دمشق ــ الأخبار«قبل أشهر، لم يكن هناك من مواطن سوري واحد يتوقع أن يأتي إلى دمشق رئيس فرنسا»، قال أستاذ التاريخ فاضل، وهو يهمّ بركوب سيارة الأجرة متوجّهاً إلى منزله قبيل الإفطار.
في البداية، بدا فاضل غير مصدّق لتصريحات نيكولا ساركوزي الإيجابية عن التعاون السوري. هزّ رأسه متمتماً «كانت هناك دائماً حال من عدم الثقة بالغرب، لكن يبدو أن أموراً كثيرة تغيرت، وأن هناك شيئاً كبيراً يحدث في الكواليس وإلا ما جاءنا ساركوزي بكل هذه الحماسة».
إلا أن المصرفية هدى (36 عاماً)، عبّرت عن تفاؤلها بعودة العلاقات الطبيعية مع فرنسا، ورأت فيها «انتصاراً للدبلوماسية السورية»، التي اعتمدت دائماً على «الصبر مفتاحاً لفكّ العزلة». هدى كانت ولا تزال ترى أنّ «علاقتنا كسوريين مع فرنسا ليست كعلاقتنا مع الدول الأخرى وبالأخص أميركا»، معربة عن ارتياحها البالغ للانفتاح الفرنسي.
وتبرّر المواطنة تفاؤلها المستجدّ بالقول «ليس صحيحاً أنه كانت هناك حالة عدم ثقة بباريس، فالتوتر القديم طال فقط السنوات الثلاث الأخيرة من حكم جاك شيراك الذي شخصن العلاقات» بين البلدين بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وتذكّر هدى بأنّ السوريين لطالما كانوا أقرب إلى تقبّل الثقافة ونمط الحياة الفرنسية، وذلك بسبب «التداخل التاريخي وفترة الانتداب».
هنا تظهر علامات اطمئنان في كلام هدى، بما أنها كانت لا تشكّ «بعودة فرنسا يوماً ما، لأن بيننا الكثير من المصالح المشتركة».
بدوره، فإنّ عدنان، مدير قسم المبيعات في شركة خاصة، يشير إلى أنّ «المواطن السوري عموماً بات مرتاحاً لعودة العلاقات لما يعنيه ذلك من انتهاء مرحلة الضغوط الشديدة والتوجس من توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا»، بالرغم من أنّه يتوقّع أنّ سياسة الحروب الأميركية لن تنتهي «حتى لو تغيرت إدارة (الرئيس جورج) بوش».
وفي هذا الإطار، يلفت صحافي سوري إلى أن الصراع حول سوريا عاد، لكن بصيغة جديدة، وأنّ المرحلة المقبلة «ستشهد تهافتاً علينا من قبل الدول الأوروبية»، لكنه واثق من أنّ الدبلوماسية السورية ستحوّل هذا «التهافت»، لتكريس مكانتها ودورها الإقليميين.
عند ساحة الأمويين، زحمة سير هائلة. ولدى الاستفسار، يتّضح أنّ الأمر يعود إلى قطع الطرقات لكي يمرّ موكب الرئيس الفرنسي إلى المطار. ولدى استمزاج آراء السائقين، فإنّ غالبيتهم يؤكدون أنّ الزحمة «مرحومة» لأنه في المقابل، كسبنا كثيراً من الزيارة، فقد «ثبت بالدليل القاطع أننا كنا على حق»، وأن ساركوزي ليس أفضل من شيراك، فالكلّ تحركه المصالح.
لكنّ أحدهم تمنّى «لو كانت السعودية أو مصر حتّى بدل فرنسا، هي التي تعود علاقتنا طبيعية معها، لأن وحدة العرب تجعلهم أقوى».
وهل تتعارض العلاقة الجيدة مع فرنسا مع العلاقات العربية ــــ العربية؟ لم يملك السائق جواباً واضحاً، إلا أنه متأكّد من أهمية بقاء دمشق والرياض والقاهرة «في صف واحد»، لأن «افتراقهم سبّب الكثير من القلق، ومهما أظهرت لنا أوروبا من انفتاح، فهي مثل أميركا، لا يمكن لها أن تحبّ العرب».