strong>«الأسد مستعدّ لدفع ثمن السلام كما كان السادات مستعداً له»دمشق جديّة أم غير جديّة في التوصل إلى اتفاق سلام مع تل أبيب؟ سؤال يبدو أن التقدير الاستخباري الإسرائيلي للعام المقبل يتّجه نحو حسم الجدل القائم داخل المؤسسة الأمنية في إسرائيل بشأنه. الحسم ينحو، وفقاً لمسوّدة التقدير التي وضعت على طاولة النقاش، نحو تبنّي وجهة النظر التي ترى أن هناك «احتمالاً حقيقياً للسلام مع سوريا»

يحيى دبوق
ذكرت صحيفة «معاريف»، أمس، أن الجزء المتعلق بسوريا في التقدير الاستخباري السنوي لعام 2009 يرى أن نيات دمشق جديّة في التوصل إلى سلام مع إسرائيل، في وقت رأى فيه مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون «(الرئيس المصري الراحل) أنور السادات المقبل».
وقالت «معاريف» إن «الصيغة الأوّليّة للتقدير خضعت أمس لنقاش خاص حضره مسؤولون من الأجهزة الاستخبارية ووزير الدفاع إيهود باراك. وأضافت أن «السؤال الذي يشغل بال الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية منذ بضع سنوات، يتعلق بجدية التصريحات السوريّة حول نياتهم السلمية، وهل هم معنيون فقط بأصل المحادثات كي تتحسن مكانتهم الدولية، من دون أي نية حقيقية لديهم للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل».
وأوضح مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية، عامير رابابورت، أن هناك عدم وضوح في الرؤية والتوقعات لدى المحافل الاستخبارية الإسرائيلية المختلفة، «فرئيس الموساد، مائير داغان، يرى أنه ليس لدى السوريين نية حقيقية للتوصل إلى اتفاق سلام»، بينما «في شعبة الاستخبارات العسكرية يعتقدون خلاف ذلك، رغم أن هناك خلافاً في الرأي داخل الشعبة نفسها، حيث يرى رئيس دائرة الأبحاث فيها، العميد يوسي بايدتس، أن السوريين معنيون بالتوصل إلى سلام حقيقي مع إسرائيل، بينما ترى محافل أخرى عكس ذلك، وهي قريبة من التوقعات المتشائمة لرئيس الموساد داغان».
وبحسب الصحيفة نفسها، فإن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، عاموس يادلين، «أعرب عن نهج أكثر تشكيكاً بشأن صدق تصريحات السوريين المتعلقة بنيّتهم التوصل إلى سلام، لكن يتبيّن أنه مع حلول عام 2009، يتعزز في شعبة الاستخبارات، التي تعدّ المقدر الوطني في إسرائيل، الاعتقاد بأن هناك بالفعل احتمالاً لتحقق سلام حقيقي مع سوريا».
فالسوريون، وفقاً للتقدير المستجدّ، «مستعدون للتوقيع على اتفاق سلام، ولكنهم يديرون المفاوضات والزمن يعمل لمصلحتهم، ومن المعقول ألا يوافقوا على اتفاق إن لم يضمن لهم العودة إلى الخطوط التي كانوا عليها قبل اندلاع حرب الأيام الستة، وهو شرط أصرّ عليه في الماضي (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد، إضافة إلى مظلّة أميركية للاتفاق، وتلقّي مساعدة اقتصادية سخيّة، شبيهة بالمساعدة التي تتلقّاها مصر، منذ توقيعها على اتفاقية السلام مع إسرائيل».
وعن الجدوى التي جنتها دمشق حتى الآن جرّاء التفاوض مع إسرائيل، أفادت الصحيفة بأن التقديرات الإسرائيلية ترى أن «السوريين قطفوا بالفعل العديد من الثمار لمجرد جعل المفاوضات مع إسرائيل علنية، ذلك لأنه بفضل هذه المفاوضات، أزيلت المقاطعة الدولية عنهم، كما أن السوريين مستعدون لدفع ثمن تجميد علاقاتهم مع إيران، إذا ما طرح عليهم اتفاق سلام يرضيهم».
وبحسب هذه التقديرات، فإن «السوريين يتأثرون أيضاً بالمواضيع الداخلية، وفي مقدّمها التخوّف الكبير من أزمة اقتصادية خطيرة من شأنها أن تتطور في غضون سنوات عديدة، عقب الهزال الكبير في احتياطات النفط في الدولة، والتي تترافق أيضاً مع انخفاض عالمي حادّ في أسعار النفط».
وفي السياق نفسه، ذكرت «معاريف» أن مدير مركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، نمرود بركان، قال خلال مدوالات استراتيجية جرت أخيراً في الوزارة إن الرئيس السوري، بشار الأسد، سيواصل درب الرئيس المصري السابق، أنور السادات، وإنه «مستعد لدفع ثمن (السلام) كما كان السادات مستعداً له». وأشارت الصحيفة إلى أن «بركان ومسؤولين آخرين في الوزارة يعتقدون أن بالإمكان تحقيق السلام مع سوريا في مقابل الانسحاب من الجولان، وأن المسار السوري هو صاحب الاحتمالات الأوفر حظاً بالنجاح».
وقالت الصحيفة إن «الأصوات التي ترى أن الاتفاق مع سوريا أكثر واقعية آخذة بالتزايد وسط القيادة السياسية العليا في إسرائيل»، مشيرة إلى أن «وزيرة الخارجية تسيبي ليفني تحفّظت حتى الآن على الاتصالات مع سوريا، لكن في ضوء توصيات مسؤولين رفيعي المستوى في وزارتها، وفي ضوء التغير في الإدارة الأميركية المقبلة والخطّ الذي يقوده (الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي، فإن ليفني كفيلة بأن تتبنّى التوصيات التي طرحت في المباحثات في وزارتها، لتدفع المحادثات مع سوريا قدماً، إذا ما نجحت في تأليف حكومة».