لم تغب واشنطن عن القمة السوريّة ـــ الفرنسيّة في دمشق أمس. كان وجودها ظاهراً في التصريحات وكواليس اللقاءات، فالطرفان يبدوان بانتظار الإدارة الجديدة لتحديد توجه علاقتهما
دمشق ـ بسّام الطيارة
ترك اللقاء الأول بين الرئيسين السوري بشار الأسد والفرنسي نيكولا ساركوزي «طعم مرارة» لدى البعض نتيجة توقعات سبقت القمّة «زادت عن الواقعية»، بينما يرى آخرون أن الإعلان عن القمة الرباعية جاء ليسحب بريق اللقاء الثنائي.
وظهر ساركوزي في قمته مع الأسد كأنه يقوم بواجب «الوفاء بالتزامات قطعها على نفسه»، بينما بدا الأسد كأنه يحصّل ثمن مشاركته في قمة «الاتحاد من أجل المتوسط».
يتكلم الوفد الفرنسي عن «فك لعزلة سوريا خطوة خطوة»، بينما يعتمد الخطاب السوري على «تغيير في موازين القوى في المنطقة» مع التشديد على دينامية السياسة الجديدة لساركوزي، فيما يقول الفرنسيون إن «تقديم أفق لدمشق يمكن أن يقود إلى إخراجها من تحالفها مع إيران أو على الأقل تحييدها».
وتدفع هذه التحليلات المتناقضة والذاهبة في شتى الاتجاهات البعض للتساؤل عن «الأهداف المشتركة للبلدين»، وخصوصاً أن الطرفين يتحدثان لغتين للإشارة إلى نقاط اختلاف تبدو كأنها نقاط توافق. وبحسب أحد المصادر المقربة من الوفد الرئاسي الفرنسي، فإن لباريس أهدافاً متداخلة يمكن ألا تلتقي حالياً مع أهداف دمشق ولكنها تخدم بلا شك الاستقرار في جنوب البحر المتوسط. ويضيف أن من الضروري الإسراع في خطوات التقارب ما دام لفرنسا دور أوروبي طليعي ولإعطاء زخم لمفاوضات السلام غير المباشرة القائمة في تركيا، للحصول على دور الراعي عندما يحين وقت المفاوضات المباشرة «بمشاركة أميركا طبعاً».
أما في الشق السوري فإن التشديد على «الدور الفرنسي الهام» لا يعني، حسب مصدر سوري، «وضع كل الآمال في أوروبا» بل يهدف أيضاً إلى تحفيز الإدارة الأميركية الجديدة لتؤدّي «دور الراعي الصالح لا الراعي المنحاز».
من هنا يقفز طيف واشنطن من وراء الزيارة التاريخية لساركوزي، وترتسم في أفق آمال الطرفين السوري والفرنسي رغبة في توجيه إشارات إلى الإدارة الجديدة. فمن جهة تنتظر سوريا جدية الإدارة الجديدة في البحث عن «حل في المنطقة يمر عبر دمشق»، بينما ترى باريس في هذا التقارب إشارة أيضاً إلى ضرورة «عدم العودة إلى سياسة الأمر الواقع» مع الحلفاء ودلالة على أن «أوروبا الجديدة» تستطيع أن تؤدي دوراً.
وفي انتظار أن تسمع واشنطن الرسالتين، فإن ما يمكن أن تحصله كل عاصمة سيكون مكسباً لا ضير فيه. وكل تقدم في مسيرة المفاوضات يمكن أن يسجل لمصلحة العاصمتين. وإذا لم تتحرك الأمور، فإن الجمود في ظل الحوار أفضل من الجمود في ظل التوتر.