Strong>دمشق تشدّد على «حماية الأرض وردع العدوان»... وإسرائيل تغيب عن خطاب مباركانعكست الأجواء السلبية بين القاهرة ودمشق، على إحياء كل من العاصمتين ذكرى حرب تشرين الأول 1973. ففي سوريا، سيطرت لغة الإصرار على تحرير الأراضي المحتلة على المناسبة، بينما كادت عبارة «إسرائيل» تغيب عن خطاب حسني مبارك

القاهرة ــ الأخبار
لم يعد السادس من تشرين الأول من كل عام، موعداً لتذكّر التخطيط العسكري المصري ــ السوري المشترك، الذي أذاق الجيش الإسرائيلي طعم الهزيمة للمرة الأولى في مواجهات العرب مع الدولة العبرية.
وخلافاً للأدبيات الكثيرة التي تتحدّث عن عمق التحالف بين القاهرة ودمشق، لا تزال الخلافات تلبّد غيوم التعاون بين العاصمتين، بينما تكاد القمم الدورية بين الرئيسين المصري حسني مبارك ونظيره السوري بشار الأسد تُنسى من الذاكرة حتّى.
وأحيت سوريا، أمس، الذكرى الـ35 لحرب أكتوبر، وسط تأكيدها أنّ العرب «قادرون على الدفاع عن أرضهم»، وأنهم متمسكون بأسس السلام العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية. وللمناسبة، زار الأسد وكبار مسؤوليه العسكريين والمدنيين ضريح الشهيد في جبل قاسيون في العاصمة دمشق.
وأكّدت الكلمات التي أُلقيَت خلال العروض العسكرية والمهرجانات الخطابية أن القوات المسلحة السورية «في كامل جهوزيتها لردع أي عدوان محتمل». ونُقل عن مسؤولين رفيعي المستوى قولهم إن حرب تشرين «أكدت بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ السلام لا يمكن أن يتحقّق في المنطقة من دون انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي العربية المحتلة ومن دون امتثالها لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
في المقابل، بدا الجوّ مختلفاً في العاصمة المصرية القاهرة، حيث أشار مبارك إلى أنّه لم يتخذ طوال حياته العسكرية والسياسية، أي قرار متسرع أو انفعالي، موضحاً أن ذلك كان «واضحاً خلال مرحلة إعادة بناء قواتنا الجوية والاستعداد لحرب تشرين، كما كان واضحاً في العديد من القرارات الصعبة التي اتخذناها إزاء قضايا الداخل المصري أو قضايا أمتنا ومنطقتنا». ولفت إلى أنّ روح تشرين «هي ما يلزمنا لمواجهة تحديات اليوم والغد، فنحن قادرون على الانتصار على طريق التنمية».
وفي السياق، رأى مبارك أنّ دور مصر وتحركها وريادتها «تفرض الكثير من العوامل التي يعرفها الجميع جيداً ويخطئ من لا يعي قدرة مصر ومكانتها ودورها ويخطئ من يتصوّر أنه قادر بالقول أو الفعل على أن يحدد لمصر دورها ومكانتها ويخطئ أيضاً من يتوهم أنه قادر على كسر إرادتنا أو لي ذراعنا».
وعن طبيعة هذا الدور المصري، رأى الرئيس المصري أنه «يرتكز على حقائق واعتبارات التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا ورسوخ مؤسساتنا وقوة جيشنا وعراقة ثقافتنا». ولم ترد كلمة إسرائيل في خطاب مبارك إلا حين أعرب عن تمنياته ألا تؤثر التطورات الداخلية الأخيرة في الدولة العبرية ونتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في أميركا على جهود السلام، موضحاً أن القاهرة تجري اتصالات مع جميع الأطراف والقوى الإقليمية والدولية لكي تستمر مفاوضات السلام «على نحو جاد ومن دون إبطاء». وكان لافتاً أنّ الذكرى مرّت من دون أن تحدّد القاهرة موعداً لزيارة الأسد، كذلك امتنعت دمشق بدورها عن تأكيد نبأ الدعوة. وعلى هذا الصعيد، يتذكّر مسؤول سوري في القاهرة بحسرة «الأيام الخوالي عندما كان التنسيق على أشده بيننا وبين مصر».
غير أنّ المسؤولين السوريين يلاحظون أنّ مصر لا تزال مصرّة على ربط علاقاتها مع دمشق بتطور ملف العلاقات اللبنانية ــ السورية، بينما يختلف الموضوع من وجهة نظر مسؤولين مصريين، يرون أنّ الطريق بين القاهرة ودمشق «لم تعد سالكة منذ الهجوم الكلامي للأسد على قادة مصر والسعودية والأردن» الذين وصفهم بـ«أنصاف الرجال»، على خلفية التباين بين مواقف الدول الأربعة خلال عدوان تموز 2006.
ومنذ ذلك التاريخ، التزمت القاهرة الموقف السعودي المعادي لسوريا على طول الخطّ، ورفضت كل المساعي التي حاول أكثر من زعيم عربي مثل العقيد الليبي معمر القذافي بذلها لتحقيق وساطة إيجابية بين الطرفين.