مهدي السيدبعد تجاوزها المبدئي لعقبة حزب «العمل»، توجهت رئيسة حزب «كديما» المكلفة تأليف الحكومة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، نحو العقبة الثانية، حزب «شاس»، الذي نظر بعين الريبة والتحفظ إلى توافق «كديما ــ العمل»، مشترطاً لموافقته على دخول الائتلاف الحكومي تلبية جملة من المطالب المالية، السياسية والائتلافية.
لهذه الغاية، يتوقع أن يكثّف «كديما» من وتيرة المفاوضات الائتلافية مع حزب «شاس» لضمه إلى حكومة ائتلافية برئاسة ليفني، في ظل تهديدات متبادلة بالاستعداد للتوجه لانتخابات مبكرة، الأمر الذي يمكن إدراجه ضمن سياق ممارسة الضغط ولعبة ليّ الأذرع بين الأحزاب الإسرائيلية على عتبة تأليف الائتلاف الحكومي.
ويبدو أن اتفاق «كديما ــ العمل» أتى بنتائج معاكسة، لجهة الأمل منه دفع «شاس» إلى تليين موقفه وخفض سقف مطالبه من خلال تحميله مسؤولية أي توجّه مبكر نحو الانتخابات العامة في ظل الظروف الصعبة القائمة، ولا سيما الاقتصادية والمالية منها. وقال مسؤول رفيع المستوى في هذا الحزب اليميني المتشدّد إن خطوة ليفني «ستبعد شاس أكثر عن الحكومة»، إلا إذا استجابت لمطالبه المالية والسياسية والائتلافية، إذا أرادت تجنّب تجرّع كأس الانتخابات المُرّة.
وبالفعل، صلّب حزب «شاس» من حدة مطالبه، وأعادت مصادر الحزب تأكيد مطالبه المالية ــ الاجتماعية، في موازاة المطالبة بضمانات سياسية تتعلق بالعملية السياسية مع الفلسطينيين، وأُخرى ائتلافية تتعلق بموقع «شاس» داخل الحكومة وبالقوانين التي يسعى لإقرارها، وذلك في ضوء المكانة والصلاحيات «المعطّلة والمقرّرة» التي مُنحت لحزب «العمل» ولرئيسه أيهود باراك في الاتفاق مع «كديما».
وبرز تصلّب «شاس» خصوصاً في إعلان رئيس الحزب إيلي يشاي، لصحيفة «هآرتس»، أنه «لا يخاف من الجلوس في مقاعد المعارضة»، في إشارة الى استعداده لعدم المشاركة في الائتلاف الحكومي ما لم تُلبَّ مطالب الحزب، لافتاً إلى أن ليفني ستضطر في هذه الحالة إلى تأليف حكومة ضيقة وغير مستقرة.
كما نقلت الصحف الإسرائيلية عن قادة في «شاس» قولهم إن الاتفاق بين «كديما» و«العمل» يبعد «شاس» عن الحكومة، وإنهم يتحفّظون من الوعود والتعهّدات التي حصل عليها باراك، الذي ظهر في الاتفاق «كأنه الشريك الوحيد في الحكومة»، وأن «حق الاعتراض الذي جرى منحه لباراك في ما يتعلق بجدول عمل الحكومة والمجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية ليس مقبولاً».
وتطرّق مسؤولون في «شاس» إلى النقاط التي لا تزال عالقة في المفاوضات مع «كديما»، فأشاروا إلى أن «المفاوضات الائتلافية مستمرة، لكن شاس يصرّ على صياغات أكثر وضوحاً في ما يتعلق بقضية القدس (يعارض مفاوضات مع الفلسطينيين بشأن مستقبل القدس الشرقية) وحدوث تقدّم ملموس في ما يتعلق بزيادة المخصصات للعائلات الكثيرة الأولاد»، إذ يطالب «شاس» بتوسيع الموازنة لعام 2009 لزيادة مخصصات الأولاد، وتسميتها «منحاً عائلية»، تصل قيمتها إلى 1.5 مليار شيكل، الأمر الذي يرفضه مسؤولو «كديما» في ظل الأزمة الاقتصادية، وإن كانوا يعِدون بإيجاد حلول وسط بشأن هذه المسألة.
وإلى جانب النقاط الخلافية الأساسية بين «شاس» و«كاديما»، أُضيفت نقاط أُخرى مثل معارضة «شاس» لما بات يعرف بـ«قانون باراك» الذي سيتيح له أن يصبح رئيساً للمعارضة، إذا انسحب من الحكومة، رغم أنه ليس عضواً في الكنيست؛ وبند الاتفاق الذي ينص على أن أي تعديل على القوانين المتعلقة بالجهاز القضائي يتطلّب موافقة وزراء «العمل». وعلّلت مصادر «شاس» معارضته لهذا البند بأنه سيكون عقبة أمام «شاس» في تمرير قوانين تلتف على المحكمة العليا.
وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست تساحي هانغبي إنه «إذا اتضح أن مطالب شاس مبالغ فيها، فإن ليفني ستبلغ الرئيس (شمعون بيريز) الذهاب إلى انتخابات مبكرة». وأضاف هانغبي، الذي يقود المفاوضات الائتلافية باسم «كديما»، إنه «لن تؤلّف حكومة إذا رفض شاس الانضمام إلى التحالف، إذ لا جدوى من تأليف حكومة لأمد قصير». لكنه أكد أن «المفاوضات مع شاس ستستمر في الأيام المقبلة، وإذا كانت نيّاته حقيقية، ينبغي التوصل إلى اتفاق من دون مماطلة».
وفي السياق، قالت محافل في طاقم المفاوضات الائتلافية التابع لـ«كديما» إنه «كما تبدو الأمور الآن، سيكون ممكناً التوصل إلى اتفاق مع يهدوة هتوراة قبل شاس».
وتعتزم ليفني في حال الاتفاق مع «شاس»، التوجه إلى بنيامين نتنياهو ودعوته إلى الانضمام لائتلافها وتأليف «حكومة طوارئ وطنية».
وفي تطور مفاجئ، فاجأ رئيسا كتلتَي «المتقاعدين» و«العدل للمسنّين» (ثلاثة مقاعد لكل منهما) الوسط السياسي الإسرائيلي بإعلان اتحاد الكتلتين مجدداً بعد الانشقاق الذي حصل بينهما قبل أشهر، على خلفيات شخصية وصراع على المقاعد الوزارية وعلى السلطة.