ضربة استباقية وجهها زعيم جماعة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، مساء أمس، حين حذّر «قوى خارجية» لم يسمّها، من محاولة اللعب بالاستقرار الأمني لليمن أو الاقتصادي، في ضوء إشارات خجولة تلت «الإعلان الدستوري»، بخصوص اعتزام دول الخليج وأميركا، فرض عقوباتٍ اقتصادية على اليمن، رداً على ما وصفه كلا الطرفين بـ«الانقلاب الحوثي». ولا شكّ في أن اختيار الحوثي توجيه خطابٍ متلفز بعد ثلاثة أيامٍ فقط من خطابه يوم السبت الماضي، يشتمل على دلالات كبرى. وكأن زعيم الجماعة الأقوى عملياً في البلاد اليوم، يقول إن مجريات الأحداث ذات أهمية قصوى، وهي تستحق المواكبة لحظةً بلحظة، خصوصاً في ظلّ استئناف المفاوضات بين القوى السياسية برعايةٍ دولية في صنعاء، وعدم تمخضها حتى الآن عن أي اتفاق أو قرار يذكر، باستثناء أنباء متفرقة عن اتفاق أولي حول الرجوع عن حلّ البرلمان، وتوسيع مجلس الشورى.

«الاستقرار في اليمن من مصلحة دول الخليج»، أكد الحوثي، مساء أمس، في خطابٍ متلفز عبر قناة «المسيرة» التابعة لجماعة «أنصار الله»، محذراً من استهداف الشعب اليمني في اقتصاده وأمنه، وهما السلاحان الأمضى اليوم في أي ردٍّ مفترض من قبل القوى المتضررة من صعود الحوثيين في اليمن. وقال الحوثي: «لن نتسامح مع أي طرف خارجي يسعى لضرب الاقتصاد اليمني»، معبراً عن رفضه مواقف بعض الدول من «الإعلان الدستوري» الذي أعلنته «اللجان الثورية»، يوم الجمعة الماضي من القصر الرئاسي في صنعاء، وحلّت بموجبه البرلمان ودعت إلى تشكيل مجلس وطني ومجلس رئاسي يدير المرحلة الانتقالية لمدة عامين.
واشنطن: سنواصل التحرك
في اليمن لتعطيل المخاطر
التي تتهدد أمننا

وفي ما يشبه التهديد المبطّن، أكد الحوثي أن اليمن «بلد غني بخيراته وثرواته المنهوبة»، مضيفاً بالتالي أن هناك مصلحة لكل القوى في الداخل والخارج من استقرار هذا البلد. وحذر من أن أي محاولات لإثارة الفوضى والإضرار بهذا البلد سيكون لها انعكاساتها على مصالح تلك القوى.
من جهةٍ أخرى، شنّ الحوثي هجوماً حاداً على حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (الإخوان)، متهمًا إياه بـ«تبني نهج إقصائي وتكفيري». وفيما رحب بـ«الإصلاح» في العملية السياسية، أعاد الحوثي توضيح المسار الذي عاشه اليمن، خلال الأسبوع الماضي، قائلاً إن «الإعلان الدستوري هو خطوة ضرورية ومهمة ولم يكن أمامنا خيار آخر»، متابعاً: «الإعلان الدستوري عالج حالة فراغ كان سيترتب عليها فوضى وانهيار وتمزيق للبلد، وكان توجهاً صحيحاً وضرورياً، ولم يستهدف أي طرف». وأشار الحوثي إلى أن «القوى السياسية لم تتعاطَ بمسؤولية كما ينبغي تجاه حالة الفراغ الدستوري، ولم تبادر إلى التوافق ومراعاة مصلحة الشعب».
وتضاربت الأنباء في اليومين الماضيين بشأن اتفاق توصلت إليه القوى المتفاوضة برعاية المبعوث الدولي إلى اليمن، جمال بن عمر.
وقالت مصادر لوكالة «فرانس برس»، إن القوى تبحث صيغة اتفاق يُبقي على البرلمان الذي حله الحوثيون، مع تشكيل مجلس رئاسي. وتابعت هذه المصادر بالقول إن هناك توافقاً مبدئياً على هذه الصيغة بين جميع الأطراف، بمن فيهم الحوثيون الذين يشاركون في المحادثات، إلا أن «أنصار الله» لم تؤكد التوصل إلى اتفاق.
وكانت وسائل إعلامية قد نشرت في وقتٍ سابق أيضاً، أنباءً أكدت فيها التوصل إلى اتفاق يتضمن تشكيل مجلس الرئاسة من رئيس توافقي على أن يكون من الجنوب، ومكون من أربعة أعضاء يمثَّل فيه كلٌّ من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، و«أنصار الله»، إضافة إلى «اللقاء المشترك»، و«الحراك الجنوبي»، غير أن هذه الأنباء كلها بقيت غير مؤكدة. وكانت القوى السياسية اليمنية قد استأنفت أول من أمس الحوار برعاية الأمم المتحدة للخروج من الأزمة، وبعيد بدء الحوار، أعلن الحزب الناصري (عضو في «اللقاء المشترك») انسحابه النهائي من المحادثات، مؤكداً أن الحوثيين يرفضون سحب «الإعلان الدستوري».
في هذا الوقت، تابعت «أنصار الله» تقدمها الميداني، حيث سيطرت، يوم أمس، على مركز محافظة البيضاء، وسط البلاد. وبعدما دارت معارك عنيفة طوال أشهر، بين الجماعة من جهة وتنظيم «القاعدة» ومسلحي القبائل من جهة أخرى، تمكّن الحوثيون بحسب شهود عيان، من الانتشار، من دون مقاومة تذكر، في مركز المحافظة، التي تُعدّ بوابةً على محافظات الجنوب اليمني.
إلى ذلك، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جين بساكي، يوم أمس، أن الولايات المتحدة «ستواصل التحرك في اليمن لتعطيل المخاطر الوشيكة التي تتهدد الأمن الأميركي». وكانت مصادر في السفارة الأميركية في صنعاء، قد أكدت يوم أمس، أن السفارة ستغلق أبوابها بدءاً من اليوم الأربعاء. وأرجعت المصادر، إغلاق السفارة إلى «الأوضاع السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد»، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)