التوقيت دخل في حلبة الانقسام الفلسطيني. ساعة كاملة هي الفرق بين قطاع غزة والضفة الغربية، اللتين لا تفصلهما سوى بضعة كيلومترات، ليكون الفارق مماثلاً لما هو عليه بين السعودية والمغرب
غزة ــ قيس صفدي
«كم الساعة بتوقيت الانقلابيين؟»، ويرد أنصار حركة «حماس» «الفارق ساعة عن توقيت دايتون». بهذه الطرفة يتندر الفلسطينيون على ما آلت إليه أوضاعهم نتيجة الانقسام الحاد بين الضفة الغربية وقطاع غزة، الذي تجاوز كل ما يمكن أن يتخيله الفلسطينيون.
الانقسام لم يعد سياسياً فحسب، بل طاول كل شيء في الساحة الفلسطينية، ولم يستثنِ عقارب الساعة، التي تأخرت في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس» 60 دقيقة، بينما قررت حكومة رام الله برئاسة سلام فياض البدء بالتوقيت الشتوي مع بداية شهر رمضان، أي اعتباراً من مساء اليوم.
ستون دقيقة فارق التوقيت بين «دولتي غزة ورام الله» الخاضعتين بالكامل لسيطرة الاحتلال، ولا تفصلهما جغرافياً سوى بضعة كيلومترات، بينما الفارق السياسي بينهما يكاد يكون بعشرات الأميال، سواء لجهة طبيعة الحياة أو أسلوب الحكم، وبالتحديد التوجه السياسي لمنطقتين من المفترض أن تكونا «دولة واحدة».
«إنها المناكفة»، قالت مواطنة فلسطينية في غزة، بعدما انتظرت الحافلة التي تقل طفليها إلى الروضة من دون أن تأتي في موعدها المعتاد. وأضافت مبتسمة: «يبدو أن سائق الحافلة مع الشرعية وأنا ضد الشرعية».
وتسبّب فارق التوقيت بكثير من الإرباك والحيرة للمواطن الفلسطيني، حتى بات السؤال المعتاد خلال اليومين الماضيين بين شخصين أو أكثر عند التواعد «بأي توقيت؟». وقال مسنّ فلسطيني ساخراً «لو امتلكت حماس وفتح تقاسم الهلال لتقاسمتاه»، في إشارة إلى هلال شهر رمضان، مضيفاً: «الحمد لله أن رمضان وصل غزة ولم يمنعه الحصار والانقسام والفرقة من الدخول عبر الحواجز والمعابر المغلقة».
وكانت حكومة رام الله قد قررت مسبّقاً موعد البدء بالتوقيت الشتوي عند منتصف الليلة الأولى من شهر رمضان، غير أن حكومة غزة التي تديرها حركة «حماس» لم تشأ أن تلتزم بتوقيت حددته غريمتها في رام الله، وسارعت إلى تأخير الساعة، حتى باتت الساعة تدق في غزّة قبل رام الله بساعة كاملة.
وقال رئيس ديوان الموظفين التابع للحكومة المقالة، محمد المدهون، «بناءً على قرار مجلس الوزراء الفلسطيني برئاسة الرئيس إسماعيل هنية تقرر بدء العمل بالتوقيت الشتوي لهذا العام بدءاً من الساعة الثانية عشرة ليل الجمعة ــــ السبت، وذلك بتأخير عقارب الساعة ستين دقيقة».
وأشار المدهون، في بيان صحافي له، إلى أن ساعات الدوام الرسمي خلال شهر رمضان ستكون في غزة «من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر، وكذلك نؤكد على الإجازة الرسمية للخمسة أيام الأخيرة من شهر رمضان».
الساعة تنضمّ إلى الإجازة، بعدما كانت «السلطتان» قد قرّرتا إجازتين مختلفتين في الأسبوع. ويقول تاجر فلسطيني: «منذ سنوات طويلة اعتدت أن أحتفظ بساعتي من دون تقديم أو تأخير». وأضاف: «عادتي جاءت بفائدة فلا يحق لأحد أن يصنفني مع الشرعية أو ضد الشرعية بتقويم عقارب ساعتي»، قبل أن يطلق العنان لضحكة كبيرة.
ويتندّر الموطنون الغزّاويون بعضهم على بعض بالسؤال عند مطلع الساعة: «هل أنت مقالة أم دايتون»، أي ملتزم توقيت الحكومة المقالة في غزة أم حكومة رام الله التي يتهمها الحمساويون بالركون للإرادة الأميركية الإسرائيلية.