بينما لا تزال «حماس» تنتظر موقفاً مصرياً يبلغها الرد «الفتحاوي» على طلبها عقد لقاءات ثنائيّة تسبق الحوار الوطني الشامل، وزّعت القاهرة، أمس، دعوات الحوار الوطني مرفقة بمشروع البيان الختامي، محددة التاسع من شهر تشرين الثاني المقبل موعداً لانعقاد الحوار.وبحسب مصادر مطّلعة على البيان، فإن الفقرات التي تضمنها أخذت بمعظمها برأي الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس لجهة التشكيلة الحكومية والانتخابات والأجهزة الأمنيّة واللجان اللاحقة للحوار.
الورقة المصرية تعني القفز فوق مطالب «حماس» التي رفعتها في القاهرة، وخصوصاً لجهة رفضها الحوار الثنائي. وبات على الفصائل ترقّب موقف الحركة الإسلاميّة من المشاركة أو عدمها، ولا سيما أن الرفض قد يعني انفراط عقد الحوار.
في هذا الوقت، أكد القيادي في حركة «حماس»، محمود الزهار، خلال مؤتمر صحافي في دمشق، أمس، أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس طلبت من قيادة الحركة «النظر إلى المتغيّرات من حولها»، وذلك في رسالة شفوية قام بإيصالها أحد وزراء الخارجية العرب. وقال «نحن ننظر حولنا دوماً، ونظرتنا تزيدنا اطمئناناً ورسوخاً لعقيدتنا السياسية، ونؤكد أن ما نسمعه من الأميركي ليس مقدساً ولم يجلب لأمتنا إلا الكوارث».
وأشار الزهار إلى أن الحركة ستتسلّم في غضون ساعات رسالة القيادة المصرية بشأن تصوراتها للحوار الفلسطيني، مشدداً على أن «حماس لا تخشى لقاء الفصائل»، لكنها ترى أن المشكلة متمثّلة بين «فتح وحماس اللتين حصلتا على ما مجموعه 78 في المئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية الأخيرة». وأضاف «إن محاولة تصوير الأزمة كأنها بين حماس والفصائل غير منطقية وغير مقبولة»، موضحاً أنه «إذا أصرّ طرف على ذلك، فإن حماس ستسمّي الأشياء بأسمائها».
من جهته، أكد القيادي في «حماس»، سعيد صيام، أن المجلس التشريعي «سيد نفسه»، و«ليس لأحد وصاية عليه» وفقاً لما نصّ عليه الدستور الفلسطيني، مضيفاً «لا قوة تعطي الشرعية للرئيس عباس بعد انتهاء ولايته». ورأى أن «تسارع الدعوات إلى الحوار الفلسطيني يتعلق بانتهاء ولاية الرئيس عباس»، مؤكداً أن «كل قوى منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الإقليمية والدولية لن تعطي عباس الشرعية، وستكون شرعيته حينها منقوصة ولن يدعمه أو يثبته أحد».
من جهة ثانية، تباينت مواقف حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في شأن «الخلاف» بينهما بسبب عدم دعوة الأمين العام لـ«الجهاد»، رمضان عبد الله شلح، ومساعده أنور أبو طه، إلى المشاركة في مؤتمر القدس الذي عقد قبل أيام في الدوحة، رغم أنهما عضوين مؤسّسين.
وبينما نشرت وسائل إعلام عربية ومحلّية أن الخلاف بين الحركتين وصل إلى «قمة الهرم القيادي» وسبّب «قطيعة» بين شلح ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، المقيمَين في دمشق، وصفت مؤسسة القدس الدولية التي نظّمت المؤتمر هذه المعلومات بأنها «كاذبة وملفّقة».
وعلمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية موثوقة أن «حركة الجهاد قدمت استفسارات للشيخ يوسف القرضاوي وأعضاء آخرين في مؤسسة القدس، وطالبت بتوضيح لعدم دعوة شلح وأبو طه».
وتباينت درجات الغضب داخل حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة لجهة تعاطيها مع الأمر، بين رفض التعليق وتأكيد وقوع الخلاف مع «حماس»، فيما قال قياديون في «حماس» إنها ليست طرفاً في الخلاف، بل «مؤسسة القدس»، وهي الموكلة بالدعوة للمؤتمر.
وكانت وسائل إعلام عربية ومحلية قد نسبت إلى مصادر وصفتها بالمطّلعة أن غضباً شديداً يسود أوساط حركة «الجهاد» في الداخل والخارج. ونقلت وكالة «معا» الفلسطينية عن مصدر فلسطيني قوله: «للأسف كانت حماس قد تسلّمت الدعوات الموجهّة إلى الجهاد ومسحت أسماء الدكتور رمضان وأبو طه، ووضعت أسماء قيادات من حماس لحضور المؤتمر».
ونقلت عن مصدر آخر، وصفته بالمقرّب من حركة «الجهاد»، أن أهداف «حماس» من وراء ذلك أن «تحضر مؤتمر القدس وحدها وتستولي على الأموال، فضلاً عن أنها لا تريد أن تدخل الجهاد على الساحة القطرية وتغزو المجتمع السنّي، وتريد أيضاً أن تنفرد بالمال السنّي والشيعي».
إلى ذلك، أكد سامي أبو زهري ارتباط ملف الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة، جلعاد شاليط، بقضية تبادل الأسرى مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، محمّلاً حكومة الاحتلال المسؤولية عن تعثّر إبرام الصفقة بسبب المزايدات السياسية بين أطرافها.
وأضاف أبو زهري، في بيان تعقيباً على إغلاق متظاهرين يهود معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة مطالبين بالإفراج عن شاليط، «نحن في حماس معنيون بإنهاء هذه القضية، ولكن ليس بأي ثمن».
بدوره، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إن «الحكومة الإسرائيلية كان لديها فرصة خلال العامين والنصف الأخيرين لإحراز تقدم في المفاوضات (لإطلاق شاليط)، إلا أنها لم تقم بذلك». لكنه أعرب، في حديث إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي، عن معارضته للتظاهرات الإسرائيلية المطالبة بإطلاقه، لأن «هذه التظاهرات من شأنها أن ترفع سقف المساومة على ثمن الإفراج عنه».
(الأخبار)