«الأخبار» تنشر ملخّصاً عن مشروع موازنة عام 2009 محمد زبيب
آخر موازنة أقرّها المجلس النيابي كانت لعام 2005، ومنذ ثلاث سنوات تنفق الحكومة وتجبي إيراداتها من دون إجازة يفرضها الدستور، إذ جرى تجاوز القاعدة الاثني عشرية في الكثير من حالات الإنفاق... واليوم يضع وزير المال محمد شطح مشروعه لموازنة العام المقبل في عهدة مجلس الوزراء، الذي يجب عليه إقرار هذا المشروع وإحالته على المجلس النيابي للتصديق عليه قبل نهاية هذا العام، وهذا أمر ممكن في ظل غياب أي مناقشات جدّية لمشاريع الموازنات، التي غالباً ما تأتي بمثابة قوانين «محاسبية» لا تعكس «مباريات» النواب في سرد الاحتياجات والأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما عدا الأولويات المالية ومتطلبات السياسة النقدية المتفق عليها مع مصرف لبنان والمتوافقة حديثاً مع برنامج «ايبكا» لصندوق النقد الدولي.
«الأخبار» حصلت على مشروع قانون الموازنة الجديد، وهي تنشر على حلقات: (1) أرقام المشروع، (2) التعديلات الضريبية الواردة فيه، (3) قراءات لمضمونه، وذلك حرصاً على تأمين حق الرأي العام في الاطّلاع على المعلومات وتحليلها والتأثير في القرارات المتصلة بها، ولا سيما أن الموازنة العامة هي، نظرياً على الأقل، الأداة التي تمارس الحكومة سياساتها عبرها، وبالتالي تؤثّر في حياة المواطنين ومستوى معيشتهم وتحدد حقوقهم وواجباتهم على مدى سنة كاملة، كذلك تحدد أوجه الإنفاق والمطارح الضريبية الجديدة أو المعدّلة.

أرقام المشروع

بالاستناد إلى التقرير الذي أعدّته وزارة المال، بلغت أرقام النفقات المقدرة في مشروع الموازنة العامة (من دون الموازنات الملحقة) لعام 2009 حوالى 15071 مليار ليرة في مقابل حوالى 11475 مليار ليرة ملحوظة في مشروع موازنة عام 2008، أي بزيادة قدرها 3596 مليار ليرة، وما نسبته 31.34%، كذلك قُدرت الواردات العادية في المشروع بحوالى 10200 مليار ليرة، في مقابل حوالى 8368 مليار ليرة ملحوظة في المشروع السابق، أي بزيادة قدرها 1832 مليار ليرة، وما نسبته 21.9%، علماً بأن الإيردات المتوقع تحصيلها فعلياً لغاية نهاية عام 2008 تبلغ حوالى 9627 مليار ليرة، بسبب التضخّم.
ويقدّر العجز بحوالى 4871 مليار ليرة، أي ما نسبته 32،32% من مجموع الإنفاق، بالمقارنة مع حوالى 3107 مليارات ليرة في مشروع موازنة هذا العام، (27،07%)، أي بزيادة قيمتها 1764 مليار ليرة، وما نسبته 56.8%، وسيتم تمويل هذا العجز عن طريق الاقتراض من خلال إصدار سندات خزينة، علماً بأن هذا العجز يشكّل نسبة 10،48% من الناتج المحلي الذي يقدّره المشروع لعام 2009 بحوالى 46448 مليار ليرة (30.8 مليار دولار).

خدمة الد ين العام

اللافت أن خدمة الدين العام ارتفعت ارتفاعاً كبيراً من 4650 مليار ليرة مقدّرة في مشروع هذا العام إلى 6304 مليارات ليرة (باستثناء الفائدة على المستحقات المتوجّبة على مؤسسة كهرباء لبنان)، أي بزيادة قدرها 1654 مليار ليرة، وما نسبته 35.6%، وبات هذا البند يشكّل 42% من مجمل الإنفاق العام، وأكثر من 82% من مجمل الإيرادات الضريبية المباشرة وغير المباشرة المقدّرة في المشروع بحوالى 7682 مليار ليرة... وسيتوجّب حوالى 3518 مليار ليرة كفوائد على سندات خزينة بالعملة المحلية، وحوالى 2385 مليار ليرة لبنانية خدمة الدين العام بالعملة الأجنبية (فوائد على قروض ميسّرة وفوائد على يوروبندز من دون الفائدة المتوجبة على مستحقات مؤسسة كهرباء لبنان)، فضلاً عن حوالى 401 مليار ليرة لتسديد أقساط القروض المعقودة من قبل مجلس الإنماء والإعمار وبعض الإدارات لتمويل مشاريع، ويتوقّع مشروع موازنة 2009 أن تبلغ كلفة الفوائد العائدة لعمليات التمويل الجديدة المرتقبة خلال العام المقبل حوالى 1118 مليار ليرة.

الفرضيّات

تستند تقديرات المشروع، ولا سيما خدمة الدين العام، إلى الفرضيات الآتية:
ـ خصخصة قطاع الاتصالات في موعد لا يتعدى 1 تموز 2009، علماً بأن المشروع يقدّر إيرادات الاتصالات بحوالى 1451 مليار ليرة إذا تمت الخصخصة بالمقارنة مع 1750 ملياراً هذا العام، ويفيد بأن الإيرادات ستبلغ 2100 مليار ليرة إذا لم تتم الخصخصة، ما يعني أنه غير ملحوظ أي خفض على كلفة الاتصالات.
■ حجم الدين العام الإجمالي المتوقع في نهاية عام 2008 بحدود 68976 مليار ليرة (45.7 مليار دولار).
■ فائض أولي نقدي مرتقب بحدود 76 مليار ليرة، بعد الأخذ بالاعتبار تنفيذ موازنة عام 2009 ومدفوعات الخزينة المختلفة (بلديات، سلفات خزينة، الخ...).
■ معدل مثقل لفوائد سندات الخزينة بالليرة اللبنانية ما يعادل 8،9 بالمئة بسبب زيادة الاكتتابات بفئة 36 شهراً.
■ معدل مثقل لفوائد سندات الخزينة اليوروبوند بالدولار الأميركي ما يعادل 8،6 بالمئة.
وتم وضع المشروع بصيغته الحالية على أساس:
■ نسبة نمو في حجم الناتج المحلي تعادل 5%.
■ ضبط الإنفاق وترشيده في حدود الممكن مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المعيشية والاقتصادية الملحة.
■ الحفاظ على الاستقرار بشكل يواكب ويتلاءم مع الحد الأدنى الذي اتفق عليه في مؤتمر باريس 3.

مصادر زيادات الإنفاق

بالإضافة إلى ارتفاع خدمة الدين العام، وبعض التعديلات في طريقة الاحتساب، يتضمن مشروع الموازنة زيادات في الكثير من بنود الإنفاق، أبرزها:
ـ زيادات الأجور وبدلات النقل ترتّب نفقات إضافية بحوالى 830 مليار ليرة.
ـ زيادة معاشات التقاعد وتعويضات الصرف من 1040 مليار ليرة إلى 1300 مليار ليرة، أي بزيادة قدرها 260 مليار ليرة.
ـ زيادة النفقات العسكرية والأمنية باستثناء الزيادة في الرواتب والأجور وملحقاتها، بما يقدر بمبلغ 74 مليار ليرة كنتيجة للحرب الإسرائيلية بين 12 تموز و14 آب 2006 وتداعياتها الأمنية وانعكاساتها السلبية، ما استتبع زيادة العديد، فضلاً عن الكلفة التي رتّبتها أحداث نهار البارد والأوضاع الأمنية غير المستقرة، ما انعكس زيادة في مشروع موازنة عام 2009، وهي تتوزع بين تدابير الحجز ونفقات التغذية والنفقات السرية والمحروقات والنفقات الصحية وتجهيزات فنية متخصصة وإنشاء أبنية متخصصة.
ـ زيادة النفقات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية بحيث تمت زيادة البند المتعلق بالرعاية الاجتماعية بـ 7 مليارات ليرة لتطبيق زيادة على سعر الكلفة اليومية للمسعف الواحد في المؤسسات التي تعنى برعاية وتأهيل المعوقين، وتمت زيادة 200 ألف ليرة لمخصصات العاملين في مراكز الخدمات الإنمائية، والتي بلغ مجموعها مليار ليرة لبنانية استناداً إلى قرار زيادة الرواتب والأجور.
ـ زيادة مساهمة الدولة في الضمان الاجتماعي من 100 مليار ليرة إلى 150 مليار ليرة، باعتبار أن مبلغ 150 مليار يمثل تقديرات المتوجبات عن سنة واحدة.
ـ زيادة مساهمة الدولة في مشروع موازنة تلفزيون لبنان من 4 مليارات ليرة إلى 7 مليارات ليرة من أجل تفعيل ودعم تلفزيون لبنان.
ـ تم اعتماد مبدأ عدم زيادة المساهمات والمساعدات وكذلك عدم زيادة اعتمادات الوفود والمؤتمرات والأعياد والتمثيل والنقل عمّا هو ملحوظ في مشروع موازنة عام 2008 وذلك انسجاماً مع مبدأ ترشيد الإنفاق.
ـ تم لحظ اعتماد 401 مليار ليرة لتسديد مستحقات أقساط القروض الخارجية المعقودة من قبل مجلس الإنماء والإعمار وبعض الإدارات والعائدة لتمويل المشاريع وهي تتعلق بمنظمات دولية أو حكومات أجنبية أو مؤسسات مالية غير حكومية.
■ وضع قانون برنامج جديد لصيانة وتشغيل المدينة الجامعية في الحدث بمبلغ إجمالي قدره 54 مليار ليرة، موزع على 3 سنوات بمعدّل 18 مليار ليرة سنوياً.
■ لحظ مبلغ 45 مليار ليرة في موازنة وزارة الاقتصاد لتغطية العجز في رصيد دعم شراء القمح، إذ يبلغ الرصيد 95 مليار ليرة، يوجد منه 50 ملياراً فقط من مساهمات سابقة.
■ لحظ مبلغ 2.1 مليار ليرة كمساهمة في مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدفع أجور الخبراء والمستشارين والأكلاف الإدارية الأخرى.
■ إضافة 212 مليار ليرة في احتياطي الموازنة من أجل تأمين التعويضات المرتبطة بأساس الراتب (التعويض العائلي، تعويض نقل مؤقت، أعمال إضافية، خدمة ميدان، إلغاء منصب، تجهيزات عسكرية، تعويض اختصاص، تعويض سكن والحجز...)

مصادر الإيرادات الجديدة

تم احتساب الزيادة من الواردات في ضوء الإجراءات الضريبية الجديدة المقترحة لتمويل كلفة ارتفاع الأجور، وأبرزها:
1ـ استيفاء رسوم دون إجراء التسوية عن مخالفات الأملاك العامّة البحرية، ما يدر حوالى 30 مليار ليرة فقط.
2 ـ تعديل نسبة الضريبة على الفوائد من 5% إلى 7% بموجب تعديل المادة 51 من القانون 497، ما يدر 75 مليار ليرة إضافية.
3 ـ تعديل نسبة الضريبة على الفروق الإيجابية الناتجة من عملية إعادة تقييم جميع الأصول الثابتة والعقارات والموجودات الثابتة بموجب المرسوم رقم 282 من 1،5% إلى 2%، ما يدرّ حوالى 100 مليار ليرة.
4 ـ إلغاء المادة 59 من القانون 379 (ضريبة على القيمة المضافة) التي تنص على حق الاسترداد للأموال والأشياء المعفاة من ضريبة على القيمة المضافة، ما يدرّ حوالى 50 مليار ليرة، بسبب انخفاض في الرديّات الضريبية.

تراجع التحويلات للكهرباء

بلغت النفقات الاستثمارية في مشروع الموازنة حوالى 2507 مليارات ليرة، منها 1886 مليار ليرة ملحوظة كسلفة لمؤسسة كهرباء لبنان لتغطية شراء المحروقات وخدمة ديون المؤسسة، علماً بأن المؤسسة قدرت العجز في موازنتها بـ 2939 مليار ليرة، على افتراض عدم وجود أية إجراءات جديدة لخفض هذا العجز، وذلك بناءً على الفرضيات الآتية:
■ اعتماد متوسّط سعر نفط خام يعادل 107 دولارات أميركية في البرميل حسب توقّعات البنك الدولي لمعدل سعر النفط الخام لعامي 2008 و2009.
■ احتساب مجموع استهلاك المؤسسة من مادة الغاز أويل في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2008 والأشهر الستة الأولى من عام 2009 بما يعادل 1110 ألف طن متري، من ضمنه 371000 طن متري استهلكتها مؤسسة كهرباء لبنان في الفترة الممتدة من تموز الى منتصف أيلول 2008، وتم احتساب قيمة استهلاك المؤسسة من الغاز أويل في عام 2009 بمبلغ 1405 مليارات ليرة.
■ احتساب استهلاك المؤسسة من مادة الفيول أويل في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2008 والأشهر الستة الأولى من عام 2009 بما يعادل 1032 ألف طن متري، من ضمنه 172000 طن متري استهلكتها مؤسسة كهرباء لبنان في الفترة الممتدة من تموز الى منتصف ايلول 2008، وتم احتساب قيمة استهلاك المؤسسة من الفيول أويل في عام 2009 بمبلغ 817 مليار ليرة.
■ احتساب فاتورة استهلاك مؤسسة كهرباء لبنان من المحروقات وفق قيمة المحروقات (الكيمة ضرب السعر)، مع زيادة بنسبة 3%.
■ احتساب مدفوعات من الخزينة الى مؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 107 مليارات ليرة لتسديد أصول وفوائد قروض الانشاء التي تدين بها مؤسسة كهرباء لبنان وتدعمها الخزينة اللبنانية.
■ احتساب نفقات مؤسسة كهرباء لبنان الأخرى بقيمة 871 مليار ليرة، وهذا الرقم يتضمن شراء الطاقة من الخارج من مصر كما هو متوقع، وجميع نفقات المؤسسة الجارية حسب أرقام مؤسسة كهرباء لبنان المقدمة الى وزارة المال بتاريخ 10 أيلول 2008.
■ احتساب وفر بقيمة 152 مليار ليرة نتيجة استجرار 300 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من مصر ابتداءً من كانون الثاني 2009 لتغطية نصف حاجة معمل دير عمار من الغاز الطبيعي بدل مادة الغاز أويل.

تعديل التعرفة

■ احتساب وفر بقيمة 548 مليار ليرة نتيجة مشروع تعديل التعرفة للشرائح الاستهلاكية الكبرى المقترح تنفيذها، واتخاذ إجراءات لخفض التعديات على الشبكة، وزيادة التحصيل، وبناءً على إجمالي واردات للمؤسسة بما يعادل 2150 مليون ليرة في حال انعدام الخسائر التقنية وغير التقنية وتحصيل جميع الفواتير.
مع الإشارة الى أن وزارة المال، تقترح ضمن مشروع الموازنة العامة لعام 2009 نصاً قانونياً يرمي الى وجوب تقديم تقارير فصلية تعدها مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة والمياه تتناول الخطوات الإصلاحية المعتمدة في قطاع الكهرباء وتقديم بيانات واضحة عن الوضع المالي للمؤسسة بما فيها النفقات والايرادات واستهلاك المؤسسة من المحروقات والتوقعات المرتقبة للعجز خلال الفترة الباقية من السنة المالية، تُرفع لجانب مجلس الوزراء.
وتقدر تحويلات الخزينة اللبنانية الى مؤسسة كهرباء لبنان لعام 2008 حالياً بمبلغ 2362 مليار ليرة مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً فوق الحد الذي كان مرتقباً عند تحضير موازنة عام 2008.



النص الكامل لمشروع موازنة العام 2009 أنقر الزر الأيمن وإضغط على Save Target As للتحميل


450 مليار ليرة

هو التمويل الخارجي لمشاريع مجلس الإنماء والإعمار، والذي وضعه المشروع في خانة الإنفاق الإضافي من خارج الموازنة، اذ لا يمكن تمويل اي من هذه المشاريع من ايرادات الموازنة.