الصهاينة يحاولون تعميم إرهاب عكّا ويفتعلون العنف ضدّ فلسطينيّي 48 والشرطة تحميهمحيفا ــ فراس خطيب
الهدوء ما بعد عاصفة عكّا، لا يزال على حاله: توتّر وترقّب، وسط مخاوف من انتقال الفتيل إلى مدن مختلطة أخرى. خوف تغذّيه حقيقة كون فلسطينيي المدن المختلطة في يافا واللد والرملة وحيفا، يعانون أصلاً، وقبل الاعتداءات على عرب عكا حتى، من تمييز صارخ في كل الوسائل الحياتية: أحياؤهم أشبه بالغيتوات، وبطالة مستشرية، وآفاق أعمال وآمال مسدودة، والسياسة المحلية تتبع نهج المؤسسة العام في مجال التضييق. وإن بدت الأوضاع متفاوتة من مكان إلى آخر، إلا أن السياسة تبقى واحدة والنهج نفسه تحكمه العقيدة الصهيونية.
وظهرت في أعقاب أحداث عكا، علامات توتر في المدن المختلطة. وقد استفاق فلسطينيو يافا القاطنون في حي النزهة الذي تسكنه غالبية عربية، على شعارات عنصرية بالقرب من بيوتهم، منها «الموت للعرب»، إضافة إلى وصفهم بعبارات نابية. على إثر ذلك، سعى عدد من النشطاء السياسيين الفلسطينيين إلى تهدئة خواطر أبنائهم.
وقال المرشح في قائمة «يافا» للانتخابات البلدية، سامي أبو شحادة، إنّه لا ينفي أن هذه الممارسات جاءت «لتقليد» ما جاء من اعتداءات على العرب في عكا.
وتابع «العنصرية ليست متعلقة بعكا، بل هي متعلقة بسيرورة يمر بها المجتمع الإسرائيلي منذ الانتفاضة الأولى (1987)، يسير المجتمع فيها نحو اليمين المتطرف». ويرى أبو شحادة أنه «ليس صدفة حين يفوز حزب إسرائيل بيتنا بقيادة العنصري افيغدور ليبرمان بعشرة في المئة من أصوات الناخبين في اسرائيل» في إشارة إلى انتخابات عام 2006.
ويشير أبو شحادة إلى أن المستوطنين الذين ينتمون إلى التيارات الدينية المتطرفة (مثل «الاتحاد القومي») ينوون إقامة مدرسة يهودية دينية متطرفة في حي العجمي العربي، وبدأت هذه المدرسة بالفعل وفيها 30 طالباً «ويعملون على استجلاب مستوطنين آخرين لتعزيز وجودهم وفعالياتهم»، ما قد يزيد من الحال المتوترة أصلاً في المدينة. كذلك يشير إلى أن فلسطينيي اللد المختلطة أيضاً، يعانون من هذه الحالة ويواجهون تلك الممارسات الاستيطانية.
وكانت أحداث عكا قد سرقت الأضواء أثناء عيد الغفران، ما دفع بالإعلام الإسرائيلي إلى غضّ الطرف عن رصد حالات مشابهة حصلت في المدن المختلطة.
ففي ليلة الغفران نفسها حيث اشتعلت حوادث العنف في عكا، تعرض الشاب ربيع شاهين، وهو فلسطيني من سكان مدينة حيفا، لاعتداء عنيف من قبل عشرات المتطرفين، بعدما قاد سيارته بصحبة زوجته وبناته على مقربة من حيّ «بات غاليم» القريب من شاطئ البحر. وهناك استفرد فيه المتطرفون وانهالوا عليه بالضرب أمام أعين أفراد عائلته. وبعد نجاته من العنصرية الصهيونية، قال شاهين «لقد أرادوا إعدامي. كانوا يضربونني بوحشية أمام زوجتي وبناتي في السيارة»، إلى أن مرّت دورية شرطة صدفة من المكان، فهرب المعتدون. واعترفت المتحدثة باسم شرطة حيفا بأنه «لولا مرور الدورية لكان الوضع سيكون مختلفاً».
كذلك شهدت حيفا أحداثاً متفرقة خلال «الغفران» من رشق حجارة واعتداءات على الفلسطينيين، إضافة إلى تظاهرة نظمها يمينيون متطرفون ينشطون تحت اسم «حرس حيفا»، في حي الألمانية، حيث مركز المقاهي العربية.
وحمل المتظاهرون الأعلام الإسرائيلية وأطلقوا هتافات عنصرية. وحاول قادة عرب حيفا منع عتاة الصهاينة من خلال الطلب من الشرطة التحرك، لكن الأخيرة لم تحرك ساكناً، لا بل تولّت حماية التظاهرة ومواكبتها!
وعلى طرقات المدن، نصب بعض المتطرفين كمائن كادت أن تودي بحياة عدد من الفلسطينيين. نضال جريس مثلاً، وهو مهجّر من قرية كفربرعم ويسكن في حيفا، كان يقود سيارته ليلة الغفران، وحين كان في طريقه إلى الشمال، اصطدمت سيارته بحجر كبير كان وسط الشارع. وكانت الصخرة التي وضعها يهود مغطاة بكيس نايلون، وحالفه الحظ بأنه لم يكن مسرعاً. وأدّى الحادث إلى ضرر جسيم في سيارته.
في هذه الأثناء، أكّدت الشرطة الإسرائيلية أنّها تواصل عملها «العلني والسري» في مدينة عكا خشية من «تجدد المواجهات» بين يهود المدينة وفلسطينييها. وتستعد الشرطة لرفع حالة التأهب في المدينة مع اقتراب عيد «سمحات هتوراة».
وأشارت مصادر أمنية إلى وجود نية لنشر الشرطة نحو ألف عنصر في أنحاء المدينة.
وقام مكتب النائب العربي في الكنيست عباس زكور، وهو من سكان عكا، بتعميم بيان جاء فيه «قرر جهاز الحرس التابع للكنيست، بدءاً من صباح الجمعة، (أمس) توفير الحراسة الملاصقة لعضو الكنيست الشيخ عباس زكور، على مدار 24 ساعة، وذلك بعد ورود معلومات استخبارية عديدة عن وجود نية جهات يهودية متطرفة باغتياله».
ويأتي هذا التهديد رغم أن زكور معروف بأنه من دعاة «المصالحة» بين اليهود والعرب ومن الموقّعين على بيان تمّ فيه الاعتذار عن قيادة السائق العكاوي سيارته ليلة الغفران.