strong>نصح «رعاة البقر» التعلّم من «أخطاء» بوش و«العمل على حماية أرواح الأميركيّين»على وقع الشعارات المعادية للرئيس الأميركي، جورج بوش، خلال تشييع ضحايا المجزرة الأميركية في منطقة البوكمال، كان وزير الخارجية وليد المعلم يطلق من لندن مواقف لا تقلّ حدّة إزاء واشنطن، متوعّداً بردّ عسكري «إذا تكرّر الاعتداء»

دمشق ـــ سعاد مكرم
ألقى التوتر الذي أثاره الاعتداء الأميركي على سوريا بظلّه أمس على أجواء زيارة وزير الخارجية وليد المعلم إلى لندن، حيث أكد أن بلاده «ستدافع عن أراضيها» إذا كرر «راعي البقر الأميركي» تنفيذ «سياساته الإجرامية والإرهابية»، موجّهاً في الوقت نفسه سهامه نحو بغداد، التي استغرب أن يكون فيها مسؤول في الحكومة «فيه قطرة دم عربية يبرّر هذا العدوان الآثم على الشعب السوري».
توتر انعكس في إلغاء للمؤتمر الصحافي المشترك بين المعلم ونظيره البريطاني ديفيد ميليباند «في اللحظات الأخيرة» على قاعدة أنه «أمر غير مناسب». وعلّلت مصادر بريطانية إلغاء المؤتمر برغبة المعلم في عقد لقاء منفرد مع الصحافيين يضع خلاله ردّ بلاده على الهجوم الذي اخترق سيادتها.
وأجمع معظم المراقبين الصحافيين على أن أبرز ما جاء في مؤتمر المعلم تساؤله عما إذا كان الاعتداء الأميركي الأخير على بلاده «بداية لتطبيق الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وبغداد»، وعما إذا كانت «تسمح باستخدام الأراضي العراقية للقيام بعدوان على أراضي الدول المجاورة»، وهو أول موقف سوري رسمي من الاتفاقية المذكورة.
ووضع المعلم اعتداء البوكمال، الذي أكد أن جميع ضحاياه من المدنيين غير المسلّحين، في خانة سياسات «راعي البقر الأميركي الإجرامية والإرهابية»، مؤكداً أنه «إذا تكرر الاعتداء، فسندافع عن أراضينا». ومع ذلك، شدد المعلم على أن دمشق «تأمل في ألا يصل الأمر إلى المواجهة العسكرية، لكن إذا كان هذا ما يريدونه فنحن مستعدّون لذلك».
ونصح المعلم «الإدارة الأميركية المقبلة» بضرورة أن «تتعلم الدروس من أخطاء الإدارة السابقة (ويقصد إدارة جورج بوش) وتعمل على حماية أرواح الأميركيين»، مكذبّاً ادّعاءات واشنطن التي أفادت بأن الهجوم استهدف «مقاتلين إرهابيين يتسلّلون إلى العراق».
ولفت رئيس الدبلوماسية السورية إلى أنّ بلاده لا تزال متمسّكة بتعهّداتها بمكافحة الإرهاب وتفعل ما في وسعها في هذا السبيل، مذكّراً بأن سوريا بحاجة إلى شريك على الطرف الآخر وبأنها لم تُزوَّد بالمعدات اللازمة لمراقبة حدودها مع بلاد الرافدين.
وتعليقاً على كلام المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، الذي برّر العملية «التي استهدفت إرهابيين»، استغرب المعلم «أن يكون هناك شخص مسؤول في الحكومة وناطق باسم رئيس وزرائها فيه قطرة دم عربية يبرر هذا العدوان الآثم على الشعب السوري».
ولم يخفِ المسؤول السوري مفاجأة بلاده «بهذا العمل العدواني». وقال «قاموا به في وضح النهار، ما يعني أنه ليس خطأ، بل عمل مع سبق الإصرار».
وبدا واضحاً من كلام المعلم أن دمشق لا تفكر برفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، «فحتى لو فكرت بذلك، فلا تتوقع نتائج إيجابية ما دام هناك فيتو أميركي يحول دون وجود ديموقراطية في العلاقات الدولية». وفي هذا السياق، استعاد المعلم كيف أن سجلّ إدارة بوش «حافل بالأكاذيب منذ أن ذهبوا إلى الأمم المتحدة بكذبة حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل».
أما كيف سترد بلاده، فقد أكد المعلم أنّ دمشق ستنتظر رداً رسمياً من الحكومة العراقية ومن الطرف الأميركي بعد مطالبتهما بالتحقيق وتوضيح حقيقة ما حصل.
وفي الوقت الذي تأخّر فيه ظهور صور الموقع الذي تعرّض للغارة، بثّ الموقع الإخباري السوري «سيريانيوز» شريطاً مصوّراً للمروحيات الأميركية الأربع التي نفّذت الغارة والإنزال، يظهرها وهي تحوم بشكل دائري في منطقة خضراء تضمّ منازل ريفية وأشجار نخيل، فيما سُمع في التسجيل ثلاث زخات من الرصاص تبدو أنها من رشاش ثقيل.
وفي قرية السكرية، حيث وقعت المجزرة الأميركية، شُيّع الضحايا في ظل إطلاق شعارات عدائية تجاه واشنطن وبوش تحديداً من نوع «الموت لبوش وللعدوّ الأميركي». وأشار مراسل وكالة «أسوشييتد برس» إلى أنّ عدد النعوش كان سبعة لا ثمانية، ملاحظاً أن أيّاً من الجثث لا تعود إلى قصّر أو إلى نساء، رغم أن البيان الحكومي السوري أوضح أن الضحايا هم: رجل وزوجته وأطفالهما الأربعة وعاملا بناء.