بعد الهدوء في عكا، جاء دور المحاسبة الإسرائيلية التي استهدفت الضحية على اعتبارها «مسّت المشاعر الدينية» لليهود بانتهاك قوانين «عيد الغفران». محاسبة سببها مسؤولون من فلسطينيي 48 دفعوا الضحية الأولى للاعتداءات إلى الاعتذار
حيفا ــ فراس خطيب
بعد تهدئة الخواطر، وعودة الهدوء المشوب بالحذر إلى مدينة عكا، تتجه الشرطة الإسرائيلية نحو لوم الضحية. تلك الشرطة التي «عجزت» عن منع الاعتداء المتوقّع على العائلات الفلسطينية التي تسكن الأحياء اليهودية، أقدمت على اعتقال المواطن العكّي، توفيق جمل، بتهمة قيادة سيارته و«عدم احترام الديانة اليهودية» و«تعريض حياة الآخرين للخطر». وقد مدّدت فترة اعتقاله حتى غدٍ الخميس.
يذكر أن جمل كان قد تعرّض لاعتداء من يهود متطرفين، عندما قاد سيارته ليلة «الغفران» في الحي الشرقي لمدينة عكا الذي تسكنه غالبية يهودية، حيث انقضّ عليه العشرات وحطّموا السيارة، فاستطاع الهرب إلى منزل أقاربه، الذي حوصر، ما أدى إلى سلسلة من المواجهات.
اعتقال السائق أثار سخط أهالي المدينة، وخصوصاً أنَّه كان ضحية. ولا يوجد قانون إسرائيلي أصلاً يمنع السير في ليلة الغفران. وكان جمل، بطلب من بعض القيادات المحلية في عكا، وخلافاً لموقف الكثيرين من أهل المدينة، مثل أمام لجنة الداخلية التابعة للكنيست وقدّم اعتذاراً لقيادته السيارة.
وقال رئيس «كتلة التجمع الوطني الديموقراطي»، جمال زحالقة، لـ«الأخبار»، إن اعتقال جمل «انتقامي، لا يوجد له أي أساس قانوني. فلو كان الدخول إلى هذا الحي ممنوعاً، لوضعوا الحواجز في مداخله كما يفعلون في بعض الأحياء اليهودية في القدس وغيرها». وأشار إلى أن «الاعتقال جاء بسبب الاعتذار، لأنه يعني إقراراً بارتكاب مخالفة، بينما هو لم يرتكب أي مخالفة قانونية. ولو كان الأمر كذلك، لاعتقلوه في اليوم الأول. هذا الاعتقال المتأخّر يأتي ضمن محاولة لقلب الموازين وتصوير المعتدى عليه بأنه مذنب».
وتابع زحالقة «نحن نرفض هذا الاعتذار، لأن أهالي عكا هم ضحية ممارسات عنصرية متواصلة هدفها تهويد المدينة»، مضيفاً أن «الأجهزة الأمنية والشرطة سمحتا للمتطرفين اليهود بالقيام بأعمال انتقامية حتى يفرغوا غضبهم. وتدخلت حين شعرت أن الأمور بدأت تفلت من يدها».
وأكد رئيس الجبهة الديموقراطية، النائب محمد بركة، أن «اعتقال جمل جاء بطلب من اليمين العنصري المتطرف، وخصوصاً من زعيمه النائب العنصري إيفي إيتام». وأضاف أن «توقيت الاعتقال يؤكد أن من يقف وراءه هم جهات اليمين المتطرف التي تريد مواصلة جرائمها في عكا من دون أي عوائق».
واستخفّ بركة بذريعة الاعتقال التي جاءت تحت عنوان: «مس المشاعر الدينية»، وقال «إن العرب هم ضحية مسّ مشاعرهم من جانب السياسية الرسمية، وأيضاً من جانب أوساط واسعة في الشارع اليهودي، من دون أي رادع».
في هذه الأثناء، وبعد دعوات من متطرفين يهود لـ«معاقبة عرب عكا»، وسعي البلدية إلى إلغاء مهرجان عكا للمسرح الآخر، الذي يقام منذ سنوات في البلدة القديمة، دعا «ائتلاف أهالي عكا» إلى برنامج فني بديل في البلدة القديمة، وإحياء نشاطات رمزية. وسيشمل البرنامج عروضاً مسرحية وموسيقية ومعارض فنية وورشات عمل فنية وثقافية تقام كلها في البلدة القديمة.
وقالت مجموعة «ائتلاف أهالي عكا»، في بيان، «إنّ ارتياد مدينة عكا وبلدتها القديمة هو أمر مرغوب ومطلوب في هذه الأيام، لما تشهده المدينة من حصار اقتصاديّ وحياتيّ. ونتوخى من هذه النشاطات الرمزية أن تؤكّد للجميع أنّ عكا لم ولن تفقد مركزيّتها في حياة فلسطينيي الداخل، كمركز سياحيّ وثقافيّ وجغرافيّ وتاريخيّ».