باسيل: المصارف توافق على زيادتها إلى 100 مليون ليرةهناك مشروع لزيادة قيمة ضمان الوديعة في لبنان إلى المستوى الموجود في أوروبا... المصارف لا تعترض عليه، بحسب رئيسها فرانسوا باسيل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يفضّل التريّث لكي لا يعطي إشارة سلبية إلى الأسواق، أمّا الحكومة فغائبة كلياً، بل إن هناك من يتهم رئيسها فؤاد السنيورة بالعرقلة نكاية بسلامة
قضت المادة الأولى من القانون الرقم 110 الصادر في 7/11/1991، المعروف باسم قانون «إصلاح الوضع المصرفي»، بتعديل قيمة الضمانة للوديعة في المصارف اللبنانية، المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ١٤ من القانون الرقم 28/67 تاريخ 9/5/1967، فرُفعت من مليون ليرة إلى 5 ملايين ليرة أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية، وذلك في إطار تنظيم آلية التعامل مع موجة التعثّر المصرفي التي انطلقت في النصف الثاني من الثمانينيات... وبقيت قيمة الضمانة من دون أي تعديل منذ ذاك الحين رغم موجات التضخّم المتتالية والمضاربات على العملة الوطنية... فكانت النتيجة أن انخفضت القيمة الفعلية لهذه الضمانة مقوّمة بالدولار، من 15 ألف دولار سابقاً إلى 3300 دولار حالياً، علماً بأن متوسط قيمة الوديعة الواحدة في المصارف العاملة في لبنان ارتفع أضعافاً مضاعفة في هذه الفترة، ولم يعد أحد يجادل في أن قيمة الضمانة لم تعد تمثّل أي ضمانة فعلية حتى لصغار المودعين (الادّخارات دون 50 مليون ليرة) الذين يمثّلون 90 في المئة من الحسابات و12 في المئة من مجمل الودائع.
وتقع مسؤولية هذه المهمة على عاتق المؤسسة الوطنية لضمان الودائع التي تُسهم فيها الدولة والمصارف بنسبة النصف لكل منهما، وقد حُدّد معدل رسم الضمان السنوي الواجب للمؤسسة على المصارف العاملة في لبنان بنصف بالألف من مجموع الحسابات الدائنة لكل من هذه المصارف... إلا أن الحكومة، كعادتها، لا تسدد حصّتها، بل تحوّل مستحقات المؤسسة إلى سندات خزينة بالليرة، ما جعل هذه المؤسسة، كما هي حال الضمان الاجتماعي، ممولاً أساسياً للخزينة العامّة، وأدّى ذلك إلى رفع درجة المخاطر على أموالها، ما دفع بالبعض إلى طرح مشروع لخصخصتها عبر بيع حصّة الدولة إلى المصارف نفسها، وإعادة النظر بنظامها وآليات تغطيتها، لتوفير ضمانة فعلية للوديعة بأي عملة كانت.
كذلك طُرحت مشاريع عدّة لزيادة قيمة الضمانة لكل وديعة بما يتناسب والتطورات في القطاع المصرفي ودرجة المخاطر في لبنان، لكن هذه المشاريع بقيت حبراً على ورق، بسبب رفض المصارف شراء حصّة الدولة، ورفض الحكومة تسديد مستحقاتها وتحفّظها مع مصرف لبنان على زيادة قيمة الضمانة.
وأوضح رئيس مجلس إدارة مؤسسة ضمان الودائع، خاطر أبو حبيب لـ«الأخبار» أنه تم اعداد مشروع لزيادة قيمة ضمان الوديعة تماشياً مع الإجراءات المتخذة في الدول الأوروبية (قرر الاتحاد الأوروبي رفع قيمة ضمان الوديعة إلى 70 ألف يورو). رافضاً الإفصاح عن مضمون المشروع، إلا أنه أعلن بوضوح تأييده المطلق لرفع قيمة الضمانة على الوديعة من 3300 دولار حالياً إلى أكثر من 15 ألف دولار، «مع النظر في قدرات الرسملة لكل مصرف».
وأشار إلى أن المشروع المطروح سبق الأزمة الراهنة، وقد جُمِّد في الفترة السابقة بسبب الأوضاع منذ عام 2005، فزيادة قيمة الضمانة يحتاج إلى تشريع في مجلس النواب بعد أن يُمرر في الجمعية العمومية لمؤسسة ضمان الودائع، ويُقرّ كمشروع قانون في مجلس الوزراء.
وقال أبو حبيب أن موقفه من زيادة قيمة الضمانة هو مبدئي وغير مرتبط بالأزمة الراهنة، «فالوضع المصرفي ليس طارئاً في الفترة الحالية، وبالتالي فإن الاولوية هي لمواجهة التحديات الاقتصادية بسبب احتمال خسارة عدد من الوظائف التي كان يشغلها لبنانيون في الخليج العربي».
ويلتقي هذا الموقف مع مواقف معنيين بالعمل المصرفي، فهؤلاء يجزمون بعدم وجود مخاطر منظورة على المودعين في لبنان حتى الآن، ولكن هناك مخاطر اقتصادية جدّية يجب التصدّي لها، ويقول مصدر معني أن بعض محافظي المصارف المركزية العربية الذين اجتمعوا أخيراً في مراكش حذّروا من أن ظاهرة صرف الموظفين من المؤسسات المالية الاستثمارية... وهذا سيؤدّي إلى فقدان وظائف كثيرة للبنانيين.
وجزم رئيس جمعية مصارف لبنان، فرانسوا باسيل، بأن المصارف اللبنانية غير متاثّرة بالأزمة، ولا خطر على المودعين في ظل الإجراءات السابقة التي فرضت على كل مصرف إيداع 15 في المئة من ودائعه بالعملات الأجنبية في مصرف لبنان، وهناك 20 في المئة من الودائع أيضاً موضوعة في مصارف آمنة خارج لبنان.
وقال لـ«الأخبار» إن التداعيات على لبنان تتمثل باحتمال تراجع الاستثمارات، وهذا يعني أن المصارف ستعتمد سياسة أكثر محافظةً في عملياتها، والجهات الرقابية في العالم ستكون أكثر تشدداً في تطبيق القوانين... ولا يتردد باسيل في إعلان استعداد المصارف لدعم أي مشروع يرمي إلى زيادة قيمة الضمانة على الوديعة إلى 100 مليون ليرة لا إلى 50 مليون أو 25 مليون ليرة فقط... فنحن مطمئنّون، يقول باسيل، ومنذ عام 1992 لم يمر أي مصرف بأزمة أو بفترة صعبة إلا وتمت معالجة أوضاعه عبر تدخل «المركزي» مباشرة أو غير مباشرة.
وبالفعل لم تضطر مؤسسة ضمان الودائع إلى تسديد أي ضمانة لأي مودع منذ إقفال ملف المصارف المتعثّرة، إذ عمد سلامة إلى استخدام 1780 مليار ليرة من الأموال العامة لتصفية أو تسهيل تملّك مصارف عدّة كانت تعاني مشكلات كبيرة في الفترة السابقة.
وينفي باسيل أن تكون الحكومة راغبة ببيع حصتها في المؤسسة، علماً أن سلامة نقل هذه الرغبة إلى جمعية المصارف مرّات عدّة، في سياق السجالات التي كانت تدور على خلفية عدم تسديد الحكومة لمستحقات المؤسسة، بذريعة أن أموالها تتراكم، وهناك حاجات تمويلية أكثر أهمية تواجهها الحكومة. ويأتي طرح خصخصة المؤسسة في سياق تسهيل إقرار زيادة قيمة الضمانة، فالزيادة، وإن كانت محور تأييد من المعنيين في القطاع المصرفي، إلا أنها تطرح إشكالية مهمّة لجهة تمويلها في ضوء رفض الحكومة لأي إجراء يرتّب عليها أعباءً مالية إضافية،
يقول أحد المعنيين إن سلامة رد على سؤال حول موقفه من رفع قيمة الضمانة على الوديعة، بأن هناك مشروعاً جاهزاًَ، ولكن يجب تأخيره حتى تمر الأزمة، إذ إن أي قرار من هذا النوع في الوقت الحالي قد يعكس صورة سلبية عن وضعية القطاع المصرفي اللبناني... ولكن هذه الحجة، يقول المصدر، لا تقنع أحداً، فالأمر قد يكون مرتبطاً بعلاقة سلامة السيئة مع السنيورة الذي لا يوافق على أي طرح يأتي من مصرف لبنان.
(الأخبار)


63.5 مليار دولار

هي قيمة الودائع الإجمالية للقطاع الخاص المقيم لدى المصارف التجارية العاملة في لبنان حتى نهاية تموز الماضي، منها 7.6 مليارات دولار لصغار المودعين الذين تقل ودائعهم عن 33 ألف دولار


مؤسسة اللاضمان