جورج قرم يدعو للضغط من أجل برنامج إصلاحي
رأى وزير المال الأسبق، جورج قرم، أن الأزمة المالية العالمية تفتح فرصة للبنان للانتقال به من عقلية الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد يعتمد على القطاعات الإنتاجية، وقال إن على الاتحاد العمالي العام والقوى الإصلاحية مهمّة طرح برنامج يهدف إلى الانتقال من النظام الرأسمالي السيّئ الأداء، الذي يضع 80 في المئة من اللبنانيين خارج «الازدهار»، إلى نظام اقتصادي يستغل عبقرية اللبنانيين وإبداعهم ويعتمد على قدراتهم في الإنتاج. كلام قرم جاء خلال محاضرة ألقاها أمس في مقر الاتحاد العمالي العام بعنوان «واقع الاقتصاد اللبناني في ظلّ تداعيات الاقتصاد العالمي»، حضرها عدد من ممثّلي النقابات وأعضاء المجالس التنفيذية في الاتحاد ورئيس وأعضاء مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وقدّم للمحاضرة رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، مطالباً الدولة بتوسيع قانون ضمان الودائع ليكفل ودائع صغار المودعين بمجملها، «فيقترن حينها القول بالفعل ويطمئنّ من لديه شكوك بأن نظامنا المصرفي سليم ومعافى».

نظام ريعيّ مقيّد

استعرض قرم طبيعة الاقتصاد اللبناني، مشيراً إلى أنه «نظام مقيّد لأنه يعتمد حصراً على مصادر ريعية الطابع ويعادي استغلال البلد لمصادر إنتاجيّته، إذ كانت كل العهود، باستثناء العهد الشهابي، ترفض تحويل لبنان إلى مجتمع منتج يقضي على الطائفية والمحاصصة»، مستنتجاً أن هذا هو سرّ «ازدهار» القلّة على حساب الغالبية.
وعدّد القطاعات الريعية الطابع، ابتداءً بالسياحة ثم القطاع العقاري فالمصرفي وصولاً إلى المعونات الخارجية التي حصل عليها لبنان في ظلّ دين عملاق، وكلفة تعليم مرتفعة هي بمثابة مشاريع هجرة. وبحسب قرم فقد تمادى العقل الريعي في لبنان إلى حد الموافقة على بيع المياه لا استثمارها، وأهملت القطاعات الإنتاجية التي يمكن أن تؤمّن قيمة مضافة مرتفعة مثل الزراعة والصناعة، وتبيّن أن لبنان يستورد الحليب والأزهار من السعودية! موضحاً أن كل الدول التي وقّع معها لبنان اتفاقيات تبادل تجاري ارتفعت صادراتها إلى لبنان، في مقابل انخفاض استيرادها من لبنان. وانتقد السياسات المسمّاة «إعمارية» إذ إن كل الدول بإمكانها بناء مطار وأوتوسترادات، ولكنها في لبنان ترافقت، بكلفتها المرتفعة، مع تراجع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي والمياه!

طرح برنامج إصلاحي

ورأى أن تأثّر لبنان بالأزمة المالية العالمية مرتبط بمدى حصول انكماش اقتصادي في الخليج العربي، إذ سيخسر عدد من اللبنانيين وظائفهم في الخليج وبالتالي تتراجع التحويلات المالية من المغتربين. لكن هذه الأزمة «قد تفتح الأبواب للإصلاح المنشود في لبنان»، من دون أن يتفاءل بإمكان حصوله، مقترحاً أن يطرح الاتحاد العمالي العام والقوى الإصلاحية والتغييرية الأخرى برنامجاً اقتصاديّاً إصلاحيّاً يهدف إلى التحوّل من اقتصاد ريعي يرتكز على قطاع العقارات والمال إلى اقتصاد منتج يستنفر كل العناصر التنافسية الطبيعية والكفاءات البشرية.

مداخل للإصلاح

ومن هذه المقترحات ضرورة إنشاء شركات تنمية محلية على صعيد القضاء يساهم في رأسمالها الصندوق الاقتصادي الاجتماعي والبلديات والأوقاف والفاعليات الاقتصادية المحلية والمغتربون، ومهمتها تحديد المشاريع المفيدة للتطوير في كل قضاء وتمويل إنشاء مؤسسات جديدة، وأن يتم ربط النظام التربوي في لبنان بالبنية الاقتصادية ودفع الجامعات إلى مزيد من الاهتمام بتأمين فرص عمل لمتخرّجيها وتكييف برامجها التعليمية ربطاً بمتطلبات أسواق العمل المحلية والدولية.
ويعتقد قرم أنه يجب الاستفادة من ميّزات لبنان التفاضلية في مجال تصنيع الأدوية وإنتاج الزراعات ذات الجودة المرتفعة وإنتاج البذور... والدخول في عالم الخدمات ذات القيمة المضافة في مجالات الأبحاث والتطوير الطبي والمعلوماتي والإلكتروني... فضلاً عن توزيع النشاطات السياحية والترفيهية على كل المناطق، وتحقيق اللامركزية في الإنفاق العام، ووقف عشوائية الإنفاق على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية ووضع سقف للدَّين العام حتى لا تتعدى خدمته 35 في المئة من إنفاق الموازنة العامة، وتقوية إيرادات الدولة عبر إعادة النظر بالنظام الضريبي لتوزيعه توزيعاً عادلاً بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وبين القطاعات والفئات.
(الأخبار)