الهدف زيادة التعرفات قبل نهاية العام
مرّة أخرى تستغلّ المستشفيات الخاصة موقعها القوي، وتعمد إلى التهديد بوقف استقبالها للمضمونين اعتباراً من مطلع السنة المقبلة، إذا لم تستجب الجهات الضامنة لمطالبها برفع التعرفات الاستشفائية، علماً بأن معظم هذه المستشفيات لا يقوى على الاستمرار من دون الدعم المباشر وغير المباشر الذي توفّره الفوضى الشاملة في الإنفاق الصحي. فقد أعلن رئيس نقابة أصحاب المستشفيات سليمان هارون أمس أن 77 مستشفى تضمّ 80% من الأسرّة العاملة في مستشفيات الفئة الأولى (إقامة قصيرة ومتوسّطة) قررت عدم تجديد العقود مع الجهات الضامنة عند انتهاء مدّتها بتاريخ 31/12/2008، إلا إذا تمّ تعديل التعرفات، وقال إن هذه المستشفيات وجّهت كتباً بهذا المعنى إلى تعاونية موظفي الدولة، الطبابة العسكرية في مؤسسة الجيش اللبناني، مديرية أمن الدولة، مديرية الأمن العام، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، علماً بأن العقود مع الأخير تنتهي في أيار 2009، وقد تبلّغ المدير العام للصندوق محمد كركي شفهياً بأن المستشفيات لن تتمكن من الاستمرار بتقديم كل الخدمات للمضمونين لغاية ذلك التاريخ، أي أن المستشفيات ستتوقف عن التعامل مع الصندوق قبل انتهاء مدّة العقود، وهذا يضعها أمام المساءلة القضائية.
وأشار هارون إلى أن عدداً قليلاًَ من المستشفيات لم يوافق على هذا القرار التصعيدي لاعتبارات خاصة.
وعلى عكس اللهجة التهديدية الموجّهة إلى الجهات الضامنة، دعت النقابة شركات التأمين الخاصة للتعامل بجدية وإيجابية مع المستشفيات لتعديل التعرفات بما يتناسب وأسعار الكلفة الحقيقية والفعلية وبأسرع وقت ممكن.
وطالبت نقابة أصحاب المستشفيات بتدخّل وزير الصحة من أجل معالجة هذا الأمر بحكمة وحزم ضمن الوقت المتاح «حتى نتجنّب جميعاً كارثة صحية واجتماعية واقتصادية»، كما طالبت وزير المال بصرف جميع المستحقات الموجودة لديه، ولا سيما العائدة للسنوات من 2000 إلى 2006.
وتطالب النقابة برفع التعرفات استناداً إلى دراسة للبنك الدولي مع وزارة الصحة تقوم على مؤشرات التضخم بين عامي 1998 و2008، والتي اعتمدتها اللجنة الطبية الاستشارية العليا في توصيتها بإعادة النظر بالتعرفات.
وحمل هارون على صندوق الضمان الذي يرى أن الأولوية الآن هي لتحقيق التوازن المالي في فرع ضمان المرض والأمومة، وقال «لا يوجد ضمان في العالم لا يعاني من العجز، وهذا لا يمنع من الاستمرار بتأمين استشفاء المضمونين».
ورأى أن تحرّك المستشفيات اليوم ليس وليد ساعته، بل جاء تتويجاً لسلسلة طويلة من الاتصالات التي اصطدمت بالمواقف السلبية للبعض، وقال «الآن وصلنا إلى ما كنّا نخشى منه، فارتفاع كلفة الخدمات الاستشفائية بصورة مطّردة دون التوصل إلى تعديل التعرفات بطريقة علمية وعادلة، وضع المستشفيات أمام خيارين: إما الإقفال، وإما تحميل المواطن أعباء الخدمات الاستشفائية وهو أعجز من أن يتحمّلها. وفي كلا الحالتين، فإن الارتدادات السلبية سوف تكون كارثية على المستشفيات والمرضى والمؤسسات الضامنة على حدّ سواء».
وأشار هارون إلى أن القطاع الاستشفائي الخاص يشغّل 25 ألف موظف و5 آلاف طبيب، ويتعامل مع 450 ألف حالة استشفاء سنوياً... وتبلغ كلفة الاستشفاء حوالى 650 مليون دولار سنوياً، 150 مليوناً منها أتعاب طبية، و200 مليون أدوية ومستلزمات طبية، و300 مليون دولار خدمات طبية وفندقية (إقامة، عناية فائقة، غرفة عمليات، غرفة توليد، مختبر، أشعة، فحوصات مختلفة...).
وانتقد هارون تعدّد الصناديق الضامنة، التي لا تتّبع السياسات والقرارات الصادرة عن وزارة الصحة، ما يشكّل ضرراً كبيراً، لا بل خطراً على استمرارية الخدمات للمرضى، فهذا النظام الفوضوي أصبح ثمنه غالياً جداً، ونتجت منه مشكلتان ماليّتان تكبران باستمرار، وهما:
1ــ تعرفات دون مستوى الكلفة الحقيقية حيث إن بعضها يعود إلى سنة 1995، علماً بأن نسب التضخم تبلغ 60%.
2ــ التأخير في تسديد المستحقات التي قاربت قيمتها 850 مليار ليرة، وعلى سبيل المثال هناك متأخرات تمتد منذ سنة 2000 ولغاية 2006 عائدة لمرضى وزارة الصحة، وقيمتها حوالى 150 مليار ليرة، وهي مدقّقة حسب الأصول، قسم منها موجود في وزارة المال وقسم آخر ما زال في وزارة الصحة، ولا يمكن إرسالها إلى وزارة المال بسبب عدم وجود اعتمادات مرصودة لها، أما الضمان الاختياري فقد بلغت ديونه للمستشفيات 100 مليار ليرة، وهو متوقف كلياً عن التسديد، إضافة إلى 300 مليار ليرة متوجبة على فرع المرض والأمومة وتعود إلى الأشهر الـ 14 الماضية.
(الأخبار)