الحكومة تريد «شفط» 730 مليون دولار من المستهلكينمحمد وهبة
الاتجاه الانحداري لأسعار البنزين العالمية لن ينعكس بعد اليوم على أسعار مبيع مادة البنزين للعموم، إلا إذا عادت حصة الدولة من هذا الرسم إلى ما كانت عليه قبل إصدار مجلس الوزراء قرار تثبيت سعر البنزين ذي الرقم 109/2006، أي إن التسعير الأسبوعي سيعطي الأولوية لزيادة إيرادات الحكومة على حساب المستهلك، حتى يعود رسم البنزين إلى 12 ألف ليرة على كل صفيحة، وهو ما يساوي 3 مليارات ليرة يومياً، «وحينها فقط سيبدأ سعر صفيحة البنزين بالتراجع إلى ما دون المستوى المحدد في القرار»، بحسب ما قاله وزير الطاقة ألان طابوريان لـ«الاخبار».

دعم البنزين... «بالرسم»

ويحدد القرار 109/2006 السعر الأدنى لمبيع سعر البنزين للمستهلك بـ 22800 ليرة لسعر الصفيحة 95 أوكتان و23500 لسعر الصفيحة 98 أوكتان، وهو هدف في حينه إلى مواجهة ارتفاع أسعار النفط العالمية، إذ وافقت الحكومة تحت الضغط على دعم السعر بحدود، على أساس أن تدعم الخزينة حصتها من رسم البنزين الذي كان يبلغ حينها 12 ألف ليرة، من دون المس بالضريبة على القيمة المضافة. ويشير رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط إلى أن الضريبة المحصلة من المشتقات النفطية مثّلت في السابق 22 في المئة من مداخيل الدولة من الضرائب، ومثّل الرسم يومها أكثر من نصف سعر الصفيحة.
لم يبلغ الرسم «صفراً» ولا مرّة، إلا أنه تدنى إلى 70 ليرة في ظل استمرار ارتفاع سعر الصفيحة بوتيرة مطّردة ليبلغ مستويات قياسية تجاوزت 22 دولاراً في حزيران الماضي، قبل أن يبدأ مسيرته التراجعية التي قررت الحكومة وقفها لتمارس عملية نهب لجيوب المواطنين.
ويقول رئيس الاتحاد العمالي العام، غسان غصن، إن هذا القرار جاء مخالفاً للاتفاق الذي تم مع الحكومة، آنذاك، لتثبيت سعر البنزين وتخفيف أعباء ارتفاع أسعاره على المواطن. ووفق غصن، فإن تثبيت السعر هو في الاتجاهين نزولاً وصعوداً، لكن تنفيذ القرار حُصر بتراجع السعر، لا عند ارتفاعه، ما جعل المستهلك ضحيّة في الاتجاهين.

تفعيل تلقائي

وبحسب طابوريان، فإن تفعيل القرار يأتي تلقائياً بعدما انخفض متوسط أسعار البنزين فعلياً إلى ما دون السعر المحدد في القرار ذي الرقم 109/2006، وبدأت الجمارك اللبنانية تتقاضى بدءاً من يوم أول من أمس، 1990 ليرة عن كل صفيحة بنزين تدخل إلى السوق للاستهلاك المحلي، أي بما قيمته 99 ألف ليرة عن كل كيلوليتر، ولم يجر خفض السعر للمستهلك إلا 100 ليرة، وسيتوقف هذا الأمر إلى حين عودة حصة الدولة من الرسم إلى 12 ألف ليرة.
وبحسب مصادر عاملة في استيراد المشتقات النفطية، يُتوقع أن يرتفع هذا الرسم إلى ما بين 2500 ليرة و3 آلاف ليرة على كل صفيحة في الأسبوع المقبل، أو ما بين 124 ألف ليرة و149 ألفاً على كل كيلوليتر، وذلك وفق تراجع الأسعار العالمية، علماً بأن حصة الخزينة من الضريبة على القيمة المضافة على مادة البنزين تبلغ 2300 ليرة على كل صفيحة حالياً.

الهدف: 730 مليون دولار

وبالتالي فإن إيرادات الدولة من الرسم على البنزين وحده ستتراوح الأسبوع المقبل بين 750 مليون ليرة و625 مليوناً في اليوم الواحد، أي ما يوازي 270 مليار ليرة سنوياً (180 مليون دولار)، إذ يستهلك اللبنانيون حوالى 250 ألف صفيحة بنزين يومياً، وهذا من دون احتساب الإيرادات المحصلة من الضريبة على القيمة المضافة على البنزين، لكن السعر للمستهلك لن ينخفض قبل أن تبدأ الدولة بتحصيل 12 ألف ليرة رسماً عن كل صفيحة، أي ما يساوي 3 مليارات ليرة يومياً أو 1100 مليار ليرة سنوياً (730 مليون دولار سنوياً)، وما يساوي 10 في المئة من مداخيل الخزينة تقريباً.

رسم غير عادل

وهذا الرسم، كغيره من الضرائب غير المباشرة، يتسم بعدم العدالة الاجتماعية، إذ إنه يساوي بين الفقير والثري. ويرى رئيس جمعية المستهلك، زهير برو، أن استمرار العمل بهذه السياسة ليس بديلاً لعلاج المشكلة من كل جوانبها، فهي محاولة للترقيع الاقتصادي لزيادة مداخيل إضافية للخزينة يدفع ثمنها المستهلك الفقير، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يأتي ضمن السياسات الضريبية الحكيمة، بل إنه يحد من القدرة الشرائية للمواطن.
وفي اعتقاد برّو، فإن تراجع الأسعار في لبنان لم يُترجَم بعد ابتداءً بأسعار المواد الأولية والغذائية الأساسية، وصولاً إلى أسعار المشتقات النفطية التي توقف تراجعها عند حدود معينة من أجل تمويل الخزينة بإيرادات إضافية.
ورأى غصن أن تثبيت السعر اليوم يعني مخالفة الحكومة للاتفاق الذي عقدته مع الاتحاد، فهي لم تثبت السعر حين ارتفع إلى 35 ألف ليرة، وحمّلت أعباء الزيادات في الأسعار للعمال والسائقين وغالبية ذوي الدخل المحدود. لذلك يطالب غصن بإعادة النظر بهذه السياسة الضريبية التي تستنزف جيوب المواطنين، والعمل على إعفاء الفئات المتدنية الدخل من الرسوم والضرائب، بما يحقّق العدالة الاجتماعية.

تحرير السعر

وكان النائب شامل موزايا قد أصدر بياناً أمس انتقد فيه قرار زيادة الرسم على صفيحة البنزين إلى 1990 ليرة، مشيراً إلى أن اللبنانيين فوجئوا بأن الحكومة طبّقت القرار ذا الرقم 109/2006 تاريخ 12/8/2006 القاضي بتحديد سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان بـ 22800 ليرة، ضاربةً عُرض الحائط بحقوق المواطنين ومصالحهم، وغير آبهة لفقر الشعب وعوزه ووضعه المعيشي الصعب والمزري. وطالب بصفته عضواً في لجنة الأشغال العامة والنقل ومعنياً مباشرة بموضوع أسعار المشتقات النفطية، الحكومة بالرجوع فوراً ومن دون إبطاء عن القرار لتحرير سعر صفيحة البنزين وخفضه ليصبح سعرها 18 ألف ليرة.


25 دولاراً

هي قيمة ارتفاع سعر كيلوليتر البنزين الواحد أمس، أي إن سعر الصفيحة ارتفع 0.5 دولار. ويعلم المتابعون أن أسعار النفط في البورصات العالمية تتذبذب صعوداً ونزولاً، لكن اتجاهها المستقبلي على المدى المتوسط هو انحداري.


تنفيذ سياسة الوصي