتح» في الضفة الغربية ودولة «حماس» في غزة، التي طالتها جملة من النكات، التي رسمت صورة كاريكاتوريّة للوضع في غزة بعد «الإصلاح والتغيير»، وهو اسم الكتلة البرلمانية لـ«حماس».
وتحت عنوان «دولة غزة بعد 48 سنة من التغيير والإصلاح»، يتبادل الفلسطينيون عموماً، والغزاويّون خصوصاً، رسائل إلكترونية عن الوضع المستقبلي للقطاع. فيشيرون مثلاً إلى أنه في عام 2055 «ستحتفل اليابان بإنجاز أضخم صفقة لشراء أجهزة كمبيوتر من غزة بعد جدل حاد في المجلس التشريعي الغزاوي دام ثلاثة أشهر».
أما في عام 2056 فستنشب «أزمة دبلوماسيّة بين غزة وفرنسا بسبب سيجارة ألقاها سائح فرنسي في الشارع في أشهر المنتجعات السياحية الغزاوية، وفرنسا تعرض تعويضات مالية».
ولم تقف التوقّعات الفلسطينية عند هذا الحد، بل قفزت إلى ريادة تربوية في القطاع، دفعت حكومته عام 2057 إلى «التهديد بطرد الطلبة الكنديين الدارسين في الجامعات بغزة بسبب قيام طالب كندي في مرحلة الدكتوراه بسرقة بحث علمي من أحد طلبة بكالوريوس الجامعة الإسلامية»، المرتبطة بحركة «حماس».
التطور أيضاً سيطال الاقتصاد، إذ ستشهد غزّة عام 2058 «بناء أضخم مركز تسوّق في العالم وذلك في مدينة جحر الديك». وريادة غزة الاقتصادية ستصل إلى مجلس الأمن، حيث ستستخدم حكومة القطاع عام 2065 «حق النقض (الفيتو) ضد قرار يسمح للصين بكسر احتكار غزة لتجارة السيارات في آسيا».
وبناءً عليه، فإن تطور غزة، بحسب لائحة النكات، متوقع أن يطال جميع المجالات، حتى الرياضيّة منها. فـ«منتخب غزة لكرة القدم سيكتفي في عام 2060 بإحراز المركز الثاني في بطولة كأس العالم بعد خسارته أمام المنتخب الأفغاني»، الذي يبدو أنه سيكون له نصيب من التطوّر بعد 45 عاماً على حكم حميد قرضاي.
هذه اللائحة الطويلة والمختصرة من التطوّرات لا بد أن تؤدّي في النهاية إلى «وقوف طوابير طويلة من الشبان الكنديين والأميركيين أمام السفارة الغزاوية لتقديم طلبات الهجرة إلى القطاع».
نكات وتوقعات كاريكاتورية قد ترسم بسمة عابرة على وجوه مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، لكنها لا تلغي المأساة الإنسانية. بسمة لا بدّ منها، ليعلن الفلسطينيون إصرارهم على الحياة في أشدّ الظروف حلكة.
(الأخبار)