استغرب المشاركون في منتدى المفوضية الأوروبية عن «المؤسسات الصغيرة والمتوسطة» أن يوصي ممثل الحزب الاشتراكي بـ«ضرورة دخول لبنان إلى WTO»، فتبين أن موقفه شخصي. سُحب البند... فغضب لوران!
رشا أبو زكي
... وسُحب بند «الإسراع في دخول لبنان إلى منظمة التجارة العالمية» من توصيات المشاركين في منتدى المفوضية الأوروبية بشأن «تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة»... فالمنتدى الذي جمع جميع الكتل النيابية في جلسات على مدى يومين، تخلله طلب من ممثل اللقاء الديموقراطي طلال جابر بضرورة «حث الحكومة على الدخول إلى منظمة التجارة»، وقد تسلل هذا البند إلى التوصيات على الرغم من وجود عدد من الأصوات الرافضة إدراجه.
وحتى صباح أمس، كان البند المظفّر متربعاً على الورقة الختامية للمنتدى، وإذا بالموضوع الذي نشرته «الأخبار» والذي يشير إلى الطلب المستغرب الصادر عن حزب «اشتراكي» يقلب الأجواء رأساً على عقب... إذ فور قراءة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ما ورد في «الأخبار»، بادر إلى الاتصال بجابر الذي أكد ما قاله في المنتدى، فسارع جنبلاط للاتصال برئيس بعثة المفوضية الأوروبية السفير باتريك لوران لمطالبته بسحب هذا البند من التوصيات، مؤكداً أن الحزب التقدمي الاشتراكي لا يوافق على هذا الطرح، وأن ما قاله جابر موقف شخصي لا يعبر عن توجهات الحزب وأفكاره...
جابر حاول خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته المفوضية أمس أن يلمح إلى أن الأسلوب الذي اتبعته «الأخبار» (من دون أن يسميها) في نقل الخبر له خلفيات سياسية! ورأى أن «رأينا العلمي يدعو إلى ضرورة الانضمام إلى منظمة التجارة، ولكن وفق ضوابط تحمي القطاعات الإنتاجية والعمال، ولكن هذا الموضوع أسيء فهمه. والحزب الاشتراكي ضد العولمة، ولكنه مع السوق المفتوحة من دون إلحاق الضرر بالقطاعات. ولكي لا يفهم موقفنا بشكل خاطئ، وبالتوافق مع المفوضية الأوروبية سُحب هذا البند من التوصيات. ولكنني أدعو الجميع إلى دراسة موضوع الانضمام إلى المنظمة بشكل علمي وبعيداً عن السياسة»!
أما لوران الذي انفرجت أساريره بفعل تضمين ورقة التوصيات بند دخول لبنان إلى منظمة التجارة (أول من أمس)، فانزعج من إعادة سحب هذا البند في اليوم التالي (أمس)، فتقدم من «الأخبار» طالباً «عدم نشر وقائع جلسات المنتدى»، مهدداً «وإلا فلن ندعوكم إلى مؤتمراتنا»! وبالطبع في وضع كهذا لا يمكن محاكاة الحس الأوروبي الذي يُسوَّق له على أنه ديموقراطي ويدعم الشفافية في كل المجالات، فلوران الذي صبغ الغضب وجهه بالأحمر خسر ورقة لعلها الأساسية في التوصيات التي سيحملها النواب المشاركون في المنتدى إلى مجلسهم... وقد انعكس هذا الغضب على المؤتمر الصحافي، إذ عند حديث ممثل الاتحاد العمالي العام فضل الله شريف عن أن «موقف الاتحاد مبدئي في رفض الانضمام إلى المنظمة ورفض الخصخصة»، كانت الابتسامة لا تفارق وجه لوران، على الرغم من أن شريف لم يكن قد ألقى أي طرفة!
أما أبرز التوصيات التي صدرت عن المنتدى، فهي تحديث خطة الطاقة وتطبيقها على وجه السرعة، وتحسين آلية إنتاج الكهرباء وتوزيعها، وتطوير قطاع الاتصالات ومعالجة مسألة التعرفات، وتنمية شبكة النقل. كما دعت التوصيات إلى وضع آلية وطنية فاعلة في ما يتعلق بالمنافسة، وإنشاء مجلس وطني تناط به صلاحيات التحقيق، واتخاذ القرارات وفرض العقوبات، إضافة إلى سن قانون حديث للمنافسة يُعنى بمكافحة مختلف الممارسات الاحتكارية.
ودعت التوصيات إلى مراعاة السياسات الماكرواقتصادية الضوابط التي تصطدم بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على أن تصوّب مفاعيلها السلبية. ونوه المشاركون بالاتفاقات التجارية الضرورية، مع ضرورة تطبيق آليات الدفاع التجاري، من تحديد شروط الوقاية، ومكافحة الإغراق، ومكافحة الدعومات. كما أشارت التوصيات إلى ضرورة تحسين بيئة العمل بما يساعد على خفض كلفة المعاملات، واسئصال الفساد وتعزيز قدرة لبنان على استقطاب المستثمرين الأجانب، إضافة إلى تعزيز استقلالية القضاء وتطبيق القوانين وتحسين قانون التجارة، وتيسير ممارستي الوساطة والتحكيم. ولفتت إلى ضرورة تدريب الموارد البشرية لكل من العمال وأصحاب العمل ومدراء الشركات، وهي حاجة ضرورية تقتضي وجود علاقات متينة بين آليات التدريب والمؤسسات. ودعت التوصيات أيضاً إلى مكافحة الانحياز ضد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وبإلحاق المؤسسات غير النظامية والخارجة عن الإطار القانوني بالقطاع النظامي، ولفتت إلى منح الإعفاءات الضريبية للمؤسسات التي تحقق رقم أعمال دون نسبة معينة، إضافة إلى تطبيق صفات جديدة لرواد الأعمال مثل رائد الأعمال لحسابه الخاص، أو شركة شخص واحد محددة المسؤولية أو شركة مساهمة مبسّطة، وهي تدابير متبعة في دول عديدة من شأنها أن تؤدي إلى انضمام المؤسسات هذه إلى الحقل النظامي.
وأوصى المشاركون بتوسيع نطاق برنامج كفالات، وتأسيس صناديق استثمارية متخصصة. أما في ما يتعلق بالنفاذ إلى الأسواق، فدعت التوصيات إلى أن يكون جزء من المشتريات الحكومية قادماً من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، هذا إضافة إلى التوصية بوضع سياسة ابتكار تفترض إقامة أقطاب جديدة متخصصة في بعض القطاعات. ومن الناحية التشريعية دعت التوصيات إلى اقتراح «قانون لبناني للمؤسسات الصغيرة» وإعادة تنشيط المجلس الاقتصادي والاجتماعي.