للعام الثاني على التوالي، يأتي رمضان على غزة من دون بهجة، وفي ظل حصار وانقسام حاد يمنعان الفلسطينيين من التزوّد بالحاجيات الضرورية للصيام. حال مستمرة على مدار العام، لكنها تحمل حسرة مضاعفة في رمضان
غزة ــ قيس صفدي
«زحمة للفرجة»، قال تاجر المكسرات الفلسطيني في سوق الزاوية التاريخي في غزة، لتوصيف تردي الحركة التجارية وضعف القوة الشرائية في أول أيام شهر رمضان. وتحسر التاجر، الذي عرّف نفسه بـ«أبو محمود»، على «رمضان أيام زمان». قال: «قبل سنوات قليلة، كانت التحضيرات تبدأ لرمضان من شهر أو أكثر، وكنا نشعر بطيف رمضان قبل أن يأتي، أما الآن، فيأتي الشهر وينتهي من دون بهجة».
زحمة الناس في سوق الزاوية، الذي اكتسب اسمه من موقعه الذي يتخذ شكل الزاوية في حي الدرج الأثري في غزة، لا تعني لأبي محمود نشاطاً في الحركة التجارية، بل «تضييعاً للوقت» في انتظار موعد الإفطار.
وقال حامد، وهو صاحب محال لبيع المواد الغذائية، «كل شيء متوافر، لكن الأسعار مضاعفة بسبب الحصار، وأغلب الناس هنا لا يستطيعون الشراء». وأضاف، وهو يرتب بضاعته، «إن قلة قليلة من مرتادي السوق هم من يأتون فعلاً للتسوق، بينما يكتفي الكثيرون بقضاء الوقت».
غير أن سعيد قرر ألّا يرتاد السوق مطلقاً في رمضان، وقال بحسرة «ليش أروح على السوق علشان أتحسر على قلة حيلتي». وسعيد عاطل عن العمل منذ أكثر من عامين، ورغم أنه يُتقن ثلاث مهن، إلا أنه لم يجد فرصة للعمل منذ مدة طويلة.
وقال سعيد، الذي يعيل ثلاثة أبناء ووالديه، إنه «سئم البحث عن فرصة للعمل في النجارة أو الكهرباء أو كسائق أجرة من غير جدوى». وبنبرة تحمل الكثير من اليأس أضاف «يبدو أنه لم يعد لنا لزوم في الدنيا». وتابع إن «الناس في غزة صايمة على طول، ومش حتفرق معنا صيام شهر رمضان».
مرارة العيش في غزة تزداد مع حلول شهر رمضان للعام الثاني على التوالي في ظل حصار مطبق، وانقسام حاد بين الضفة وغزة. انقسام طاول صحة الفلسطيني وتعليمه.
سكان غزة يتساءلون كيف لهم أن يستشعروا رمضان على وقع إضراب المعلمين منذ نحو أسبوع، وآلام المرض التي ضاعفها إضراب الأطباء، في وقت ارتفع فيه عدد ضحايا الحصار من المرضى إلى 242 بوفاة طفلين حرمتهما سلطات الاحتلال حق العلاج في الخارج، وحرمهما الإضراب الرعاية الصحية في غزة.
«رمضان في غزة: حصار وانقسام وإضرابات وأسعار مثل النار، ولا فوانيس للأطفال». عبارة قالها عبد ربه، الذي أضناه البحث عن فوانيس لأطفاله بسعر يناسبه، بعدما فقد راتبه الذي كان يتقاضاه من حكومة رام الله، لكونه لم يلتزم دعوة إضراب المعلمين.
عبد ربه لا ينتمي لأي من الحركتين المتصارعتين، وفضّل التزام العمل وعدم التقيد بدعوة الإضراب، عملاً بضرورة «تحييد التعليم عن المناكفات والتجاذبات السياسية وعدم المقامرة بمستقبل الطلاب».