بغداد ــ زيد الزبيديعبثاً يحاول التحالف الكردستاني إظهار تماسكه، ووحدة موقفه، عبر نفيه المزمن لوجود خلافات في صفوفه. غير أنّ جميع مراقبي الشأن العراقي يدركون مدى التنافر الموجود بين قيادات وعناصر كل من «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة جلال الطالباني، والحزب «الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود البرزاني.
وإذا كان حزب البرزاني يستطيع التكتّم على ما يجري في صفوفه، بحكم الهيمنة ذات الطابع العشائري التي تحكمه، فإنّ الخلافات في الطرف الآخر سريعة الظهور، لأنّ «الاتحاد الوطني» تأسس منذ عام 1975 من مجموعة تيارات أو كيانات اندمجت «فدرالياً» على أساس معارضة اتفاقيّة الجزائر بين العراق وإيران، والتي تضمّنت وقف الدعم الإيراني لحركة مصطفى البرزاني.
آخر انشقاقات حزب الطالباني برزت منذ يومين وتنذر بالتوسّع؛ فبعد الهزة التي كادت أن تطيح قيادة الطالباني في خريف وشتاء 2006، بدأت ملامح تصدّع جديد تظهر، يحاول المسؤولون في الحزب التقليل من أهميته، على الرغم من الإعلان الرسمي عن طرد أربعة من كوادر الحزب، أسسوا يوم الجمعة الماضي تيار «التغيير والديموقراطية»، وهم: شورش حاجي، وملا خدر، وهوشيار عابد، وهفال كويستاني.
واللافت أنّ التبرير الذي قدّمه مسؤول الإعلام المركزي في «الاتحاد الوطني»، آزاد جندياني، لفصل القياديين الأربعة، جاء بالغ البساطة ويُختَصَر بأنهم «طالبوا باستقالة قيادة الاتحاد».
المؤكد هو أنّ حركة الانشقاقيين الأربعة، الذين قد يعلنون انضمام آخرين لتيارهم في اليومين المقبلين، جادّة في تحرّكها، وهي وضعت سقفاً عالياً لطموحها. فبعد مطالبتها بـ«استقالة قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني»، اعتبر التيار أن «الهيكل التنظيمي للحزب بُني على أساس صلات القربى والتكتلات»، وأن «المشاكل والمعضلات المستعصية التي يعانيها الاتحاد، يمكن حلّها فقط من خلال استقالة القيادة الحالية».
وفي السياق، أكّد مصدر مقرّب من التيار الجديد أنّ «المجموعة ستصدر بياناً خلال اليومين المقبلين توضح فيه موقفها من قرار المكتب السياسي للاتحاد الوطني»، وتقدّم صورة عن خطواته المقبلة.
وفي الحديث عن الاتحاد الوطني الكردستاني، لا بدّ من التذكير بطريقة تأسيس هذا الحزب: نشأ في دمشق، في حزيران عام 1975، عقب الانتكاسة التي لحقت بالحركة المسلّحة الكردية إثر توقيع اتفاقية الجزائر. وقد تألّف الاتحاد من تجمعات سياسية مختلفة، أهمها «الحزب الثوري الكردستاني» بقيادة جلال الطالباني، «وعصبة كادحي كردستان» بقيادة نوشيروان مصطفى، و«الحركة الاشتراكية» بقيادة صالح اليوسفي. وحينها، اتُفق على أن يأخذ التشكيل اسم الاتحاد الوطني الكردستاني. ومنذ ذلك التاريخ، يشغل الطالباني منصب أمين سره العام، فيما شغل نوشيروان مصطفى منصب نائبه، قبل أن يستقيل في كانون الأول 2006.
وجاءت استقالة نوشيروان في أعقاب خلافات حادة بين مجموعته ومجموعة الطالباني، قاد خلالها نوشيروان كوادر من الاتحاد إلى المطالبة بتقليص صلاحيات الرئيس العراقي، والقضاء على الفساد داخل تنظيمات الحزب وحكومة الإقليم.
وفي ذلك الوقت، لقيت فكرته تأييد أعضاء بارزين في الاتحاد، رفعوا شعار إجراء إصلاحات في الحزب والمؤسسات الحكومية في إقليم كردستان العراق. إلا أنّ جناحه فشل في الانتخابات الحزبية الأخيرة، بعد أن أمضى الطالباني مدة تزيد على شهرين في مقرّه في السليمانية، تمكّن خلالها من تغيير مسار المطالبة بالتغيير.
وعقب ذلك التطوّر، قدّم نوشيروان استقالته من الحزب، وافتتح مركز «ووشه» أي «الكلمة» الذي يهتم بالثقافة، ويصدر جريدة يومية باللغة الكردية، إضافة إلى موقع إلكتروني بعنوان «سبه أي»، أي «الغد» www.sbeiy.com.
يُشار إلى أنّ التيار الوليد، «التغيير والديموقراطية»، ينفي أي علاقة تربطه بنوشيروان مصطفى، رغم أنّ عدداً من المراقبين لا يستبعدون أن يكون له دور محرك في هذا الاتجاه.