كلّفت الحكومة العراقية نفسها أمس مهمة التغطية على الاعتداء الأميركي على سوريا الذي أودى بحياة 8 سوريين، وذلك عندما برّرت الغارة المرفقة بإنزال بري ومجزرة في منطقة «تُعَدّ مسرحاً للإرهابيين الذين يهاجمون أمن العراق».أما واشنطن، فقد كانت لهجتها أقل تشدداً من تصريحات حكومة نوري المالكي، بل إنها امتنعت رسمياً عن تأكيد ما حصل، تاركة مهمة الكشف عن التفاصيل إلى تسريبات وتصريحات نسبتها وكالات الأنباء إلى «مسؤولين رفيعي المستوى لم يكشفوا عن هويتهم».
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، إن غارة البوكمال «استهدفت منطقة يستخدمها المقاتلون الذين يشنون هجمات عبر الحدود». ورغم أن الدباغ رفض الكشف عمّا إذا كانت الغارة أميركية، فقد أوضح أنّ هذه المنطقة «كانت مسرحاً لنشاط تنظيمات إرهابية ومعادية للعراق تنطلق من سوريا، كانت آخرها مجموعة إرهابية قتلت 13 منتسباً إلى وزارة الداخلية في قرية حدودية».
وأشار المتحدث الحكومي العراقي إلى أن بلاده سبق أن طلبت من السلطات السورية تسليم المجموعة «التي تتخذ من سوريا مقراً لنشاطاتها الإرهابية».
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك: «لقد قرأنا الكثير (من المعلومات) في الصحف قبل ثلاثة أو أربعة أيام بشأن عمليات تسلل إلى العراق من الحدود السورية». غير أن ماكورماك عاد ولفت إلى أن «الحالة اليوم (على الحدود) لم تعد كما كانت عليه. وهذا لا يعني أن المشاكل لم تعد موجودة في ما يتعلق بالذين يعبرون الحدود»، مشدداً على ضرورة بذل دمشق المزيد لمراقبة حدودها.
وعرّج المسؤول الأميركي على «المبادرات الإيجابية التي قامت بها دمشق عندما قررت إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وعبر مفاوضات سلام غير مباشرة مع إسرائيل»، قبل أن يذكّر بأنه «لا يزال أمامها الكثير من العمل».
وفي سياق تجنّبه الأسئلة عن هوية المروحيات التي شنت غارة قرية السكرية، جزم ماكورماك قائلاً: «لن أدلي بأي تعليق على عملية أو عمليات محددة، لكن يمكنني القول إن الحرب على المتطرفين الذين يستخدمون العنف معركة صعبة ونضال إيديولوجي صعب».
وعلى عكس ما فعله ماكورماك والمتحدثة باسم البيت الأبيض، دانا بيرينو، والمكتب الإعلامي لوزارة الدفاع الأميركية الذين تهرّبوا من تحديد هوية المروحيات، كشف «مسؤول أميركي رسمي» لم يفصح عن هويته، أن المروحيات الأميركية هي التي نفّذت الغارة، جرياً على قاعدة أنها «قررت أخذ الأمور بيدها لمنع عبور الإرهابيين من سوريا إلى العراق».
ووصف «المسؤول الأميركي»، الغارة بأنها كانت «عملية ناجحة» ضد المقاتلين الاجانب الناشطين في العراق، بما أنها أودت بحياة شخص يُدعى «أبو غدية» وكان «أحد أكبر مهربي المقاتلين الاجانب». وفي تبريره لشنّ العملية في هذا التوقيت، أجاب المسؤول الأميركي بأنه «حين تبرز فرصة مهمة يجب انتهازها. هذا ما ننتظره، وخصوصاً حين يتصل الأمر بمقاتلين أجانب يدخلون العراق ويهددون قواتنا المسلحة».
في المقابل، ربطت العديد من الأطراف العراقية بين الغارة والاتفاقية المنوي توقيعها بين واشنطن والعراق. فبعدما أدانت «الاعتداء السافر»، رأت هيئة علماء المسلمين في العراق أن «إدارة الاحتلال تثبت تلهفها للقيام بما تتيحه لها الاتفاقية التي تعمل على توقيعها مع الحكومة الحالية بكل السبل الممكنة».
كذلك تخوّفت كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي من أن تؤدّي الغارة الأميركية إلى عرقلة الاتفاقية المذكورة «لكونها ستثير مخاوف متزايدة من جيران العراق من أن تكون الاتفاقية موجّهة إليهم».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز)