strong>دعا إلى تقاسم الأرض وسلام مع الفلسطينيين وسوريا لتغيير التوازن الإقليمي في ما يمكن اعتباره كلمة وداع، واستغلالاً لفرصة خروجه من رئاسة الحكومة الإسرائيلية قريباً، عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت من دون خوف من انفراط عقد الائتلاف الحكومي، عن رؤيته السياسية الفعلية تجاه التسوية مع الفلسطينيية

يحيى دبوق
رأى أيهود أولمرت، في ختام جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس، أن «رؤية أرض إسرائيل الكبرى قد ولّت إلى غير رجعة، وأن على إسرائيل أن تتجه إلى التسوية مع الفلسطينيين وتتقاسم الأرض معهم، وإلا فستتحول إلى دولة ثنائية القومية».
وأضاف أولمرت إنه «في كامب ديفيد (عام 2000) اعتقدت أن تنازلات (وزير الدفاع الإسرائيلي) إيهود باراك كان مبالغاً فيها، وكنت أؤمن بأن كل المساحة الواقعة بين نهر الأردن والبحر تعود إلينا، لكن في نهاية المطاف، وبعد فترة من الدراسة، توصلت إلى نتيجة بأن علينا تقاسم البلاد مع من يقيمون معنا، إذا كنا لا نريد دول ثنائية القومية» مع الفلسطينيين. وتابع «بعد أربعين عاماً على مرور حرب الأيام الستة، ما زلنا نطوّر ادعاءات طوال الوقت، تهدف إلى إفشال عملية التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين». وأشار أولمرت إلى أنه «بإمكاننا أن نثبت أننا كنا طوال الوقت أصحاب مبادرة وخلّاقين، بينما كان الطرف الآخر عنيداً، وأننا كنا ننتصر دوماً في النقاش، لكننا كنا نمضي بثقة نحو خسارة الأمر الأساسيوعن وجوب الدفع باتجاه المفاوضات مع الفلسطينيين، قال أولمرت إن «الأغلبية الساحقة من الجمهور الإسرائيلي تدرك أن الوقت لا يعمل في مصلحة إسرائيل، ولا يعود ذلك إلى أننا لسنا على حق، بل لأن للزمن عواقبه الخاصة، (وبالتالي) ينبغي دفع المفاوضات مع الفلسطينيين قدماً، وينبغي التوصل إلى سلام معهم ومع سوريا، من أجل تغيير التوازن الإقليمي، وإسرائيل عرفت في الماضي كيف تتخذ قرارات شجاعة، فهل علينا أن نفقد القدرة على فعل شيء ما من أجل تلة هنا أو تلة هناك؟».
وعن إخلاء مستوطنين من الضفة الغربية، قال اولمرت «أقول إن البحث في شأن الإخلاء والتعويض ينطوي على إشكالية، لكن علينا أن نتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين والسوريين، وإذا عرفنا كيف نصنع ذلك فستأتي دول عربية لتقيم معنا علاقات غير رسمية ولا تزال غير مستعدة للقيام بذلك علناً، وينبغي الاستمرار في دفع الإخلاء والتعويض وطرحه في المستقبل على جدول أعمال الحكومة».
ودان أولمرت اعتداءات المستوطنين على مواطنين فلسطينيين أول من أمس وتوعدهم بالعقاب. وقال إنه «في دولة إسرائيل، لن نسمح بتنفيذ اعتداءات ضد سكان غير يهود»، وإن «ظاهرة أخذ زمام القانون وأعمال الشغب العنيفة والوحشية هي ظاهرة لا يمكن تحمّلها وستجري معالجتها من جانب الجهات القانونية».
وجاء كلام أولمرت تعليقاً على قيام عشرات من مستوطنة «يتسهار»، القريبة من مدينة نابلس، بالاعتداء على المواطنين الفلسطينيين في بلدة عصيرة القبلية، وذلك بدعوى أن فلسطينياً طعن فتى من المستوطنة. وأصيب في هجمات المستوطنين ثمانية فلسطينيين على الأقل بجروح متوسطة.
وتأتي أقوال أولمرت في ختام جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية، التي ناقشت فيها مشروع قانون تقدم به الوزير حاييم رامون لإخلاء وتعويض مالي للمستوطنين اليهود، الذي يخلون أنفسهم طواعية، من مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
من جانبه، قال رامون إن «مشروع قانون الإخلاء والتعويض يقترح على كل عائلة تخلي نفسها طواعية من المستوطنات الواقعة شرق الجدار العازل، أن تحصل على مبلغ 1.1 مليون شيكل (نحو 305 آلاف دولار)، والمستوطنون الذين يرغبون بالانتقال للسكن في منطقة النقب (في جنوب إسرائيل)، سيحصلون على زيادة على مبلغ التعويض بنسبة 25 في المئة».
وبحسب رامون، فإن «11363 مستوطناًَ يمثّلون 18 في المئة من المستوطنين المرشحين للإخلاء، مستعدون لإخلاء أنفسهم فوراً»، مشيراً إلى أن «معظم المستوطنين خاضوا صراعاً من أجل أن يكونوا غرب الجدار (مع مستوطناتهم) لأنهم أدركوا أن هذا ما سيبقى تحت سيادة إسرائيل».
بدورها، قالت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني إنه «لا ينبغي اتخاذ قرار (بإخلاء وتعويض المستوطنين)، بل التفكير والتخطيط بما هو أهم وأجدر من ذلك، لأن التوقيت غير مناسب لاتخاذ قرار كهذا». وأضافت «إنّني مقتنعة بأن من المناسب تشجيع الاستيطان في النقب والجليل وعدم الاستيطان في مناطق هي محل خلاف».
وعلّلت ليفني رفضها اتخاذ قرار إخلاء المستوطنين بأنه «سيمس بقدرة اسرائيل على رسم الحدود في المسار الذي تريده (مستقبلاً)، كما أنه يمنعها من تعزيز الاستيطان، غربي الجدار العازل».
أما وزير النقل شاؤول موفاز، فطالب من جهته بعدم اتخاذ قرارات بشأن الإخلاء والتعويض للمستوطنين في الضفة الغربية، مشيراً إلى أن «الإخلاء من دون وجود بنية تحتية للاتفاق (مع الفلسطينيين)، سيؤدي إلى رفع سقف المطالب الفلسطينية، وسيتسبّب بأضرار» لإسرائيل.