3 خيارات لتعديل التعرفات بشكل عادل
«النفخ» في الفاتورة الطبية، أو ارتفاعها كما يصفه الرسميون، وارتباطها بالمصالح السياسيّة ومصالح أصحاب المستشفيات، مثّل المفاجأة في مؤتمر «الفاتورة الاستشفائية: كيفية تحديد الآلية ومراقبتها» الذي عُقد أمس بتنظيم من شركة «فرست بروتوكول» في بيت الطبيب، إذ إن هذا الملف المثير كان في صلب الاعترافات العلنية لوزير الصحة العامة محمد جواد خليفة ومحاضرين آخرين.
انطلقت شرارة الاعترافات من إعلان خليفة ارتفاع الفاتورة الاستشفائية في السنوات الأخيرة من 32 في المئة أو 35 في المئة إلى 50 في المئة أو 52 في المئة من مجمل الإنفاق الصحي في لبنان، مشيراً إلى وجود حجم كبير من الحالات الاستشفائية «غير المبررة» ونسبتها 30 في المئة، وأبرز مسبباتها وجود 70 نظاماً صحيّاً في لبنان لتغطية نصف اللبنانيين وقد جرى توزيعها على المناطق بحسب النفوذ والطائفة، كذلك تنفيذ دراسات غب الطلب من جانب بعض وزراء الصحة الذين قاموا بتحويل مراكز الرعاية الأوليّة إلى مراكز انتخابية، وجرى توزيع نظام الأسرّة طائفياً... مما أدى إلى تحويل دور وزارة الصحة باتجاه مراقبة حركة الدخول والخروج من المستشفيات.
ويلفت خليفة إلى أن نتائج هذه السياسات الصحية انعكست نموّاً عشوائياً للمستشفيات الخاصة، التي باتت تطلب التعاقد مع الوزارة لاستقبال 10 آلاف عملية قلب مفتوح، فيما هي تجري 1400 عملية قلب مفتوح سنوياً فقط! وصارت «عملية المرارة» تبقي المريض 20 يوماً في المستشفى... لذلك أنشأنا 22 مستشفى حكومياً بُنيت بفوضوية «غير أنها ليست خسارة بالنسبة إلى الفاتورة الاستشفائية».
والحل، برأي خليفة، يتمثّل بإنشاء «التأمين الصحي الإلزامي لغير المضمونين»، وأن يدفع كل مواطن ما بين 150 دولاراً و200 دولار للحصول على حد أدنى من التغطية الصحية وتحميله أعباء الحصول على أي خدمات إضافية، إذ إن حوالى 25 في المئة من مرضى وزارة الصحة يستهلكون 60 في المئة من ميزانيتها، فهؤلاء هم الأعلى كلفة.
كلام خليفة، أثار نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، الذي اعتبر أن دخول عقلية الميليشيات افترس القطاع، متسائلاً: «هل دور المستشفيات أن تموّل وتخطّط وتراقب؟ وبالتالي ما هو دور وزارة الصحة؟»، مشيراً إلى «نفخ» واضح في فاتورة الدواء، إذ يباع أحد الأدوية في فرنسا بـ30 يورو في مقابل 121 ألف ليرة في لبنان، أي بأقل من النصف!
وأعلن خليفة عن مشروع آخر سيُطلق في منتصف تشرين الثاني المقبل يتعلق بالبطاقة الدوائية للمواطنين الذين لا تتوافر لديهم الإمكانات المادية لشراء دواء أمراض الضغط، السكّري والقلب (جنيريك)، كما كشف عن دراسة مالية لإعادة النظر في الأسعار المعتمدة في الوقت الراهن في المستشفيات، لكونها متدنية»، وشدد على ضرورة التعجيل في «إقرار البدء بسلّم متحرك لتعديل أسعار الاستشفاء والطبابة».

الإسراف في صرف الأدوية

وأجرى نقيب الأطباء جورج افتيموس نقداً ذاتياً بعنوان «إسراف الأطباء في وصف الأدوية»، وعمولات يتقاسمها الأطباء مع مراكز المختبرات، وبين بعضهم والمستشفيات، فضلاً عن وجود حالات غش وفواتير وهمية...
أمّا رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان، أبراهام ماطوسيان، فأوضح أن كلفة الاستشفاء والطبابة مرشّحة للارتفاع في ظل استنباط اختراعات طبية وعلاجات جديدة، بما يحتّم زيادات في الكلفة. ورأى أن قطاع التأمين هو الشريك الاستراتيجي للقطاع الاستشفائي، «فهو الوحيد بين الجهات الضامنة الذي يسدد مستحقاته»، لافتاً إلى أن حصة القطاع من الفاتورة الاستشفائية بلغت نحو 135 مليون دولار عام 2006، بينما قدّرت حصته عام 2007 بنحو 180 مليوناً. واعتبر أن هذا يعني أن قطاع التأمين يؤمن الاستمرارية لتلك المؤسسات رغم الأعباء الناجمة عن علاقتها التعاقدية مع جهات ضامنة أخرى، داعياً إلى إعادة النظر في موقع القطاع «بما يوجب منح شركاتنا مرونة وتسهيلات في العقود وآجال الدفع، بدلاً من الضغط عليها وتحميلها ما تعجز بدورها عن فرضه على المواطنين من أعباء إضافية في ظل الضائقة الاقتصادية».
وقدّم المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي ثلاثة خيارات للتوصل إلى «التعرفات العادلة للاستشفاء» وهي: اعتماد نتائج دراسة اللجنة الخاصة التي تشير إلى زيادة تعرفات وخفض أخرى، اعتماد نتائج الدراسة التي تنفذ مع البنك الدولي بشأن نظام المبالغ المقطوعة، إجراء دراسة مشتركة للأكلاف الاستشفائية بين كل الصناديق الضامنة.
(الأخبار)