منتدى المفوّضية الأوروبية يركّز على خفض الأكلافرشا أبو زكي
تختلف الإحصائيات المتوافرة عن تحديد عدد المؤسسات المتوسطة والصغيرة في لبنان، فبحسب المجلس الاقتصادي الاجتماعي، الذي أجرى مسحاً ميدانياً (2002) فإن عدد هذه المؤسسات هو حوالى 181 ألف مؤسسة، وبحسب الإحصاء المركزي (1996) فعدد المؤسسات العاملة في لبنان يناهز 199 ألفاً، 94،5 في المئة منها مؤسسات صغيرة ومتوسطة. أما دراسة مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي (2007) فتشير إلى وجود 690 ألف وحدة أعمال صغيرة ومتناهية الصغر، تتوزع على 190 ألف مؤسسة نظامية ويعمل فيها أقل من 10 عمال، وتشكّل أكثر من 95 في المئة من المؤسسات النظامية الإجمالية، و250 ألف مشروع عائلي غير نظامي، و250 ألف منشأة يعمل فيها شخص واحد...
هذه المعطيات تشير إلى ضرورة تنظيم عمل هذه المؤسسات وتنميتها، فهي وفق ورقة المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق تساهم في حوالى 40 في المئة من الناتج المحلي، وترتفع هذه النسبة إلى 70 في المئة في حال إضافة مساهمة المشاريع العائلية والوحدات غير النظامية، فيما تستوعب هذه المؤسسات أكثر من 76 في المئة من العاملين في القطاع الخاص، وما يوازي ثلثي القوة العاملة الإجمالية في لبنان! وتطوير عمل هذه المؤسسات وتنميتها أصبحا ضرورة وطنية واقتصادية، ما استدعى المفوّضية الأوروبية في لبنان إلى جمع ممثّلين عن الأحزاب المنضوية في البرلمان (بعد حضور مؤقت لممثل عن التيار الوطني الحر الذي تغيّب أول من أمس) في «المنتدى اللبناني حول الشركات والمنافسة» الذي عقد يوم أول من أمس وأمس، للتوافق على خطة عملية لدفع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قدماً في اتجاه توسيع أعمالها وتنشيطها...
وفي اليوم الثاني للمنتدى، أرخى موضوع عدم التزام المجتمعين بتوصيات الجلسة السابقة التي عقدتها المفوّضية في نيسان حول «الضمان الشامل المموّل من الضرائب» بظلاله على جزء من المناقشات، فكان بحث بتحديد آلية لتنفيذ توصيات المنتدى ومتابعتها، انتهت بعدم تحديد آلية للمتابعة، على أن تبقى هذه النقطة قيد النقاشات. أما في ما يتعلق بأبرز التوصيات التي صدرت عن المنتدى، فقد تمحورت حول الواقع المادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وديونها المتراكمة بعد سلسلة الحروب التي عصفت بلبنان، وبالتالي تم البحث عن حل واقعي لهذه المشكلة، فكان اقتراح بإعادة جدولة هذه الديون لدى المصارف، إلّا أن ممثلي جمعية المصارف أصرّوا على حذف عبارة «جدولة» واستبدالها بعبارة «إعادة تمويل ديون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة». وتضمنت التوصيات كذلك موضوع العمل على تنظيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقوننتها، ونزع القيود التي تعرقل هذين الهدفين، وخصوصاً لجهة التمويل المصرفي.
وقد دعت إلى إعادة تنشيط المجلس الاقتصادي الاجتماعي وفق مطلب قدّمه «التكتل الطرابلسي»، ومن اللافت كذلك إصرار ممثّلي الحزب التقدمي الاشتراكي على ضرورة دخول لبنان إلى منظمة التجارة العالمية. وعلى الرغم من تحفّظ رئيس الاتحاد العمالي العام على هذا الموضوع، أدرجت هذه النقطة في التوصيات مع إضافة عبارة «تشجيع الدولة للإسراع في الانضمام إلى منظمة التجارة»! وكذلك تحفّظ غصن على نقطة تتعلق بإنشاء مناطق صناعية واقتصادية متحررة من قوانين الضمان، وبالتالي لم تدرج ضمن التوصيات المتوافق عليها. كذلك دار جدال واسع حول قانون المنافسة، والوكالات الحصرية، وقد ترك هذا الموضوع إلى المجلس النيابي على أن يكون موضوع إلغاء الحماية عن الوكالات الحصرية من ضمن قانون المنافسة إذا أقرّ.
وبالتالي ستشمل الورقة الختامية للمنتدى، التي ستُعلن اليوم، النقاط السابقة، إضافة إلى اقتراح إطار يطبّق على جميع الشركات في ما يتعلق بالبنى التحتية وأكلاف الكهرباء والاتصالات والنقل. وكذلك العمل على أن تأخذ السياسات الاقتصادية والمالية العامة بالاعتبار المصاعب التي تواجهها المؤسسات، وخصوصاً أن شروط تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة غير متوافرة في السياسات القائمة حالياً. كذلك تضمّنت التوصية أن تشمل أعمال مؤسسة كفالات جميع المناطق اللبنانية، لكون خدماتها تتركز بنسبة 80 إلى 90 في المئة في بيروت وجبل لبنان. وتطرقت التوصيات إلى موضوع وضع حدّ للفساد وتعزيز جاذبية لبنان بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب، وتطوير البنية التشريعية لإنشاء المؤسسات والاستثمار فيها، وخصوصاً القانون التجاري.
وقد استفاض المجتمعون في النقاش حول محور «مستوى التدخل في إطار التشريعات، العمل الإقليمي، دور الأوساط المهنية المحترفة والمؤسسات التي يجب تقويتها أو إنشاؤها»،إذ تمّ التطرق إلى موضوع كيفية تأمين التمويلات اللازمة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وخصوصاً أن عدداً كبيراً من هذه المؤسسات غير نظامي، وبالتالي لا يستطيع الحصول على قروض مصرفية، إذ لفت البعض، ولا سيما طوني شويري ممثل الكتلة الشعبية، إلى أن الضرائب والرسوم التأسيسية والتجارية تكبح أصحاب هذه المؤسسات عن التسجيل، وخصوصاً أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تحصل على خفوضات ضريبية ولا ينظر إلى وضعها كحالة استثنائية، إضافة إلى ضعف وأحياناً انعدام الإجراءات الحمائية لبعض الصناعات الصغيرة وتكثيف جهود الدعم على القطاعات المحظية، وكذلك تأثير سياسة الانفتاح وسيطرة الاحتكارات ووجود ممارسات إغراقية.
وقد طال النقاش مؤسسة كفالات ودورها، إذ أشار البعض إلى أن هذه المؤسسة لا تساعد على تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وخصوصاً مع ضعف قدراتها التحفيزية، فيما أصحاب هذه المؤسسات لا يفضلون اللجوء إلى القروض لأسباب تتعلق بطبيعة عملهم غير المنظم. ودعا البعض الى وجوب محاسبة سفراء لبنان في الخارج لكي يقوموا بعملهم في ما يتعلق بالتسويق للمنتجات اللبنانية في أسواق البلدان التي يعملون فيها.


6،5 في المئة

هي نسبة أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذين عملوا على الاقتراض من مؤسسات مالية لإطلاق أعمالهم في لبنان، فيما استخدمت النسبة الباقية مدّخراتها الخاصة.


بين السياسة والاقتصاد