بعد تقدّم المعارضة في الجبهة الجنوبية على أكثر من محور خلال الأشهر الماضية، باشر الجيش السوري تنفيذ عمليات هجوم معاكس على غير جبهة، وتحديداً في المثلث الذي يربط في ما بين محافظات ريف دمشق ودرعا والقنيطرة، جنوبي ريف دمشق الجنوبي. ويوم أمس، خاضت وحدات الجيش السوري معارك عنيفة على جبهات قرى تل مرعي والدناجي ودير ماكر، وهي القرى الثلاث الواقعة في الخط الفاصل بين الريف الجنوبي لدمشق وقرى شمال القنيطرة، وصولاً إلى امتدادها نحو بلدتي دير العدس وكفر شمس في أقصى ريف درعا الشمالي الغربي.
«وعند الساعة السادسة (ليل أمس)، كانت دفاعات المعارضة المسلحة قد بدأت تتساقط في تل مرعي، حيث كثَّفت مدفعية الجيش المرابطة في شمال وشمال شرق التل من ضرباتها المركزة على المسلحين فيه»، يقول مصدرٌ عسكري في حديثٍ مع «الأخبار»، ويؤكد انسحاب مقاتلي المعارضة المسلحة من التل «بعد ساعاتٍ قليلة على بدء ضربات الجيش» التي تكبد خلالها المسلحون خسائر فادحة في الأرواح، كان من بينها عمر المصري، قائد «سرية الهندسة» في «ألوية الفرقان». وبعد السيطرة على التل الذي يشرف على قرية الدناجي، من المتوقع استهداف تجمعات المسلحين في تلك الأخيرة انطلاقاً من التل. ولفتت مصادر محلية إلى أن مركز ثقل المعارك كان قد انتقل خلال ساعات ليل أمس إلى قرية دير ماكر، التي تمكن الجيش السوري وقوى حليفة له من إحراز التقدم فيها انطلاقاً من جهتها الشمالية الغربية. وهذه المعارك، وفي حال تحقيق الجيش مراده منها، ستسمح له بتعزيز مواقعه في الجبهة الجنوبية، سواء في القنيطرة، او في أرياف درعا الشمالية، وستكون مقدمة لمعارك أخرى يجري الهمس في دمشق عن ضرورة خوضها، لما لسيطرة المسلحين على مناطق إضافية في الجنوب السوري من خطر يمكن أن يتحوّل إلى استراتيجي في مرحلة لاحقة.
وفي درعا، شن تنظيم «الجيش الأول» عملية سمّاها «كسر المخالب»، تستهدف بحسب البيان الذي تلاه قائد التنظيم، العقيد المنشق عن الجيش السوري صابر سفر، «النقاط العسكرية في مدينة الصنمين وجباب وكفر شمس وجدية وقيطة والقنية». على الأرض، بدأت العملية ظهر أمس باقتراب المعارضة المسلحة من بلدة قرفا القريبة من طريق دمشق ــ درعا الدولي. واستهدف المسلحون فرع «الأمن العسكري» في الصنمين بقذائف الهاون، حيث طالت أربع منها مناطق وجود المدنيين في المدينة، ما أسفر عن سقوط شهيدين و11 جريحاً من أهالي المناطق القريبة. المعارك التي كانت قد اندلعت في القرى المحيطة بالصنمين هدفت إلى «قطع الطريق الدولي بين محافظة درعا والعاصمة، من أجل منع الجيش السوري من تعزيز وجوده حول مدينة إنخل التي ينطلق منها المسلحون لتهديد قرى المحافظة»، يقول مصدر عسكري مطلع على عمليات الجنوب السوري. أما في كفر شمس، التي أعلن «الجيش الأول» استهدافها في سياق «كسر المخالب» فقد انقلبت العملية على المسلحين، حيث باغتتهم مدفعية الجيش المرابضة على الحدود الشرقية للبلدة، ما أسفر عن مقتل عدد من المسلحين؛ من بينهم القائد العسكري في «سرايا سيف الإسلام» التابعة لـ«ألولية الفرقان في الجيش الحر»، فضلاً عن جرح عدد آخر. وأكدت مصادر ميدانية أن هجمات المعارضة في محيط قرفا لم تؤد إلى تغيير خطوط الانتشار السابقة للهجوم.
مسلّحو «النصرة» و«بيت المقدس» يسطون على المعونات الإغاثية في اليرموك

وفي دمشق، يبدو أن «داء زهران علوش» قد أخذ بالانتشار، إذ أعلنت «جبهة الشام الموحدة» التابعة لـ«الجيش الحر»، في بيان أصدرته أمس، أنها تعتبر مناطق الزاهرة القديمة والجديدة، والقزاز والبوابة ومحيط فرع الدوريات وفرع فلسطين وشارع نسرين «هدفاً لنيراننا اعتباراً من يوم غد (اليوم) ولغاية 11/2/2015».
من جهةٍ أخرى، كشفت مصادر محلية في مخيم اليرموك عن قيام مقاتلين تابعين لكلٍ من «جبهة النصرة» و«أكناف بيت المقدس» بالسطو على المعونات الإغاثية التي دخلت أول من أمس إلى المخيم من معبر بيت سحم، ليقوم مقاتلو التنظيمين بسرقة السلل الغذائية التي أدخلتها قوافل الإغاثة بالقرب من بلدة ببيلا. وتؤكد المصادر أن «المسلحين سطوا على السلل الإغاثية تحت حجة أنهم يريدون الإشراف على توزيعها. وبعد أخذ ورد بين عدد من وجهاء المخيم وقيادات هؤلاء، أبلغ المسلحون الوجهاء أنهم سوف يأخذون هذه الحصص لأن مخازنهم قد فرغت».
في هذا الوقت، كان الجيش قد حقق ظهر أمس تقدماً نسبياً في مزارع الريحان، مسيطراً على الحاجز الرئيسي فيها، وهو ما سيريح، بحسب مصادر عسكرية، عملياته في دوما. وفيما كانت اشتباكات عنيفة قد دارت بين وحدات الجيش ومقاتلي «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» في جوبر، وعلى وجه الخصوص في محور طيبة، اختطف مسلحون مجهولون رئيس «المجلس المحلي لبلدة دير العصافير»، زياد خطاب، في منطقة المرج في الغوطة الشرقية. إلى ذلك، يبدو أن «جيش الوفاء» ــ المشكَّل من أهالي دوما ــ خطا أولى خطواته في العمليات العسكرية الدائرة في الغوطة الشرقية، إذ أعلن أمس عن تنفيذ «الوفاء» عملية على الحدود الجنوبية لمدينة دوما، أسفرت عن مقتل عدد من مسلحي «جيش الإسلام».