«44 مليون شكراً للملكة العربية السعودية على مكرمتها»... هذه العبارة، ممهورة بتوقيع الهيئة الوطنية لدعم المدرسة الرسمية، وعلى خلفية خضراء ترمز إلى لون العلم السعودي، انتشرت عبر اللوحات الإعلانية على معظم الطرق الرئيسية في بيروت والمناطق، معلنة عن وصول سعر الـ«شكراً» الواحدة في بورصة «الانحطاط الثقافي» المحلية إلى دولار أميركي واحد فقط لا غير.إذا كانت الهبة السعودية المخصصة للمدارس الرسمية تستحق الشكر فعلاً، فلا يجوز أن يكون عدد مرّات «الشكر» موازياً لقيمة الهبة، أي 44 مليون دولار، فالشكر واجب، ربما، بمعزل عن القيمة، وقد تستحق السعودية 44 مليار شكراًلمثال، لا 44 مليوناً فقط، لذلك كان الأجدى الاكتفاء بتقديم الشكر «المجرّد» من الأرقام والقيم المادّية، بل كان الأنفع إصدار بيان باسم هذه الهيئة وغيرها من الهيئات لتحية المملكة أو شكرها على مبادرتها لا على «مكرمتها»، هذه العبارة «المقيتة» الوافدة إلى قاموسنا حديثاً.
لقد حصلت الهيئة المذكورة على 4 ملايين دولار من أصل قيمة الهبة السعودية لدعم نشاطاتها وأعمالها، لا من أجل إنفاقها على لوحات إعلانية لشكر الواهب... حتى لو كان ذلك بمشيئة هذا الواهب، فثقافة «الانحطاط» نفسها تروّج أيضاً لمقولة «إن الهبة، لأنها هبة، فلا ضير من إنفاقها كيفما كان، ما دام الواهب لا يمانع أو أنه يريد ذلك فعلاً».
ألم تسمعوا بكلمة «سيادة»!
(الأخبار)