إعادة إحياء قرار تحديد نسب الأرباح التجارية بمعدل 27%محمد وهبة
بدأت ملامح تبدّل الذهنية التي كانت سائدة في وزارة الاقتصاد في السنوات الثلاث الماضية تظهر، فقد أعاد وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي العمل بالقرارات المتصلة بهوامش الأرباح التجارية التي ألغاها سلفه الوزير السابق سامي حداد بحجّة أنها كانت تعرقل إنجاز ملف انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية، فأصدر أمس القرار رقم 232 الذي يعيد العمل بالقرار 277 وعنوانه «تحديد نسب الأرباح التجارية». وقد سبق هذا القرار اجتماع عقده الصفدي مع رؤساء نقابات أصحاب الصناعات الغذائية ومستوردي اللحوم والأسماك وتجّار مال القبان وأصحاب السوبرماركت والقصابين والمواشي... فأبلغهم فيه قرار إعادة العمل بهوامش الربح لتجار الجملة ونصف الجملة والمفرّق، وقرارين إضافيين أصدرهما ويتعلقان بالفروج.

تحديد سعر الفروج

وعقد الصفدي مؤتمراً صحافياً تطرق فيه إلى ثلاثة عناوين رئيسية هي: تحديد هوامش الأرباح، تحديد سعر الفروج وتنظيم عرض وبيع الدواجن المذبوحة والنيئة ومقطعاتها ووضع آلية تعاون بين أصحاب السوبرماركت وموردي البضائع. فتم تعديل سعر مبيع كيلوغرام الفروج النيئ المنظف ومن دون قدمين إلى 4800 بدلاً من السعر الحالي الذي يبلغ 6 آلاف ليرة، وحدد سعر الأفخاذ المقطعة بنحو 4500 ليرة للكيلوغرام الواحد، وسعر الصدر غير المسحّب بـ 6 آلاف ليرة، وسعر الصدر المسحّب بنحو 10 آلاف ليرة.
وتطرق الاجتماع مع رؤساء النقابات التجارية إلى أسباب غلاء الأسعار وانفلاتها في السوق المحليّة واتخاذ بعض التجار شهر رمضان حجةً لرفع الأسعار التي تراجعت عالمياً على عكس اتجاهها في الفترة السابقة، فأوضح الصفدي أن إعادة إحياء القرار المتصل بتحديد هوامش الأرباح التجارية جاء بعد إلغائه في عام 2006 (حين كان سامي حداد وزيراً)، ولأن الظروف الحالية تستوجب وتسمح بإعادة العمل به مجدداً، معتبراً أن إحياءه بمثابة «باب حتى نعطي درساً لمن يحاول اللعب بالسعر»، مشيراً إلى أن بعض النقابات التجارية أبدت تحفظها على هذا القرار ووعدت بالسير به على أساس أن تعقد اجتماعات مقبلة لتصحيحه وتنقية بعض الشوائب الموجودة فيه، لافتاً إلى أن «تدخلنا كان ضرورياً في هذا المجال، وهو تأكيد بأننا لن نسمح برفع الأسعار عشوائياً». وقد أوضح بعض رؤساء النقابات في اتصال مع «الأخبار» أن معارضتهم لهذا القانون تأتي نتيجة قدم القانون الذي مضى على صدوره نحو 30 عاماً، وبالتالي هناك حاجة لتعديله وفق معطيات حديثة.
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» حول الذريعة التي استعملها حداد لإلغاء القرار والتي تفيد بأنه كان يضرّ بملف انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية، قال الصفدي إن هذا القرار لا يضر حالياً بهذا الملف، علماً بأنه يؤيد «تحرير القطاع لتحقيق التنافس وخفض الأسعار عبر هذه الطريقة».

النتائج بعد رمضان

ولكن هذا القرار، وبحسب الصفدي نفسه، يحتاج تنفيذه إلى عدد أكبر من مراقبي حماية المستهلك الذين يبلغ عددهم نحو 40 مراقباً، ولذلك فإن نتائج القرار لن تبدأ بالظهور قبل نحو شهر أو اثنين على الأقل، غير أنه لفت إلى أن المواطن سيشعر بانخفاض الأسعار التي ستنسجم مع تراجع أسعار السلع عالمياً، ولا سيما انخفاض سعر المازوت لأنه يعني تراجعاً في كلفة النقل والأفران والتدفئة، وبالتالي ستنخفض كلفة الإنتاج عموماً بنسب معينة، واعداً المستهلكين بأن «الفروق بين الأسعار السابقة والحالية ستظهر خلال شهرين».
وقال رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية، جورج نصراوي، إن الكميات الموجودة في السوق المحليّة تحتاج إلى ما بين شهر أو اثنين لاستهلاكها ولتحل مكانها السلع الجديدة بالسعر الجديد. ولذلك، لن تحصل تغيرات في هذه المرحلة، إلا أنه أشار إلى وجود تنافس قوي بسبب تراجع كمية صادرات الصناعات الغذائية، ما «أغرق السوق ببعض السلع نظراً إلى ارتفاع كلفة تصديرها، وبالتالي ستتراجع أسعار مثل منتجات قطاع الحليب والدواجن واللحمة والسلع المعلّبة...»، مؤكداً أن مؤشرات بعض السلع مثل الزيوت والسمسم قد تتراجع في انتظار معرفة نتائج المحاصيل الزراعية التي ستبدأ بالظهور في مطلع الشهر المقبل، علماً بأن التوقعات تشير إلى تراجع يتراوح بين 7 و8 في المئة لهذه المواد الأولية.

حماية المستهلك

ويأمل الصفدي أن تتم زيادة عديد مصلحة حماية المستهلك في الوزارة من 40 مراقباً إلى 140 مراقباً حتى تتحسن القدرة على مراقبة الأسواق والسلع والغش... واعداً بأن ينعقد المجلس الوطني لحماية المستهلك الذي تم تعليقه منذ نحو سنة ونصف. وعلّق رئيس جمعية المستهلك في لبنان، الدكتور زهير برو، في اتصال مع «الأخبار» على القرارات التي أصدرها الصفدي في ما يتعلق بإعادة العمل بهوامش الأرباح التجارية، مشيراً إلى ترحيبه بهذا الأمر الذي ألغى «القرار المشؤوم للوزير السابق سامي حداد الذي حوّل السوق إلى إنفلات تام تحت شعار حرية السوق وانفلتت أسعار بعض السلع من عقالها بشكل كبير».
وقال برو إن الدراسة التي أجرتها الجمعية على هوامش الأرباح في السنتين الماضيتين تظهر وجود هامش في الربح يتراوح بين 100 في المئة و300 في المئة على بعض السلع منها العدس والزيوت و... موضحاً أن التطبيق الجدّي للقرار يجب أن يشمل العمل بما يتلاءم مع الحد الأدنى من مكافحة الغش والتلاعب بالأسعار، لافتاً إلى أنه ينتظر من الوزارة «أن تقوم فوراً بطلب كل أسعار استيراد السلع المعنية بهذا القرار من مديرية الجمارك لمعرفتها بشكل تفصيلي ومقارنتها بأسعار السوق التي تباع ليتم تحديد الهوامش بحسب القرار والتي يبلغ معدلها 27 في المئة للمستهلك».
وأعلن برو أنه سيقدم اقتراحاته حول سياسة الأسعار إلى المجلس الوطني لحماية المستهلك بعدما أعلن الصفدي انعقاده في خلال خمسة عشر يوماً، إذ إن عدد أعضائه يبلغ 15 عضواً، منهم 9 وزارات وهيئات مدنية ومتخصصة وبالتالي هو الإطار لمناقشة سياسة الأسعار في لبنان.


1739 رقم

الخطّ الساخن الذي وضعته وزارة الاقتصاد والتجارة لتلقّي شكاوى المستهلكين في مختلف المناطق اللبنانية والمتعلقة بالاشتباه بحالات غش أو ارتفاع غير طبيعي في أسعار السلع الغذائية للقيام بما يلزم لقمع المخالفين