واشنطن ــ محمد سعيدمثّل انطلاق مهام القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا «أفريكوم» في الأول من الشهر الجاري انعكاساً لهواجس قلق متصاعد من أن تصبح أفريقيا أرضاً خصبة لأنشطة «الإرهاب» والعنف المسلّح. غير أن محللين وخبراء في الشؤون الأفريقية يشككون في التبريرات التي قدّمتها وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، ويرون أنّ القيادة الجديد شكل من أشكال «عسكرة السياسة الخارجية» الأميركية.
وقد شهد يوم الأربعاء الماضي حفل تنصيب القيادة الجديدة في «البنتاغون» بحضور وزير الدفاع روبرت غيتس ورئيس هيئة الأركان الأدميرال مايكل مولين وقائد «أفريكوم» الجنرال ويليام وارد، لتنضم القيادة الجديدة إلى خمس قيادات عسكرية أميركية معنية بشؤون الوجود العسكري الأميركي في العالم.
وتعهد وارد أن لا يكون لقيادته وجود عسكري واسع أو مراكز عسكرية دائمة في القارة، ورفض الاتهامات بـ«عسكرة السياسة الخارجية»، قائلاً: «لا ننوي عسكرة القارة ولا الاستحواذ على مواردها»، مؤكّداً أنه «لا توجد خطة خفيّة».
ورأى غيتس أن القيادة الأفريقية الجديدة نموذج لتعزيز «الشراكة المدنية ـــــ العسكرية» حيث تعمل وزارة الدفاع جنباً إلى جنب مع وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وبدعم منهما مع وكالات الأمن والتنمية في الدول الأفريقية المضيفة.
ولفت غيتس ووارد إلى أنّ عمل القيادة الأفريقية هو لدعم سياسات الأمن والتنمية التي سوف تتضمن مهمات مثل نشر مدربين عسكريين أميركيين لتحسين قدرات القوات الأفريقية الحالية لمكافحة «الإرهاب» وحفر آبار ماء وبناء مرافق للصرف الصحي وإرسال أطباء عسكريين.
إلا أن هذه التطمينات لا تمنع الخبراء في مراكز أبحاث ومنظمات أميركية غير حكومية من التحذير من «عسكرة السياسة الخارجية» للولايات المتحدة في أفريقيا وأميركا اللاتينية بذريعة مكافحة الإرهاب أو الرغبة في السيطرة على الموارد الطبيعية.
وهناك من يربط بين تصاعد اهتمام الولايات المتحدة بأمن أفريقيا واستقرارها وتصاعد اعتمادها على النفط الأفريقي، الذي تعد منطقة خليج غينيا أغنى مناطق القارة به وأقربها إلى الأسواق الأميركية. وتُشير التحليلات الاقتصادية الأميركية إلى أن اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأفريقي سيمثّل نسبة 25 فى المئة بحلول عام 2015.
وحذّر المسؤولون في منظمة اللاجئين الدولية من مخاطر عسكرة السياسة الخارجية الأميركية. وقالوا إن «أفريكوم»، التى بدأت عملها من مقرّها في مدينة «شتوتغارت» الألمانية، سوف تتولى العديد من الأنشطة الإنسانية والتنموية «فيما الجنود غير مدربين للقيام بها».
وأشار رئيس المنظمة، كينيث باكون، إلى أهمية تركيز القيادة الجديدة على «تدريب قوات حفظ سلام ومساعدة الدول الأفريقية لبناء قوات عسكرية تستجيب لتعليمات الحكومات المدنية والديموقراطية»، مضيفاً: «ينبغي للجيش (الأميركي) أن يلتزم بمهامه العسكرية وأن يترك للدبلوماسيين وخبراء التنمية توجيه مجالات السياسة الأميركية في أفريقيا».
وتم انتقاء ألف فرد للعمل في قيادة «أفريكوم» في شتوتغارت متخصصين بأوضاع القارة، على أمل زيادتهم إلى 1300 فرد مع نهاية عام 2009. ولدى القيادة 1800 عنصر يتمركزون في جيبوتي في إطار ترتيبات عسكرية مشتركة.