غزة | لم تشفع التضحيات التي يقدمها أكثر من 7000 أسير بضياع أعمارهم داخل السجون الإسرائيلية، عند السلطة الفلسطينية، فكانوا أول من «تُشد الأحزمة عليهم» في مرحلة التقشف التي أعلنتها السلطة جراء الأزمة المالية التي تعاني منها عقب حجب إسرائيل أموال الضرائب عنها، فاستكثرت فتات الأموال التي تدفعها وزارة المالية لكانتين (محل) السجون، وتقدر بـ400 شيكل شهرياً (100 دولار) لكل أسير، ولا تكاد تكفي لتلبية الاحتياجات الضرورية للأسرى، فضلاً عن بعض الأموال التي يتمكن ذووهم من إرسالها.
مليونا شيكل (500 ألف دولار) هي إجمالي الأموال التي ترسل إلى كانتين السجون الإسرائيلية عن كل الأسرى، وهو مبلغ لا يذكر مقارنة بما يدفع لرواتب أكثر من 90 ألف موظف ما بين مدني وعسكري في الضفة المحتلة مع نحو 77 ألفاً آخرين في غزة، وتقدر رواتب هؤلاء بنحو 250 مليون دولار شهرياً.
هذا ما جعل محمد الصفطاوي (70 عاماً)، وهو والد لثلاثة أسرى محكوم عليهم بمؤبدات عديدة، يحمّل السلطة مسؤولية عدم دفع مصروف أبنائه الأسرى، متسائلاً: «ألا تكفيهم معاناتهم داخل السجون وحرماننا رؤيتهم في مرات كثيرة، حتى تتجنى عليهم السلطة؟».
وتزيد هذه الخطوة عبء الأهالي الذين يعانون أصلاً أوضاعاً معيشية صعبة، وخاصة في غزة، لكنهم مضطرون إلى «تدبير أمورهم» لإرسال الأموال إلى أبنائهم داخل السجون. والصفطاوي يقول إنه يتدبر أموره بصعوبة بعدما دُمر منزله في العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.
في المقابل، دعا مركز «أسرى فلسطين للدراسات» إلى تحييد الأسرى عن تداعيات الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة، وشدد الناطق الإعلامي للمركز، رياض الأشقر، على أن من يمكنه أن يتحمل هو المواطن خارج السجون، فيما الأسير يعيش على حسابه الخاص «في ظل عدم توفير إدارة السجون أدنى متطلبات الحياة له».
ويوضح الأشقر أن «قطع مبلغ الكنتين سيؤثر كثيراً في حياة الأسرى داخل السجون»، طالباً الفصل بين حجز الأموال ودفع مستحقات الأسرى، وخاصة أن «السلطة تتلقى مساعات مالية من الدول العربية وتستطيع توفير أموال للأمور الضرورية».
رئيس هيئة شؤون الأسرى (البديل الجديد لوزارة الأسرى)، عيسى قراقع، أوضح أن ما يضاعف الأزمة هو «ازدياد أعداد المعتقلين الجدد والموقوفين الذين هم بحاجة إلى أغراض وملابس ومواد غذائية»، مشيراً إلى أن إدارة السجون «تعمد إلى فتح أقسام جديدة خالية من الحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية الطبيعية».
وكان رئيس السلطة، محمود عباس، قد أعلن أن حكومة الاحتلال أبلغت السلطة باستمرار احتجاز عائدات الضرائب للشهر الثاني على التوالي، في إطار الضغط على السلطة بعد قرارها التوجه إلى محكمة الجنايات. ووفق تقديرات مراقبين، لن يُفرَج عن هذه الأموال قبل انتخابات الاحتلال في آذار المقبل.