بغداد ــ الأخبارباتت الأنبار المحافظة الرقم 11 من أصل 18 التي تتسلّم الحكومة العراقيّة ملفّها الأمني من قوات الاحتلال، التي قد تكون اختارت بداية شهر رمضان للقيام بهذه الخطوة، في محاولة منها لتلميع صورتها السوداء بالنسبة إلى العرب المسلمين.
وكان مقرّراً أن تجري عملية والتسليم والتسلّم في حزيران الماضي، وذلك بعد أقل من عامين من سقوط المنطقة الواقعة غربي بلاد الرافدين تحت سيطرة مقاتلي تنظيم «القاعدة»، قبل أن تتحوّل إلى رمز لـ«النجاح» الأميركي بمساعدة عشائر «الصحوات» وقبائلها الذين انقلبوا على السلفيين.
وتعود أسباب التأجيل إلى نشوب خلافات بين مجالس الصحوات الموالين للأحزاب الكبرى، في مقدّمتها الحزب الإسلامي، ومجالس أخرى تخطّط لاستعادة دورها كممثلة للعرب السنة في السياسة المحلية.
وأهمية تسليم الأنبار تنبع من أنّها المحافظة الأولى التي تقطنها غالبية عربية سنيّة وتُسلَّم الى العراقيين.
وقد رأى ممثّل الحكومة المركزية، مستشار الأمن الوطني موفق الربيعي، أنّ أحداً «لم يكن يتصور هذا (التسليم) ولو في الحلم قبل 3 أو 4 سنوات».
ومن واشنطن، حيّا الرئيس الأميركي جورج بوش، في بيان له، تسليم أمن المحافظة إلى السلطات العراقية مختصراً معركة الأنبار بأنها كانت تقوم على «القاعدة يهزم الأنبار، أما اليوم، فالقاعدة خسر لمصلحة الأنبار».
وأوضح بوش أن قوات بلاده المحتلّة ستبقى في المحافظة لكن بصفة «مراقب»، مشيراً إلى أنّ هذا «الإنجاز ما كان ليتحقّق لولا شجاعة قواتنا والجيش العراقي والعشائر وحلفائنا من المدنيين العراقيين».
ولم ينسَ بوش التذكير بأنّ الخطر الذي لا يزال يهدّد العراق هو «القاعدة والميليشيات المرتبطة بإيران»، لافتاً إلى أنّ بلاده ستبقى «إلى جانب العراقيين لهزم الأعداء وبناء ديموقراطيّة في قلب الشرق الأوسط».
وفي جديد التوتّر الذي يشوب علاقة الحكومة العراقية بـ«مجالس الصحوات»، برز أمس اعتقال رئيس «مجلس الإسناد والمصالحة الوطنية» في ديالى، سعد عبود العنبكي على اعتبار أنه مطلوب للقضاء في إطار عملية «بشائر السلام».
وفي السياق، كشف الضابط الأميركي المسؤول عن الإشراف على «الصحوات»، جيفري كولماير، عن نيّة قيادته بدء تسليم الحكومة العراقية مهمة السيطرة على «الصحوات» في عموم العراق في تشرين الأول المقبل، في مؤشر يخشى كثيرون من أن يؤدّي إلى تفجير العلاقة الملتبسة التي تربط حكومة نوري المالكي بظاهرة «الصحوات»، وذلك لأسباب جوهرها طائفي.
وأوضح كولماير أنّ مسؤولي إدارته «كانوا يأملون تسليم جميع وحدات مجالس الصحوة بحلول حزيران 2009 لكن حكومة المالكي تريد الآن تولي هذه المهمّات وفي أسرع وقت ممكن».
وعلى صعيد الأزمة المستجدّة بين حكومتي بغداد وكردستان بشأن أحقيّة الانتشار العسكري في منطقة خانقين في محافظة ديالى، كشفت مصادر مقربة من مباحثات الطرفين عن قرب موعد توقيع اتفاق ينصّ على اعتماد الدستور مرجعيةً لحلّ الأزمة، وهو ما رأى بعض النواب فيه خطوة أولى لتأسيس «دولة غير معلنة كونفدرالية كردية»، في مقدّمتهم رئيس حزب القرار التركماني فاروق عبد الله، الذي قال إنّ توسّع الحزبين الكرديين في المناطق خارج الإقليم، وتقاسم السلطة الإدارية والأمنية بينهما، «يمثلان الخطوات الأولى لتأسيس دولة غير معلنة كونفدرالية كردية». كذلك، انتقد النائب عن «جبهة التوافق العراقية»، نور الدين الحيالي، الموقف الكردي المصرّ على إبقاء قوات «البشمركة» في ديالى، محذّراً من مغبّة تعريض هذا الموقف «الشعب الكردي للأذى».
في هذا الوقت، شهدت العلاقات الإيرانيّة ــ العراقيّة موجة من الزيارات الرسميّة المتبادلة، رافقتها مجموعة تصريحات صبّت جميعها في خانة «العصر الذهبي» الذي تعيشه العلاقات الثنائيّة. وقال رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إنّ الاتفاقية الأمنية الأميركية ــ العراقية المنوي توقيعها، تُعدّ «إساءة لسيادة الشعب العراقي» وذلك لدى استقباله عدداً من رؤساء التحرير ومديري وكالات الأنباء العراقية.
وشدّد لاريجاني على أنّ علاقات طهران ببغداد «جيدة جداً»، ملمّحاً إلى وجود «ممارسات خبيثة للمساس بالعلاقات الأخوية بين البلدين لكنها لن تنجح ولن تثبط من إرادة وعزيمة قادة البلدين لتعزيز وتنمية العلاقات الثنائية»، وهو ما كرّره أمين المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي.
أمّا وزير الخارجية منوشهر متكي، فجدّد مطلب إيران بإخراج العراق من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، الذي يضع هذا البلد في خانة الدول التي تمثل خطراً على السلم والأمن العالميين. وجاء كلام متكي خلال استقباله مساعد وزير الخارجية العراقي محمد حاج حمود الذي يزور طهران. كذلك، استقبل نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي، نائب وزير الخارجية الإيراني منوشهر محمدي.