أدى تسارع التطورات في إسرائيل إلى انتقال الخطاب الإعلامي من الحديث عن المفاوضات الائتلافية إلى الاستعداد للانتخابات المقبلة والبدء ببلورة شعاراتها
مهدي السيد
فرضت المرحلة الجديدة في إسرائيل ظروفها الخاصة التي ظهر أوّل متغيّراتها لدى رئيسة حزب «كديما»، تسيبي ليفني، التي ربط المحرر السياسي في «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنيع، بين ملابسها وتطورات الواقع السياسي، مقارناًَ بين ما ارتدته عندما قصدت بيت الرئيس شمعون بيريز للحصول منه على كتاب التكليف لتأليف الحكومة، وما ارتدته عند قدومها أول من أمس إلى المكان نفسه للاعتذار عن تأليف الحكومة والمطالبة بانتخابات مبكرة.
وبحسب برنيع، «أحياناً اللباس يكون هو الرسالة. في زيارتها السابقة إلى مقر الرئيس، اختارت تسيبي ليفني، خلافاً لعادتها، ارتداء فستان. وكان الفستان أسود وطويلاً. وكانت ترمي إلى إطلاق رسالة للأحزاب الأصولية، في أنها يمكنها أن تكون امرأة كما يشاؤون ـــــ محتشمة، ليّنة، مراعية. تسيبورا لطيفة». وأمس، أضاف برنيع، «بعد أن تحررت من رعب الأصوليين، ارتدت بنطالاً. نزلت من المرسيدس السوداء خاصتها بخطى سريعة، متعجّلة، واندفعت في رأس حاشيتها نحو المقر لتبشّر بيريز بأن ليس لديها حكومة».
ورأى برنيع أن خصوم ليفني سيحرصون على أن تكون الحملة الانتخابية «طويلة قدر الإمكان. فبنيامين نتنياهو وإيهود باراك معنيان بأن يدفعا ليفني قبل كل شيء إلى التآكل في الاستطلاعات، وعندها فقط التوجه إلى الانتخابات. ذلك أنه بالنسبة إلى نتنياهو، فإن الانتخابات في شباط مخاطرة، وبالنسبة إلى باراك هي كارثة».
وأشار برنيع إلى أنه «من بين الأحزاب، ثمة لكديما وحده مصلحة في الانتخابات في غضون 90 يوماً. أما الأحزاب الأخرى فستناور بين الرغبة الحقيقية للنواب وخوفهم من عقاب الناخب. ما سيفعلونه عملياً منوط بمستوى الخجل، كل واحد وخجله».
وفي «هآرتس»، رأى عكيفا ألدار أنه «في الانتخابات المقبلة، سترفع ليفني لواء الكفاح دفاعاً عن طابع الدولة اليهودي والديموقراطي وترسيخ مكانتها في العالم والمنطقة». وأضاف أنه إذا «لم يشدّها (شاؤول) موفاز وجوقته يميناً، ستعمل على تحويل عملية السلام إلى رأس الحربة التي يشهرها كديما في الحملة الانتخابية».
على هذا الأساس، يرى ألدار أنه لن يكون كافياً التلويح برفضها الخضوع «للابتزاز السياسي» الذي تمارسه «شاس»، و«عليها في هذه الحالة أن تكشف المواقف التي عبّرت عنها في مفاوضاتها مع الفلسطينيين. ولأن مواقف الفلسطينيين والجامعة العربية لم تتغير تقريباً خلال السنة الأخيرة، لن يكون من الصعب على الجمهور أن يدرك الفوارق بين الطرفين».
وفي السياق، رأى مراسل الشؤون الحزبية في «هآرتس»، يوسي فرتر، أنه «الآن، بعد أن كانت ليفني تريد حكومة بسرعة، باتت تريد انتخابات بسرعة، كي تقلّل من تآكل مكانتها». وبحسب فرتر، فإن «معركة الانتخابات التي بدأت أمس ستدور خصوصاً حول الشخصية، الخبرة والصورة. فكل اللاعبين الأساسيين معروفون. الصراع بين ليفني وباراك سيدور حول أصوات اليسار. ليفني ستواصل تقديم نفسها كسياسية مختلفة وأنظف، بينما سيركّز باراك ونتنياهو على الخبرة والتجربة. نتنياهو سيقدم نفسه سيّد الاقتصاد، بينما سيقدم باراك نفسه سيّد الأمن، وليفني ستقدم نفسها السيدة نظافة».
بدوره، رأى المحلّل السياسي في «معاريف»، بن كسبيت، أن «نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى الحيرة والإرباك اللذين يعيشهما الجمهور الإسرائيلي، الذي يواصل التخبّط بين ليفني ونتنياهو، ويواصل تجاهل إيهود باراك، ويعاقب حركة شاس بسبب أفعالها الأخيرة، ويسحق المتقاعسين».
وتطرّق كسبيت إلى الانتخابات المقبلة، فأشار إلى أنه «على خلفية الانهيار الاقتصادي والتحديات الأمنية، ثمة فرصة أكبر لأن تضم الحكومة المقبلة الأحزاب الثلاثة الأساسية: الليكود، كديما والعمل. لكنّ السؤال الذي يُطرح هو من الذي سيؤلّف هذه الحكومة، ومن سيقف في وجه من؟».
بدوره، رأى المحلل السياسي في صحيفة «إسرائيل اليوم»، دان مرغليت، أنه «إذا كان لا بد من إجراء انتخابات مبكرة، فمن الأفضل أن تجري هذه الانتخابات في أسرع وقت ممكن».