القاهرة ــ خالد محمود رمضانإلى جانب رغبة مصر في العودة إلى العراق الذي يمثّل سوقاً كبيرةً للعمالة والمنتجات المصرية، يبدو أنّ القاهرة تسعى عبر التقارب مع حكومة بغداد إلى منافسة النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين نيابة عن العرب جميعاً.
وبالإضافة إلى هذين السببين الموجبين اللذين أدّيا إلى حصول الانفتاح المصري الذي عبّرت عنه زيارة وزير الخارجيّة أحمد أبو الغيط قبل يومين إلى بغداد، فإنّ مصادر مصرية تتحدّث عن مبررات تصب في خانة «خضوع القاهرة لضغوط غير مرئية من إدارة الرئيس جورج بوش» التي أوشكت على الرحيل. وتشير المصادر إلى أن طبيعة هذه الضغوط مفادها أنّه لن يكون هناك «سلام» قريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أميركية، ما لم يقدم العرب تنازلات في العراق.
وقبل سنوات، كانت تلك العودة لتسعد الملايين من المصريين العاطلين من العمل. بينما اليوم، فإنّ تلك العودة لا تجد أيّ صدى شعبي على الإطلاق، كما يقول دبلوماسي عربي في القاهرة.
وقد فوجئ العالم والمصريون تحديداً بإرسال حكومة أحمد نظيف اثنين من وزرائه إلى عاصمة الرشيد في إطار ما يصفه البعض بأنه «هدية الوداع التي تقدمها الحكومات العربية لإدارة بوش» التي أوشكت على التقاعد.
ووفقاً لتقارير صحافية عراقية، فإنّ أبو الغيط اطّلع من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على أكثر من مبنى يمكن أن يصلح مقراً للسفارة المصرية في المنطقة الخضراء.
وبعيداً عن العناوين السياسية العريضة، يشير مراقبون إلى أنّ حكّام مصر يريدون الخروج من أزماتهم الاقتصادية المتمثلة في نسبة البطالة المرتفعة، وكذلك ارتفاع نسبة التضخم، والتي تعكس وجود طاقات معطلة يمكن للسوق العراقية المتعطشة أن تستوعبها. لكن من الصعب أن يتكرّر سيناريو ثمانينيات القرن الماضي، لأن السوق العراقية تعاني بدورها من بطالة كبيرة، من دون أن يمنع ذلك أنّ بمقدور الأسواق العراقية أن تستوعب الطاقات الفنية الكبيرة التي تملكها مصر في قطاعي الصناعة والبترول، وربما كان ذلك سبب وجود وزير النفط سامح فهمي برفقة أبو الغيط.
وكشف المتحدث باسم وزارة النفط المصرية، عاصم جهاد، عن أنّ الحكومة العراقية اتفقت مع الطرف المصري على إعادة تشغيل خطّ أنابيب الغاز في محطة بيجي بكوادر عمل مصرية، كذلك فإن الفريقين اتفقا على مشروع تنفذه شركات مصرية لبناء 20 محطة تزوّد بالوقود لسد النقص الحاصل في عدد محطات البنزين الموجودة في بلاد الرافدين.