Strong>الأسد: وضع لبنان هش ساركوزي: إيران تجازف

إسرائيل تتحمل مسؤولية عرقلة المفاوضات التي كان يفترض تحولها إلى مباشرة في وقت قريب. رسالة وجهها الرئيس بشار الأسد إلى العالم عبر نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي بحضور الراعي التركي والأمير القطري

دمشق ــ الأخبار
جمعت القمة الرباعية، أمس، ملفات المنطقة والعالم على طاولة مستديرة في قصر الشعب في دمشق، إلا أن ملفي إيران والمفاوضات السورية ــــ الإسرائيلية كانا في مقدمة المناقشات. وبرز تحذيران أحدهما للرئيس السوري بشار الأسد من «هشاشة الوضع في شمال لبنان وخطر السلفية»، والثاني للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن إمكان أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران.
وكشف الأسد، خلال القمة الرباعية التي ضمت إلى ساركوزي، أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، عن «ورقة مبادئ» كان من المفترض التوصل إليها في الجولة الخامسة للمفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، التي تأجلت بسبب استقالة كبير المفاوضين الإسرائيليين، يورام طوروبفيتش.
وأشار الأسد إلى أن الجولات السابقة وصلت إلى مرحلة «حاسمة»، وكان «يفترض التوصل إلى ورقة مبادئ» بين الطرفين. وقال إن «هناك ورقة من ستّ نقاط أودعتها سوريا لدى تركيا، بانتظار الرد الإسرائيلي عليها، ومن ثم الرد السوري، على أن يتمّ الانتقال بعدها إلى المفاوضات المباشرة، بعد انتخاب إدارة أميركية جديدة مقتنعة بعملية السلام».
وأضاف الأسد «سننتظر مرحلة الانتخابات الإسرائيلية لكي نطمئن إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل سيستمر في الاتجاه نفسه وسيقبل بالانسحاب الكامل» من الأراضي السورية لتحقيق السلام. وأعرب عن تمنياته في أن يكون هناك دعم دولي للمسار الفلسطيني، وأن يكون هذا المسار «داعماًَ للمسار السوري لا معرقلاً».
وفي تعليق على الورقة، قال ساركوزي «إذا وافق الإسرائيليون على المبادىء وبدأت المفاوضات المباشرة ففرنسا بالطبع مستعدة لمساعدة المفاوضات المباشرة بالطرق الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والعسكرية».
وكشف الأسد أيضاً عن أنه تحدث إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان، خلال القمة التي عقدت بينهما في دمشق الشهر الماضي، عن ضرورة دخول لبنان مفاوضات السلام في مرحلة المفاوضات المباشرة. وقال إن الرئيس اللبناني «متفق معه على هذا الأمر».
وحذر الرئيس السوري من أن «الوضع في لبنان لا يزال هشاً، ونحن قلقون مما يحصل في الشمال في طرابلس». وقال إنه «أوضح لسليمان أنه لا يمكن حل المشكلة من دون حل مشكلة السلفية والتطرف»، اللذين اتهم دولاً لم يسمّها بدعمهما. وأوضح أنه «طالب سليمان بتعزيز قوات الجيش في شمال لبنان من أجل السيطرة على الوضع هناك».
وعن الاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا، أشار الأسد إلى أن ثمة إجراءات قانونية يجري العمل عليها حالياً، وأنه سيعيّن خلال أشهر سفراء بين البلدين.
وفي ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، قال الأسد إنه بحث الموضوع مع الرئيس الفرنسي، وأشار إلى أن البحث جارٍ عن حل سلمي لهذه القضية، وأنه سيتحدث مع الجانب الإيراني بناءً على ما جرت مناقشته خلال اللقاء مع ساركوزي.
وبالنسبة إلى الوضع في العراق، حذر الأسد من أن يكون موضوع كركوك «القنبلة التي ستفجر الوضع» بين العرب والأكراد، وبين السنة والشيعة بالنسبة إلى الفدرالية. ووصف الوضع العراقي بأنه «خطير». واقترح العمل من خلال الدول المجاورة للعراق، مثل السعودية والأردن والبحرين والأردن وغيرها، للمساعدة في دعم العملية السياسية فيه.
الأسد تطرّق أيضاً إلى النزاع الروسي ــــ الجورجي. وأكد دعم جهود الرئيس الفرنسي في هذا المجال، مشيراً إلى العلاقة الجيدة التي تربط ساركوزي بالرئيس الروسي ديمتري مدفيديف. وأمل التوصل إلى حل لهذه الأزمة «لأننا لا نريد حرباً باردة جديدة. ولأننا سنكون الساحة لهذه الحرب». وحذر من أن عودة الحرب الباردة «ستكون أسوأ» ما جرى في القرن العشرين.
من جهته، أعرب أمير قطر، في افتتاح القمة الرباعية، عن اعتقاده بإمكان إدخال تطوير في عملية السلام، من خلال توسيع الأطراف المشاركين في المفاوضات. ودعا اللبنانيين إلى التمسك باتفاق الدوحة. ورأى أن «علينا أن نبدأ في الجامعة العربية والمجتمع الدولي في التفكير في كيفية دعم عملية التنمية في لبنان».
أبرز ما جاء في كلام الرئيس الفرنسي خلال القمة الرباعية كان عن إيران. إذ رأى أن إيران «تجازف كثيراً عبر استمرارها في عملية الحصول على القدرة النووية العسكرية ـــ ونحن واثقون بذلك ـــ إذ يوماً ما ومهما كانت الحكومة الإسرائيلية، قد توجّه إسرائيل ضربة» إلى إيران». وأضاف «الأمر لا يتعلق بمعرفة ما إذا كان الأمر مشروعاً أو ذكياً أم لا. ماذا نفعل عندها؟ ستحل كارثة ويجب تجنب حلول هذه الكارثة».
وتابع ساركوزي «لتجنب هذه الكارثة، فإنّ الموقف الدولي يقضي بالقول: على إيران وقف تخصيب» اليورانيوم. وجدّد الإشارة إلى أن «في وسع سوريا أن تؤدّي دوراً مهماً لإقناع» إيران.
وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي أعقب القمّة، قال الأسد إن بلاده «تريد أن يتحقق السلام بين الشعوب وليس فقط بين المسؤولين والمفاوضين العرب والإسرائيليين وحكوماتهم»، فيما كان الرئيس الفرنسي حريصاً على إبعاد صفة المحور عن القمة الرباعية، فأشار إلى أن «اللقاء الرباعي لا يمنع من مشاركة أطراف أخرى مثل السعودية ومصر».
ورداً على سؤال عما إذا كان مجلس التعاون الخليجي يتبنى رأياً موحداً حيال إيران، قال أمير قطر إن «أياً من دول مجلس التعاون الخليجي ليس لديها مشكلة مع إيران باستثناء الإمارات، علماً بأن بين أبو ظبي وطهران أقوى علاقات اقتصادية».
إلى ذلك، أعلن أردوغان في دمشق أن جولة خامسة من المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل ستعقد يومي 18 و19 أيلول. وقال، لصحافيين، «حتى الآن، تتقدم هذه العملية في شكل إيجابي ... نعمل لتجري هذه المفاوضات في شكل جيد».