إجبار العمال الأجانب على دفع اشتراكات الضمانالممارسات السيئة بحق العمّال الأجانب في لبنان لا تقف عند حدود، وجديدها لجوء بعض أصحاب العمل إلى تحميل عمّالهم كامل كلفة الاشتراكات للضمان الاجتماعي، ردّاً على قرار وزير العمل الرامي إلى تطبيق قانون الضمان لجهة الزامية التصريح عن كل العمال سواء استفادوا من تقديمات الضمان أو لم يستفيدوا
التاريخ: 13 تشرين الأول 2008. المكان: وزارة العمل. الحدث: عدد من العمال المصريين يتوجهون إلى وزارة العمل لتجديد إجازات عملهم... يقول أحدهم «لم نستطع تجديد إجازات عملنا... لقد طلبوا منّا وخلافاً للعادة، أن نقدم، إضافة إلى الأوراق الاعتيادية، ورقة تؤكّد انتسابنا إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونحن لسنا منتسبين إلى الضمان، لأن أصحاب العمل في لبنان لا يريدون تنسيبنا، وإذا فكّر أحد منّا في أن يطلب من صاحب عمله أيّ ضمانات اجتماعية، فجوابه اختبره سابقاً عدد كبير من العمال المصريين: إذن، لن تعمل لدينا، يوجد الكثير من العمال الأجانب الذين يتقاضون راتبك أو أقل ولا يطالبون بالضمان!»...
ردّ الفعل الأوّل كان ذهاب نحو 50 عاملاً إلى السفارة المصرية، «ولكننا لم نلقَ تجاوباًَ، فقررنا التحرك». ووزّع العمال قصاصات صغيرة للدعوة إلى اعتصام أمام السفارة يوم الأحد الماضي، جاء فيها «نرجو من كل المصريين في لبنان التوجه إلى السفارة المصرية غداً احتجاجاً على الزيادة في أكلاف الإقامة في لبنان بما يعادل 4 أشهر من العمل، ومن لا يكون معنا فهو مخطئ بحق نفسه وبحق جميع المصريين»، وقام العمال المتضررون بتوزيع القصاصات كلٌّ في المنطقة التي يعمل فيها، ولبى نحو 600 عامل مصري الدعوة... فما هي تفاصيل الرواية؟

قرار وزارة العمل

قامت وزارة العمل أخيراً بإصدار قرار يرمي إلى تطبيق الفقرة الثالثة من قانون الضمان، التي تشير إلى خضوع «الأجراء الأجانب العاملين علـى الأراضي اللبنانية، المرتبطين برب عمـل واحد أو أكثر، وأرباب العمل الذين يستخدمونهم لجميع الموجبـات المنصوص عليها في قانون الضمان بالشروط المحددة فيه، في ما خصّ فرع ضمان المرض والأمومة، ونظام التقديمات العائلية والتعليمية، وضمان طوارئ العمل والأمراض المهنية. ولا يخضع أرباب العمل للموجبات المتعلقة بفرع نهاية الخدمة، إلا إذا كان يحق للأجراء الاستفادة من تقديمات هذا الفرع». إلا أن البند الثاني من هذه الفقرة يشير الى أنه «يستفيد الأجراء الأجانب المذكورون مـن التقديمات المنصوص عليها في قانـون الضمان الاجتماعي، شرط أن يكونوا حائزين إجازة عمل وفق القوانين والأنظمة المرعيّة، وأن تكون الدولة التي ينتمون إليها تقر للبنانيين بمبدأ المساواة في المعاملة مع رعاياها في ما يتعلق بالضمان الاجتماعي».

ردود فعل

هذا القرار الذي تم تبريره لحماية اليد العاملة اللبنانية ورفضه أصحاب العمل الساعين إلى تخفيف أكلاف الأجور والتقديمات الاجتماعية عبر إحلال العمالة الأجنبية محل العمالة اللبنانية... أثار ردود فعل كبيرة، إذ وضعه البعض في خانة «العمل السياسي» للضغط على مصر، ولا سيما أنه لم يطبّق سابقاً... فيما اتهم مؤيّدو هذا القرار أصحاب العمل بتحريض عمّالهم الأجانب، ولا سيما المصريين منهم للتحرّك من أجل التفلّت من موجباته، وهو ما رفضه رئيس جمعية الصناعيين فادي عبّود، الذي أقرّ بتأثير القرار المذكور على القدرة التنافسية للقطاعات الإنتاجية، نافياً أي علاقة لأصحاب العمل بتحرّك العمّال المصريين، إذ «إن خلق فرص العمل للبنانيين هو همّ لجمعية الصناعيين كما هو همّ لوزير العمل». وأوضح «أن هذه الخطوة تمثّل حماية بسيطة جداً للعمال اللبنانيين مقارنةً بدخول بضائع من الخليج العربي بقيمة مئات ملايين الدولارات، وهي مصنّعة بعمالة أجنبية ومعفيّة من كل الرسوم، وحتى إنها مدعومة من حكوماتها».

العمّال هم الضحية

وبعيداً عن أسباب القرار وردود الفعل عليه، فإن العمّال الأجانب ومنهم المصريون، هم الضحايا، إذ إن عدداً من أصحاب العمل في لبنان أبلغوا عمّالهم بأنهم سيقتطعون كلفة الاشتراكات للضمان البالغة 23،5 % من أجورهم الزهيدة، والتي لا تتعدى الـ 200 دولار شهرياً كمعدّل وسطي، وذلك خلافاً للقانون الذي لا يرتب على العامل سوى 2 % من هذه الاشتراكات لمصلحة فرع ضمان المرض والأمومة، وهذا يعني أن العامل الأجنبي سيخسر حوالى 47 دولاراً من أجره، علماً أنه لن يستفيد من تقديمات الضمان الصحي، وذلك بسبب عدم وجود حالة المعاملة بالمثل تجاه العامل اللبناني في مصر، وبالتالي، فهو يتكلّف مصاريف إضافية على ضمانات لن يحصل عليها.
ويلفت أحد منظّمي التظاهرة، التي نفّذها مئات العمال المصريين، أول من أمس، أمام السفارة المصرية لحثها على رفع مطالب العمال المصريين إلى وزارة العمل، إلى أن «العمال المصريين يخضعون أيضاً إلى شرط إلزامي للحصول على إجازة العمل وهو إجراء بوليصة لدى إحدى شركات التأمين، وبالتالي، يجري اقتطاع قيمة الاشتراك شهرياً من رواتبهم وهي تراوح بين 40 ألف ليرة و50 ألفاً، ويشير إلى أن العمال المصريين ملزمون بدفع كلفة إجازة الإقامة والعمل بـ 800 دولار سنوياً... وكل ذلك يؤدّي إلى زيادة كلفة عمل الأجنبي في لبنان إلى حوالى 1700 دولار سنوياً.
وأمام هذا الواقع يصبح الحل، بحسب عدد من العمال المصريين: «عدم تجديد إجازة العمل، ولا حتى الإقامة... ونحو العمالة غير الشرعية در»!

اجتماعات

ومن المقرر أن يلتقي السفير المصري في لبنان، اليوم، وزير العمل للبحث في هذا الموضوع، وسيعقد اجتماع بين عدد من العمال والسفير غداً، ويهدد العمّال المصريّون بتحرّكات واسعة إذا لم تؤد الاجتماعات إلى إنصافهم، بما في ذلك الاعتصام أمام السفارة المصرية، ووزارة العمل اللبنانية، وصولاً إلى تنفيذ الإضراب لمدة ثلاثة أيام، وإن لم يتمّ الوصول إلى نتائج مرضية، «سنتّجه إلى السيد حسن نصر الله، فهو الوحيد القادر على الوقوف إلى جانبنا، ونحن متأكدون من أنه سيتجاوب معنا». ويستبعد العمال المصريون التجاوب مع دعوات لإقامة اعتصامات في مكان عملهم لأسباب متعددة، أهمها أن العمال المصريين غير قادرين على إجبار أصحاب العمل على دفع تكاليف الانتساب إلى الضمان، وفي حال الضغط عليهم لن يجري طردهم من العمل فحسب، بل سيسحب أصحاب العمل الكفالة الشخصية عن العمال، وبالتالي، سيلزمون بمغادرة لبنان.
(الأخبار)


27 تشرين الأول

هو موعد انعقاد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين لبنان ومصر في القاهرة، وسيضم الاجتماع رئيسي الوزراء، ووزيري العمل والاقتصاد. وبحسب مستشار العمال في السفارة المصرية محمد شيحة، سيطرح موضوع العمالة المصرية في لبنان


رسوم بلا تقديمات