Strong>حكومة تكنوقراط وانتخابات رئاسيّة وتشريعيّة مبكرة و«ضباط عرب» للأجهزة الأمنيّةأين أصبح الحوار الفلسطيني بعد أسبوعين على انطلاقته في القاهرة؟ وهل من بارقة أمل تشير إلى إمكان فتح كوة في جدار الانقسام الداخلي؟ هذا لسان حال الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهم يترقبون نتائج إيجابية. غير أن المعطيات الأوّليّة لا تبشّر بخير

حسام كنفاني
شارفت لقاءات الفصائل الفلسطينية مع المسؤولين المصريين على نهايتها. إذ كانت القاهرة في الأسبوعين الماضيين محجّة لمسؤولي الفصائل الذين تلقّوا دعوات للتشاور في شأن سبل الخروج من الانقسام الداخلي الفلسطيني. المشاورات الأوّلية في طريقها إلى الاختتام بعد سماع مدير الاستخبارات المصرية، اللواء عمر سليمان، ومساعديه لاقتراحات الفصائل.
الدور اقترب من الحركتين الأساسيتين المعنيتين بالانقسام الداخلي، أي «فتح» و«حماس»، رغم أن لا إشارات إلى الآن تدل على تلقّي الحركة الإسلامية دعوة للمشاركة في المشاورات، وهو ما يحرص مسؤولو «حماس» على ترداده في كل مناسبة، من دون أن ينسوا التقليل من أهمية ما يجري في القاهرة.
أما «فتح»، فقد لا تكون بحاجة إلى دعوة، ولا سيما أنها حاضرة دائماً في القاهرة، سواء عبر سفيرها، نبيل عمرو، أو الزيارات المتكرّرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي اطّلع من الرئيس المصري حسني مبارك على مجريات التشاور والنقاط التي خرجت بها الاستخبارات المصرية. وإضافة إلى هذا وذاك، فإن اقتراحات «فتح» ورؤيتها للحل، وصلتا إلى القاهرة على شكل رسالة من أبو مازن إلى مبارك.
الرسالة التي اطّلعت «الأخبار» على نصها الحرفي تشير إلى أن الحل، حسب ما يراه أبو مازن، يكون عبر «قيام حكومة توافق وطني، يتوافر فيها أولاً وأخيراً شرط إنهاء الحصار عن شعبنا، لا الوقوع فيه». ويضيف أن «الحكومة المنشودة ينبغي أن تكون حكومة كفاءات وطنية، لا حكومة فصائل، تقوم بالسهر على مصالح شعبنا، وإدارتها على أفضل وجه، إلى جانب تعاونها، وفق القوانين، مع لجنة الانتخابات المركزية، للإعداد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الجديدة». وتضيف الرسالة «ولكي يتحقق ذلك، فلا بد في المرحلة الأولى من وجود قوات عربية في قطاع غزة تتولى مساعدة الحكومة في إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس مهنية».
على هدي هذه «الرؤية» تسير حوارات القاهرة. إذ تؤكد مصادر مشاركة في الحوارات لـ«الأخبار» أن «المصريين يعملون الآن على إطلاق ورقة تكون خلاصة اللقاءات، وتتضمن ما اتفقت عليه غالبية المشاركين في اللقاءاتوتشير المصادر إلى أن هناك توافقاً شبه تام بين الفصائل، عدا حركة «حماس»، على «تأليف حكومة جديدة تكون بديلة من الحكومتين (إسماعيل هنية وسلام فياض)، وتكون مشكّلة من المستقلّين والتكنوقراط». وأضافت «مهمة الحكومة تكون تولّي إعادة ترتيب الوضع الداخلي والإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية في وقت واحد».
وأضافت المصادر أن الحوارات تتمحور حالياً حول نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالانتخابات وما إذا كانت ستكون ثلاثية، أي شاملة للمجلس الوطني إضافة إلى التشريعي والرئاسة، أو الاكتفاء بانتخابات ثنائية. النقطة الثانية هي القوات العربية التي تحدث عنها أبو مازن في رسالته، وتبنّاها بشكل غير مباشر وزير الخارجية المصري، أحمد ابو الغيط.
وأوضحت المصادر أن معارضة عربية تعترض هذه الفكرة، ولا سيما من السعوديين والأردنيين الذين يرون فيها «توريطاً للجامعة العربية»، إضافة إلى صعوبة تأليف مثل هذه القوات في ظل الخلافات العربية ـــ العربية التي تعوق أي تفاهم في هذا الخصوص. إلّا أن فكرة بديلة قيد التداول حاليّاً، وهي «ضباط عرب» يعملون على إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
إلا أن كل ما سبق لا يحظى بموافقة حركة «حماس»، الأمر الذي يؤشّر إلى ملامح فشل يهدّد الحوار الفلسطيني. فالحركة الإسلامية لا تزال مصرّة على رفض فكرة الحكومة البديلة والانتخابات التشريعية المبكرة، كما ترفض طاولة حوار شاملة تضم كل الفصائل الفلسطينية على قاعدة «أن الاتفاق يكون بين حماس وفتح أولاً، ثم يحظى بمباركة فلسطينية جامعة، على غرار اتفاق مكة». وتؤكّد المصادر أن هذا التوجه مرفوض من جانب المصريين والفصائل المشاركة كافة.
إضافة إلى ذلك، فإن الحركة الإسلامية تعبّر عن معارضة حتى لفكرة «الضباط العرب». وأشارت المصادر إلى أن «حماس» أبلغت الأطراف المعنية بأنها «قدمت نموذجاً في بناء المؤسسات»، في إشارة إلى رفضها المساعدة العربية التي يجب أن تكون في الضفة الغربية.
وبناءً عليه، تؤكّد المصادر أن «المصريين متشائمون» من إمكان الوصول إلى اتفاق في نهاية الحوار. ونقلت عن مسؤول رفيع المستوى في القاهرة قوله لأحد المشاركين في الحوارات الثنائية «نسعى إلى كشف الطرف الفلسطيني الذي سيعرقل الحوار». وتوقعت المصادر تأليف لجنة من المستقلّين الفلسطينيين، بمساعدة الجامعة العربية، لتحميل الطرف المعرقل، وهو في هذه الحالة «حماس»، مسؤولية فشل الوحدة الفلسطينية.