كانت التقديرات المتعلقة بالاتفاقية الأميركية ـــ العراقية ترجّح تحويل حكومة بغداد نصّ مسوّدتها إلى البرلمان، حيث الرفض الحتمي ينتظرها. غير أنّ هذه المسودة لم تصل حتى إلى مجلس النواب، بعدما ردّتها الحكومة أمس، مطالبة واشنطن بإدخال «تعديلات ضرورية» عليها. وبدا أنّ التلويح الأميركي بـ«عواقب جسيمة» في حال رفضها عراقياً لم يجدِ، وخصوصاً أنّ موسكو ستؤيّد التجديد لقوات الاحتلال في مجلس الأمن
بغداد ــ الأخبار
امتنع مجلس الوزراء العراقي بالإجماع، أمس، عن المصادقة على مسوّدة الاتفاقية المقرر إبرامها بين بغداد وواشنطن بصيغتها الحالية، داعياً الى إدخال «تعديلات ضرورية» عليها، لتكون «مقبولة على المستوى الوطني».
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، في بيان، إن «مجلس الوزراء اجتمع في جلسته الاعتيادية لمناقشة مسودة الاتفاق وأجمع على أن تعديلات ضرورية عليها يمكن أن تجعلها بمستوى القبول الوطني».
غير أنّ الاستعداد الأميركي «للتنازل» في البنود التي تطالب بغداد بتعديلها لا يبدو متوفراً حالياً، إذ إنّ مسؤولاً رفيعاً في وزارة الخارجية الأميركية، فضّل عدم الكشف عن هويّته، أشار إلى أنّ واشنطن «ليست في وارد التفكير ببدائل للاتفاقية حالياً، لأن المفاوضين من الطرفين جهدوا طويلاً للتوصل إلى النص الحالي الذي نحثّ العراقيين على الموافقة عليه والذي نطلع زعماء الكونغرس على تفاصيله».
وفي واشنطن أيضاً، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية روبرت وود إلى أن بلاده «تركز على محاولة إنهاء هذه الاتفاقية»، موضحاً أن إدارته «ليست مستعدة بعد لدراسة خيارات أخرى».
رفض حكومة نوري المالكي لنصّ المسودة سبقه تحذير من رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأدميرال مايكل مولن من الامتناع عن توقيع الاتفاق لأنّ «الوقت ينفد أمامنا بوضوح»، متهماً إيران بالعمل على عرقلته.
وأضاف مولن «عندما ينتهي تفويض الأمم المتحدة في 31 كانون الأول، فإن القوات الأمنية العراقية لن تكون جاهزة لتتولى الأمن. وفي هذا الصدد هناك احتمال كبير لحدوث خسائر ذات عواقب جسيمة». وتابع أنّ «النقاش حول الاتفاق من معالم الديموقراطية، لكنني قلق أكثر فأكثر ولا يبدو أن العراقيين يدركون خطورة الأوضاع».
وفي تكرار لسوق اتهامات بلاده بحقّ إيران، لفت مولن إلى أنه «من الواضح أن الإيرانيين يبذلون أقصى جهودهم للتأكد من عدم تمرير الاتفاق، وعلى الشعب العراقي أن يعي ذلك».
وفي السياق، أشار الجنرال الأميركي إلى أن «الدبلوماسيين الأميركيين وكبار القادة العسكريين في العراق، بذلوا جهوداً استثنائية للتوصل إلى هذه النتيجة النهائية من جانب الولايات المتحدة»، في إشارة منه إلى أن واشنطن لن تفتح باب المفاوضات مجدداً.
وختم أرفع مسؤول عسكري أميركي كلامه عن المعاهدة المتعثّرة، مؤكداً أن «الوقت حان لكي يتخذ العراقيون قراراً».
غير أنّ موسكو بدّدت مخاوف واشنطن من انتهاء مدة التفويض الدولي لقواتها في الميدان العراقي، إذ أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستدعم في مجلس الأمن الدولي طلب العراق تمديد فترة وجود القوات الدولية على أراضيه.
ونقلت وكالة «نوفوستي» عن لافروف قوله في يريفان «إذا طلبت الحكومة العراقية من مجلس الأمن الدولي تمديد التخويل الحالي للوجود الدولي في البلد، فإننا سنؤيد هذا الطلب».
وفي السياق، جدّد لافروف تأييد موسكو للحكومة العراقية «تأييداً مطلقاً في هذه المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن ضرورة ضمان تمتعها بالسيادة في أراضيها».
ووصف لافروف الشائعات التي تشير إلى أن روسيا تعتزم استخدام الفيتو ضد قرار مجلس الأمن في ما يتعلّق بتمديد فترة وجود القوات الأجنبية في العراق بأنه «استفزازي».
وفي السياق، نقل النائب عن «الائتلاف العراقي الموحّد» همام حمودي انتقادات حادّة أدلى بها المالكي عن الاتفاقية. وقال حمودي «قال رئيس الوزراء: ما يعطينا إياه الأميركيون (من نصّ الاتفاقية) في اليد اليمنى، يعودون ليأخذوه باليد اليسرى». ونقل حمودي عن المالكي مثالاً على ذلك «إنهم يربطون إتمام الانسحاب من المدن العراقية في حزيران 2009 بتحسّن الأوضاع الأمنية. لكن من يقرّر إذا ما تحقق هذا التحسّن أو لا؟». وأوضح المالكي «إنهم يضعون شروطهم، وهذه المواد سيعترضها الفيتو العراقي وهذا يعني أنهم لم يعطونا شيئاً، لذلك سنحاول تغيير هذه الشروط».
وفي أبلغ تعبير عن التشاؤم العراقي إزاء المسودة، رجّح وزير الخارجية هوشيار زيباري ألّا يتمّ توقيعها قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الرابع من تشرين الثاني المقبل.
وقال زيباري، لقناة «العربية»، إن «الهدف هو توقيع الاتفاقية الأمنية في أسرع وقت حتى من المفضّل قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية. لكن حسب المعطيات الموجودة في الساحة والتجاذبات السياسية، لا نعتقد بأن هذا ممكن حالياً».
ميدانياً، أعلن محافظ بابل، سالم المسلماوي، أن محافظته ستتسلّم المسؤولية الأمنية من القوات الأميركية يوم غد الخميس لتصبح بذلك المحافظة رقم 12 التي تتحمل مسؤولياتها من أصل 18 في العراق. على صعيد آخر قتل جندي أميركي في الأنبار.
وعن الوضع الأمني في بلاد الرافدين، لفت الأسف الذي عبّر عنه وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز إلى تسلّل بعض السعوديين إلى العراق «الشقيق» للقيام «بأعمال مشينة»، في إشارة إلى مشاركتهم في أعمال عنف.
غير انّ اعتراف الوزير السعودي بأنّ عدداً من أعمال العنف في العراق يتحمّل مسؤوليتها سعوديون، لم يمنع وزير الخارجية سعود الفيصل من تجديد رفض الرياض فتح سفارتها في بغداد، معلّلاً ذلك بـ«دواع أمنية»!


فضل الله والحائري يحرّمان «الاتفاقيّة»

أفتى كلّ من المرجع اللبناني السيد محمد حسين فضل الله والعراقي السيد كاظم الحسيني الحائري أمس، بتحريم الاتفاقية الأميركية ـــ العراقية.
وقال فضل الله «لا شرعية لأيّ سلطة عراقية تسلِّط الاحتلال على شعبها أو تشرعن وجوده أو إطالة أمد بقائه أو توفّر له الغطاء القانوني الذي يتجاوز من خلاله القضاء العراقي».
وأضاف فضل الله «إنني، من موقعي الشرعي، أرى أن أي اتفاقية أو وثيقة أو معاهدة أو مذكرة تُعقد بين الحكومة العراقية أو أي جهة تمثل الدولة العراقية مع قوات الاحتلال الأميركي، يجب أن تنص على خروج قوات الاحتلال من دون أي قيد أو شرط ومن دون ربطه باستقرار الوضع الأمني».
بدوره، جدّد الحائري تشديده على حرمة الموافقة على الاتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا. ونقل تلفزيون «العالم» الإيراني عن الحائري قوله، في فتواه، «علمنا بالضغوط التي تمارسها قوات الاحتلال على الحكومة العراقية لأجل تحصيل موافقتها على الاتفاقية المذلّة المسمّاة الاتفاقية الأمنية الطويلة الأمد، والمؤدّية إلى فقدان العراق سيادته الوطنية، وقبوله بالذّل والهوان».
(الأخبار)



المالكي: ما يعطينا إيّاه الأميركيون في اليد اليمنى، يعودون ليأخذوه باليد اليسرى. هذه المواد سيعترضها الفيتو العراقي لذا يجب تعديلها



مولن: عندما ينتهي التفويض الدولي، فإن القوات العراقية لن تكون جاهزة لتتولى الأمن، وهناك احتمال كبير لحدوث خسائر ذات عواقب جسيمة



لافروف: سنؤيد طلب بغداد تجديد التفويض الدولي ونؤيّد تأييداً مطلقاً حكومة العراق في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لضمان سيادتها