strong>السلطة تعزّز انتشارها العسكري في الخليل والمستوطنون يهاجمون منازل الفلسطينيّين ومقابرهملا تزال ورقة الحوار المصرية تصطدم بإصرار «حماس» على اتفاق رزمة كاملة يتزامن تطبيقه في الضفة وغزة، في مقابل رضىً «فتحاوي» عليها. مماطلة قد تمتدّ مع احتمال اندلاع مواجهات بين الحركتين في مدينة الخليل، حيث عززت السلطة انتشارها العسكري وهاجم المستوطنون منازل الفلسطينيين ومقابرهم

غزة ــ قيس صفدي
بدت حركة «حماس» مصرّةً على اتفاق الرزمة الكاملة أساساً لنجاح الحوار الوطني، تفادياً للتجارب السابقة، فطرحت سلّة اعتراضاتها على الورقة المصرية، مع إبدائها رغبة حقيقية في تحقيق المصالحة، رغم توجيهها لبعض الانتقادات التقليدية إلى حركة «فتح»، وإن بصورة غير مباشرة.
وأعلن وزير الداخلية في الحكومة المقالة والقيادي في «حماس» سعيد صيام أن «الفيتو الأميركي على الحوار الوطني لا يزال قائماً»، مؤكداً أن «حركته لا تضع شروطاً على الحوار، غير أنها تصر على اتفاق الرزمة الكاملة، وحلّ كل القضايا بالتزامن بين الضفة الغربية وغزة، وعدم تكرار تجربة اتفاق مكة». وذكّر بأن حركته «تخلت في اتفاق مكة عن الوزارات السيادية، ولم تقف عند حصتها».
وجدّد صيام رفض «حماس» لنشر قوات عربية في غزة، قائلاً إن «القطاع ليس بحاجة إلى هذه القوات، وإذا كان لا بد منها فلتكن في الضفة الغربية». وانتقل إلى قضية الأجهزة الأمنية، مشيراً إلى إصرار حركته على «إصلاح هذه الأجهزة بالتزامن بين الضفة وغزة». وحذر من أن «الساحة الفلسطينية ستكون مقبلة على أزمة سياسية داخلية إذا لم تتوصل الفصائل الفلسطينية إلى المصالحة».
وفي السياق، أكد القيادي البارز في «حماس» وعضو وفدها للحوار، محمود الزهار، أنه «لا ضمانات لنجاح الحوار وجهود المصالحة، إلا إذا توافرت النيات الصادقة»، مشدداً على أن «الأوضاع لن تعود إلى سابق عهدها في قطاع غزة كما يريدون». واستبعد في الوقت نفسه أن «تجري مصر تعديلات على مسودة مشروع المصالحة، رغم تحفظات البعض».
ولفت الزهار إلى أن «حماس» تتحفظ على التهدئة المعروضة في الورقة المصرية، «لعدم إيفاء إسرائيل بشروطها».
المماطلة في قضية الحوار الداخلي، قابلها مشهدٌ أكثر سخونة في مدينة الخليل في الضفة الغربية، تمثّل في مهاجمة عشرات المستوطنين اليهود ممتلكات فلسطينية احتجاجاً على إخلاء مستوطنة عشوائية. وذكر شهود عيان أن عشرات المستوطنين ألقوا الحجارة على منازل فلسطينية، وألحقوا أضراراً في مقبرة للمسلمين، ما أدى إلى اعتقال الجيش الإسرائيلي لعدد من المستوطنين.
وانتقد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك المستوطنين، واتهم النظام القضائي «بالليونة تجاه السكان اليهود في الضفة الغربية»، مشيراً إلى «خطورة أعمال اليمين المتطرف»، الأمر الذي تطابق مع نظرة رئيس الوزراء إيهود أولمرت.
وأتت هذه الأحداث غداة نشر تعزيزات من نحو 550 شرطياً فلسطينياً مسلحاً في الخليل لتعزيز السلطة الفلسطينية تحت عنوان «حملة إشراقة الوطن»، ما يمثّل الأزمة الثانية التي تواجهها المدينة، وخصوصاً لجهة احتمال اشتعال التوتر مجدداً بين «حماس» و«فتح»، وانعكاساته السلبية على الحوار.
وقال قائد الأمن الفلسطيني، سميح الصيفي، إن «قواته جادة ومستعدة لاعتقال أي شخص يحاول عرقلة القانون والنظام بدءاً بالجماعات المسلحة غير القانونية، إضافة إلى أي شخص يتاجر بالأسلحة غير القانونية»، مؤكداً أن «السلاح الشرعي الوحيد هو سلاح قوى الأمن الفلسطينية».
بدوره، أوضح مصدر أمني إسرائيلي أن «الانتشار جرى بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وأن القوة الفلسطينية لن يسمح لها بالتدخل في المناطق التي يعيش فيها المستوطنون»، مضيفاً أن «الهدف هو حراسة المجتمع وتعزيز قدرة الشرطة الفلسطينية على محاربة حماس».
وأشار فياض إلى أن «نشر القوات في الخليل جزء من الخطة الأمنية التي بدأتها السلطة الفلسطينية العام الماضي».
إلاّ أن «حماس» رأت، على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم، أن «هذا الانتشار يأتي في إطار تصفية حماس وملاحقة المقاومين». وشدد على ضرورة عزل هذه القيادات التي وصفها بـ «الخطيرة المتعاونة مع الاحتلال الصهيوني»، مؤكداً «تمسك حركته بإعادة هيكلة هذه الأجهزة من جديد بأجندة وطنية على أسس مهنية وقانونية».
من جهة أخرى، أعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن «الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدأ جولة عربية سريعة» تشمل مصر والسعودية، فيما أعلن المفاوض الفلسطيني صائب عريقات تأجيل الاجتماع بين أولمرت وعباس، الذي كان مقرراً في منتصف الأسبوع الجاري، من دون أن يحدد موعداً جديداً.
إلى ذلك، قالت مصادر أمنية وطبية مصرية إن ثلاثة فلسطينيين قتلوا عندما انهار فوق رؤوسهم نفق للتهريب بين مصر وقطاع غزة أول من أمس.