strong>طهران مع «ردّ قاطع ومفاجئ»: العلاج لا يكون بالمواقف السياسية وتقديم الشكاوى واصلت سوريا، أمس، تصعيد مواقفها وإجراءاتها ضدّ واشنطن، على وقع مطالبة إيرانية برد «قاطع ومفاجئ» يحاكي تجربة حزب الله، وتلويح أميركي بإمكان إغلاق السفارة في دمشق، مرفق بتحذير للرعايا من «تهديدات باعتداءات إرهابية»

طهران، دمشق، بغداد ــ الأخبار
طالبت سوريا، أمس، الولايات المتحدة باعتذار واعتراف علني بالاعتداء الذي تعرّضت له أراضيها يوم الأحد الماضي، في خطوة تزامنت مع تلويح أميركي بإمكان إغلاق السفارة في دمشق «إلى أجل غير مسمى».
في هذا الوقت، واصلت الحكومة العراقية التشديد على تعهّداتها بعدم تكرار هذه الأعمال العدائية ضد سوريا انطلاقاً من أراضيها، فيما أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أن الردّ السوري «يجب أن يكون قاطعاً ومفاجئاً»، على غرار سلوك حزب الله في عدوان تموز 2006.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة «أسوشييتد برس»، طالب نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد «الأميركيين والعراقيين بأن يجروا تحقيقاً ويوضحوا لنا خلفيات هذه الجريمة الإرهابية ضد دولة سيّدة، ويقدموا لنا اعتذاراً رسمياً والتعهد بعدم تكراره». وأضاف «المطلوب أن يعترفوا باعتدائهم وألا يتصرفوا بجبن»، في إشارة إلى عدم صدور أي إعلان أميركي رسمي يتبنّى هجوم الأحد.
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت بلاده ستطلب تعويضاً عن مقتل المواطنين السوريين الثمانية، أجاب المقداد «لن نتساهل بأي شيء يتعلّق بمواطنين سوريين».
وعن التعليق الأميركي الذي جزم بأن المدعو «أبو غدية»، الذي ادّعت واشنطن أنه كبير مهرّبي المقاتلين الأجانب إلى العراق، قد قُتل في غارة البوكمال، أشار المقداد إلى أن «أبو غدية لم يمت، لذلك فإن البحث عنه من جانب جميع وكالات الاستخبارات العالمية، ومن بينها السورية، يجب أن يستمر».
وفي السياق، أعلن المقداد أن بلاده تنتظر «توضيحات» من الحكومتين الأميركية والعراقية قبل «اتخاذ مزيد من الإجراءات».
وفي إطار جهود دمشق لتعبئة أوسع تضامن عربي ودولي معها في أزمتها مع واشنطن، أبلغ المقداد السفراء العرب والأجانب المعتمدين في العاصمة السورية بالتطورات، وحمّلهم «شكر سوريا لحكومات بلدانهم التي عبّرت بوضوح عن إدانتها لهذا العمل العدواني غير المبرر».
من جهتها، نبّهت السفارة الأميركية في دمشق، في بيان، جاليتها في سوريا إلى «أن تدرك أنّ أحداثاً أو ظروفاً غير متوقعة قد تحصل وتؤدي إلى إغلاق سفارة الولايات المتحدة في دمشق إلى أجل غير مسمى». وذكّرت السفارة أفراد الجالية بوجوب «الحفاظ على أمنهم الشخصي، عبر تفادي الأماكن التي شهدت تظاهرات».
وأضاف البيان أن «السفارة الأميركية في دمشق لا تزال قلقة حيال استمرار التهديد باعتداءات إرهابية وتظاهرات وأعمال عنف أخرى بحق مواطنين أميركيين ومصالحهم في الخارج». ورفض متحدث باسم السفارة الأميركية التعليق على ما إذا كان عدد الدبلوماسيين الأميركيين في سوريا أو وضعهم سيتغيّر أم لا.
وعلى صعيد الإجراءات السورية، أبلغت وزارة الخارجية القائم بالأعمال الأميركي رسمياً بقرار الحكومة إغلاق المركز الثقافي الأميركي والمدرسة الأميركية في دمشق، وطلبت إليه اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار، علماً بأن المؤسستين فتحتا أبوابهما أمس اعتيادياًوفي السياق، جدّد المتحدّث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، في مقابلة مع تلفزيون «الحرة» الأميركي، رفض حكومته للغارة الأميركية، مشدداً على أن مسوّدة الاتفاقية المنوي توقيعها بين واشنطن وبغداد «تمنع القوات الأميركية من تنفيذ عمليات كهذه». وأضاف الدباغ «عند أيّ خرق لهذا الاتفاق (في حال توقيعه)، وفي حال الاعتداء على أي دولة من دول الجوار، أتصور أن العراق سيكون في حِلٍّ من الالتزامات في الاتفاق وسينهيه، لأنه إذا لم تلتزم الولايات المتحدة بنوداً أساسية فيه فلا معنى له».
وطالب المسؤول العراقي الطرف الأميركي بـ«ضمانات بأنّ هذه العملية لن تتكرر أبداً، لا على سوريا ولا على أيّ من دول المنطقة».
وفي هذا الإطار، تعهّدت الحكومة العراقية بتبادل نتائج التحقيق، الذي تجريه بشأن الغارة، مع سوريا، وتمنّى بيان حكومي عراقي «ألا يؤدي هذا الحادث إلى تعكير صفو علاقاتهما الأخوية ».
إلى ذلك، حذّر لاريجاني أميركا من تكرار اعتدائها على سوريا أو أيّ دولة أخرى في المنطقة. وقال إن «على أميركا ألا تتصور أنّ اعتداءاتها على الدول الإسلامية، ولا سيما سوريا وباكستان، مجرد لعبة وأنها ستمرّ من دون ثمن». وشدد على أن «العلاج الناجع لهذه الاعتداءات لا يكون بالمواقف السياسية، بل يتطلّب رداً قاطعاً ومفاجئاً»، مذكّراً بتجربة حزب الله في لبنان في تموز 2006.